المناورات البحرية بين «إسرائيل» ودول عربية: من «التطبيع» الدبلوماسي والاقتصادي الى «التحالف» العسكري ؟

يدخل التطبيع بين الكيان الإسرائيلي وبعض الدول العربية مرحلة جديدة مع الإعلان عن مناورات عسكرية بقيادة الأسطول البحري الأمريكي تشمل «إسرائيل»

إضافة الى دول عربية وذلك في منطقة البحر الأحمر .
ووفق القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية على حسابها بموقع «تويتر»، فإن «ستتم المناورات بمشاركة أكثر من 60 دولة ومنظمة من بينها الولايات المتحدة، والبحرين، والإمارات، وسلطنة عمان، والسعودية ومصر، بحيث تتواصل فعاليات النسخة السابعة من أضخم مناورات بحرية عسكرية بالشرق الأوسط (IMX/ce22)، باستخدام التكنولوجيا الحديثة، ويضم أكثر من 80 نظاما مسيرا وتستمر إلى 17 من فيفري.
مرحلة جديدة
جاء هذا الإعلان بعيد زيارة قام بها رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي الى الامارات وهي زيارة لا تعكس تطبيعا اقتصاديا او تجاريا او دبلوماسيا فحسب بل باتت أقرب الى حلف جديد -وأيا كانت أهدافه وعناوينه- فهو يشكل ضربة قاسية للحقوق الفلسطينية المغتصبة واعترافا كاملا بشرعية كيان محتل لأرض عربية .
المفارقة ان كل هذه التطورات في الملف التطبيعي بكل ما يحمله من خطورة على الأمن العربي والإقليمي من التغول الصهيوني ، تزامنت مع اتهام صريح وواضح صادر عن منظمة العفو الدولية بالإضافة الى منظمات حقوقية أخرى» يتهم «إسرائيل» بارتكاب جريمة «الفصل العنصري» ضد الفلسطينيين ومعاملتهم على أنهم «مجموعة عرقية أدنى»، بينما استبقت «إسرائيل» التقرير برفضه.
اذ جاء في تقرير «أمنستي» الذي نشر اول امس «ينبغي مساءلة السلطات الإسرائيلية على ارتكاب جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين».
وأضاف، وفق ما جاء في النسخة العربية، «إسرائيل تفرض نظام اضطهاد وهيمنة على الشعب الفلسطيني أينما تملك السيطرة على حقوقه. وهذا يشمل الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلاً عن اللاجئين النازحين في بلدان أخرى».
وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان ومقرها نيويورك اتهمت في افريل 2021 في تقرير لها «إسرائيل» بارتكاب «جريمتين ضد الإنسانية» عبر اتباعها لسياسة «الفصل العنصري» و«الاضطهاد» بحق عرب إسرائيل والفلسطينيين.
وأثار استخدام مصطلح «الفصل العنصري» غضب سلطات الاحتلال الإسرائيلية التي شجبت التقرير واعتبرته «منشورا عدائيا» غير متصل «بالحقائق والأرض». ونقل التقرير عن الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار «تقريرنا يكشف النطاق الفعلي لنظام الفصل العنصري في إسرائيل. سواء أكان الفلسطينيون يعيشون في غزة، أو في القدس الشرقية، أو الخليل، أو إسرائيل نفسها، فهم يُعامَلون كجماعة عرقية دونية ويُحرمون من حقوقهم على نحو ممنهج».
أية تداعيات وانعكاسات
واللافت اليوم وفي خضم سياسة المحاور الإقليمية بأن انصاف الحق الفلسطيني بات يأتي من الخارج ومن كبرى المنظمات الحقوقية العالمية والغربية في حين ان عديد الدول العربية تهرول لنسج أفضل العلاقات مع كيان محتل ومغتصب ويمارس أبشع المجازر حتى اليوم بحق الشعوب العربية لا فقط الشعب الفلسطيني . فبصمات جرائمه لا تزال موجودة في سوريا ولبنان وفي تونس في عدوان حمام الشط وغيرها من الدول العربية . فما تداعيات هذا التطبيع « العسكري» على كل هذه القضايا الإنسانية العادلة؟
ويعتبر الكاتب الفلسطيني عابد الزريعي مدير مركز دراسات أرض فلسطين للتنمية والانتماء بان المناورات البحرية التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية في البحر الأحمر بمشاركة اكثر من 7 دول عربية الى جانب اسرائيل قد جرى الترتيب لها قبل زيارة رئيس الكيان الصهيوني الى الامارات بمدة طويلة، ومن المؤكد -ايضا- انه كان على علم مسبق بها، وأعطى موافقته بحكم موقعه على المشاركة فيها. ويضيف محدثنا :»اما تصريحه في اليوم الثاني للزيارة والذي دعا فيه الى توسيع التطبيع وتعميم اتفاقيات ابراهام وبناء علاقات جديدة في المنطقة، فلم يكن أكثر من آلية للربط بين المؤكدين، في سياق الدخول العملي في تأسيس تحالف قوى التطبيع مع الكيان الصهيوني، على قاعدة التسليم بهيمنته على المنطقة. وغالبا ماتكون لمثل هذه اللحظات أثمانها، سواء أتبدّى ذلك على المستوى الرمزي او المستوى العملي او من خلال تداخل الاثنين معا..» وأضاف: «اختيار البحر الاحمر كميدان للمناورة، بكل مايرتبط بهذا الموضوع من حسابات مستقبلية تتعلق بالقارة الافريقية ساحة الصراع الكبير القادمة والممرات الاستراتيجية الملاصقة.» اعلان اسرائيل بانها لن تبيع مضادات جوية للامارات، وفتح الباب لفكرة ان يتم بيعها على ان تكون غرف التحكم في تل ابيب، وهي فكرة ستعمم على السعودية لاحقا. كآلية ربط عسكري دفع الامارات الى استثمار 10 مليار دولار في «اسرائيل» في ربط اقتصادي ومالي.
واعتبر الزريعي ان دعوة رئيس الكيان الى توسيع التطبيع من الامارات ، جاءت بعد تحركات امريكية في هذا الاتجاه، بما يعنيه ذلك من تكليفها بالقيام بهذا الدور، وبما يعنيه ذلك من القيام بعمليات استدراج وضغوط على دول محددة تمرّ بظروف اقتصادية صعبة.على حد قوله.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115