بحضور سفير المملكة المغربية بتونس حسن طارق ونخبة من المفكرين والمثقفين والإعلاميين والفاعلين من كلا البلدين....وتمّ خلال اللقاء تقديم إصدار لسفارة المغرب المنشور تحت شعار « غبطة الجوار» وهو ثلاثة كتب تستعرض أهم الأحداث الثقافية والروحية التي تجمع بين تونس والمغرب وقد كُتبت بأقلام شخصيات فكرية وإعلامية وثقافية من البلدين، تنادت كل من موقعها ، لإبراز المستوى الإبداعي للعلاقات الفاعلة والوازنة بين الشعبين التونسي والمغربي .
تتخطى العلاقات بين تونس والمغرب المسافات والحدود ...فهي مجموعة من الروابط الثقافية والمجتمعية والتاريخية التي تُشّكل بنية صلبة لكل أفق للتعاون المشترك سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بحسب ما يؤكد السفير حسن طارق . وكان لا بد من تثمين هذا المشترك التاريخي والثقافي والفكري بكل تقاطعاته وتقاليده العريقة من خلال إصدار هذه السلسلة التي يعبّر من خلالها الكتاب المغربيون بشكل متقاطع عما تمثل لهم تونس في ذاكرتهم الثقافية ، ويعبّر من خلالها الكتاب التونسيون عما يخالجهم تجاه المغرب.
رصيد مشترك لا بد من توظيفه
ويعتبر السفير حسن طارق ان الحدود تتضاءل مقابل اتساع مساحات المشترك ، وتبدو الروابط بين النخب الثقافية التونسية والمغربية بمثابة علاقات عائلية حيث الوشائج التي تستند الى روحانية الطرق الصوفية او الى عقلانية المدارس الفلسفية المتحاورة . والى ريادة التجارب الروائية كذلك التقاليد المشتركة في المسرح والفن والتراث الابداعي بشكل عام وذلك في كلمته التي قدم خلالها للسلسلة .
من جهته، اعتبر المؤرخ عبد الجليل التميمي ان «قيمة الترابط الحضاري والمعرفي بين تونس والمغرب رصيد لا بد من توظيفه . ودعا الى انشاء جامعة تحمل اسمي تونس والمغرب في المملكة المغربية، وجامعة أخرى في تونس تحمل نفس الإسم لتعكسا متانة هذه العلاقات الفكرية والعلمية» . واكد التميمي بانه لا يكفي اليوم ان يكون للسفير دور سياسي روتيني وعادي كسائر السفراء بل أن له واجب مقدس لتفعيل العلاقات المغربية التونسية روحانيا وفكريا ومعرفيا . ودعا كافة السفراء العرب المعتمدين بتونس الى الاقتداء بالسفير المغربي «.
ونوه السفير طارق بدور المؤرخ التميمي مشيرا الى انه يعتبر أحد حراس الذاكرة المشتركة وأحد العلامات المضيئة التي تمنح الثقة بالمستقبل وتذكّر بالمرجعيات الأساسية والمنطلقات الأساسية التي تشكلت في لحظة من لحظات النضال الوطني الذي كان نضالا مشتركا».
وقال :» ان هذا الحلم المغاربي يجب ان نحرص على ابقائه حيا داخل الأفئدة ولدى مخيال الأجيال الجديدة . وتابع بالقول :» جزء من الرهان على الجوانب الثقافية والعلمية والفكرية هو الإبقاء على جذوة الحلم ، فاذا كانت هناك متغيرات في العلاقات الثنائية والعالم السياسي فالمؤكد ان الجوانب الثقافية والفكرية تشكل احدى الثوابت واحدى مناطق الثقل التي تمنح لهذه العلاقات الزخم الضروري «. وقال :« لا اعتبر هذا البيت مجرد مركز للدراسات انما هو بيت للذاكرة المشتركة وللبحث عن المستقبل المشترك».
