بالتزامن مع الذكرى السنوية الثانية لمقتل سليماني: العراق بين صعوبات تشكيل الحكومة و تحديات المشهد الأمني

استهدف صاروخ متطور الصنع قاعدة عسكرية عراقية تضمّ قوات أمريكية بالقرب من مطار العاصمة بغداد ،

وهو أحدث استهداف في خضم سلسلة مستمرة من الهجمات التي تطال القواعد العسكرية العراقية والأجنبية في البلاد وذلك في استفزاز واضح وصارخ للواقع الأمني الصعب في العراق . إذ سبق ان تعهدت الحكومة العراقية بتأمين كل المرافق والمنشآت الحسّاسة على أراضيها بما فيها مقرّات البعثات الدبلوماسية على أراضيها والتي يتمّ استهدافها بشكل متكرّر .

وقالت مصادر أمنية وعسكرية عراقية إنّ صاروخا من نوع «كاتيوشا» أصاب قاعدة عسكريّة عراقيّة تستضيف قوّات أمريكيّة بالقرب من مطار بغداد الدولي أمس الأربعاء.وذكر بيان للجيش العراقي «عثرت القوّات الأمنيّة على منصّة لإطلاق الصواريخ عليها صاروخ» في حيّ الجهاد غرب بغداد.
وعلى غرار المشهد الأمني المضطرب يشهد العراق مسارا سياسيا صعبا على طريق تشكيل الحكومة ، خصوصا بعد الجدل القائم حول نتائج الإنتخابات البرلمانية الأخيرة والتي خلّفت تشرذما حادّا صلب البرلمان ممّا زاد من صعوبة التوافق بين مختلف الكتل السياسيّة المعنيّة بتشكيل الحكومة.
يشار إلى أنّ المشهد الأمني العراقي يعيش منذ سنوات على وقع تهديدات إرهابية وأمنية متعددة ، إلاّ أنّ مراقبين اعتبروا المرحلة الراهنة مرحلة صعبة وستشهد بشكل متوقع مزيدا من هذه الهجمات خاصّة في ظل مغادرة القوات الأمريكية تباعا للعراق بعد الغزو عام 2003 وبالتزامن مع الذكرى السنوية الثانية لمقتل القائد العسكري الإيراني البارز قاسم سليماني في العراق في غارة أمريكية.

ولئن لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عن الهجمات الأخيرة، إلا أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تتهم بشكل صريح إيران بالوقوف وراء هذه الهجمات المدبرة.

ويعد هجوم يوم أمس الثاني في هذا الأسبوع الذي يستهدف القاعدة الواقعة بالقرب من مطار بغداد الدولي بعد إحباط هجوم بطائرتين مسيرتين يوم الاثنين وفق ماتناقلته وسائل إعلام . كما أسقطت الدفاعات الجوية العراقية طائرتين مسيرتين ملغومتين لدى اقترابهما من قاعدة عيد الأسد التي تستضيف كذلك قوات أمريكية وتقع غربي بغداد. وقٌتل سليماني في 3 جانفي 2020 في هجوم بطائرة مسيرة قرب مطار بغداد أمر به الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت دونالد ترامب.

هذا وقد مثّل مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني نقطة مفصلية في الصراع بين إيران والولايات المتحدة وزاد من التوتر الذي تعيشه المنطقة منذ أعوام . وسليماني هو موفد إيران إلى العراق وسوريا ولبنان. وكان رسميا نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي يشكل جزءا من القوات العراقية. ويبدو جليا اليومأن الجمهورية الإسلامية تدرس وفق مراقبين على المدى البعيد خيارات الرد ولا يمكن استبعاد حدوث المواجهة العسكرية ضد واشنطن من خلال ضرب قواتها المتواجدة في الشرق الأوسط، ولكن السؤال المطروح أساسا يتعلق بتوقيت ومدى حجم الرد وتداعياته على الوضع الأمني والسياسي في العراق والمنطقة ، وهو ما يجعل القوات الأمريكية وحلفاءها في المنطقة على استعداد واستنفار دائمين.

ولا يخفى على أحد أن إيران باتت اليوم رقما صعبا في المعادلة في الشرق الأوسط وتمتلك عديد وسائل الرد وأوراق الضغط على واشنطن عسكري وسياسيا خصوصا بعد الإنسحاب الأمريكي من العراق .

استنفار مستمر
وتعيد الهجمات التي تستهدف قوات أمريكية ودبلوماسيين في العراق التهديدات الأمنية التي تواجهها القوات الأجنبية في بغداد إلى واجهة اهتمامات الولايات المتحدة الأمريكية وإدارة البيت الأبيض بقيادة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، وذلك في إطار الحرب غير المباشرة بين واشنطن من جهة وأذرع طهران من جهة أخرى على الساحة العراقية.

يشار إلى أن هذا الهجوم ليس الأول الذي يستهدف مقرات أجنبية دبلوماسية (سفارات) أو قواعد عسكرية أجنبية في العراق وتأتي الهجمات لتزيد من تأجيج حدة التوتر بين إدارة البيت الابيض برئاسة جو بايدن والجانب الإيراني المتهم بالتصعيد والاستفزاز بعد قيامه بخطوات إضافية في برنامجه لتخصيب اليورانيوم رغم التحذيرات الدولية وذلك في ظل تعطل مفاوضات تقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية بالاتفاق النووي المثير للجدل. وقد شهدت المنطقة الخضراء في العراق. -والتي تضم مقرات السفارات الأجنبية ومقرها العاصمة بغداد-هجمات مماثلة اتهمت فيها طهران أيضا وسط اتهامات من واشنطن التي تعتبر ذلك ردا على اغتيال العالم النووي فخري زاده ومن قبله الجنرال قاسم سليماني.
ويواجه العراق منذ عقود طويلة تحديات عدة لعل أهمها محاولاته النأي بنفسه عن الصراع الإقليمي بين دول الجوار ومساعيه للحياد في صراع النفوذ الدائر بين أطراف إقليمية ودولية ، وهو ما عجزت عنه حكومات بغداد المتعاقبة بشهادة أغلب صناع الرأي باعتبار أنها أصبحت ساحة للحرب بين الجانب الأمريكي والجانب الإيراني .إذ بالإضافة إلى تأثيرات الغزو الأمريكي عام 2003 تواجه الحكومة العراقية توترا في العلاقات مع واشنطن على علاقة بالحضور والنفوذ الإيرانيين في المشهد السياسي العراقي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115