واستعرض السفير جوانب عديدة مشتركة في الذاكرة التونسية المغربية على غرار التصوف الذي يمثل احدى فضاءات التلاقح التي طبعت العلاقات الثنائية في عمقها الروحي . وقال :» حاولنا البحث عن أثر التقاربات والسياسات ، وبدأنا بالفكرة الأولى وهي اصدار كتاب يضم شهادات لمثقفين مغاربة حول تونس وشهادات لمثقفين تونسيين حول المغرب ..وأضاف :« لاحقا توصلنا الى قناعة وذلك بعد جمع أكثر من 60 شهادة -لم تنشر جميعها وستنشر لاحقا- ، بأن الأمر يتعلق بشبكة من الصداقات، فالمشترك الثقافي هو مزيج الثقافات هذا النسيج الإنساني والاجتماعي الجميل الذي يربط مثقفين وسينمائيين من كلا البلدين». .
وأضاف :«نحن ومن خلال هذه السلسة نقف على الجذور المشتركة التي تربط كلا من التصوف المغربي والتصوف التونسي بالكثير من الوشائج المحبة «.
كما استعرض السفير أيضا المكانة التي تحظى بها بعض الشخصيات الفنية المغربية لدى التونسيين على غرار الفنانة المغربية نعيمة سميح معتبرا انها تحولت الى ما يشبه الأسطورة في تونس .
وقال ان الرهان اليوم -من خلال هذه السلسلة- هو حفظ الذاكرة والتوجه بالمستقبل بهذا النفس المغاربي الذي يقوم على المشتركات العامة خاصة عندما تكون ثقافية . وأضاف :» تجارب التحالفات والائتلافات في عالمنا اليوم بنيت على فكرة المصلحة وتقاسم المصلحة وذلك رغم الاختلافات الفكرية والدينية والاجتماعية، فماذا اذا كانت لدينا قاعدة صلبة من هذه المشتركات على مستوى التاريخ والفكر والمجتمع والحضارة» .
ودعا طارق جميع للباحثين والإعلاميين والفاعلين في المجتمع المدني الى الحفاظ على هذه الجذوة المغاربية من أجل الإبقاء على البعد المغاربي حاضرا. اما على مستوى العلاقات التعليمية بين تونس والمغرب فأكد على ضرورة توسيع برامج تبادل الطلاب بين الكليات والجامعات في كلا البلدين.
بين القيروان وفاس
العلاقة التاريخية بين القيروان وفاس لحظة فارقة تحتاج الى دراسات وبحوث مطولة، لان هاتين المدينتين تحولتا في لحظة من لحظات التاريخ الإسلامي الى مركزين مشعين . واكد السفير طارق :» وعندما نتحدث عن جامعة القرويين نذكر فاطمة الفهرية التي لم تقم بزيارة واحدة بل برحلات علمية توجت بتبادل فكري متواصل . وتحدث عن علماء قدموا من القيروان ليقطنوا فاس وبالمثل هناك علماء من فاس قدموا الى القيروان وظلوا فيها ، مضيفا بأن العلاّمة ابن خلدون وهو احد العلامات الكبرى لهذه العلاقة التي بدأت علميا بحثا عن الإنجازات العلمية وتحولت الى علاقات اجتماعية والى مصاهرات ما بين تونس والمغرب . وأضاف :» اشتغل العالم والفقيه التونسي الطاهر بن عاشور على جزء كبير من سجلات المؤرخين التونسيين لكي يبحث على أثر مدينة فاس الفكري والديني وذلك في دراسة مهمة نشرت تحت عنوان «فاس من خلال المخطوطات التونسية كتبت في بداية الستينات .
وقدم الحاضرون شهادتهم عن العلاقات الخاصة التي تربطهم بالمغرب ثقافيا وفكريا واجتماعيا وذلك من خلال تأثير شخصيات فكرية وثقافية وعلمية مغربية لعبت دورا كبيرا في تشكل الوعي العربي والمغربي في محطات مفصلية وهامة في تاريخنا الحديث على غرار محمد اركون و عبد الله العروي ومحمد عابد الجابري والمهدي المنجرة. وتغذت أجيال تونسية عديدة على رؤى وأفكار هؤلاء المبدعين والمفكرين والمؤرخين.
مؤسسة التميمي تحتفي بالذاكرة التونسية المغربية: سفير المملكة المغربية بتونس حسن طارق : يجب أن نحرص على إبقاء الحلم المغاربي حيّا لدى الأجيال الجديدة
- بقلم روعة قاسم
- 09:56 14/03/2022
- 784 عدد المشاهدات
في رحاب مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات... كان الموعد يوم أمس في لقاء صباحي لتوثيق الذاكرة المغربية التونسية،