السودان أمام مرحلة صعبة: تنحي حمدوك يعيد البلاد إلى سيناريو الفوضى.. دعوات دولية إلى التوافق

أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك عن استقالته يوم أمس الأول الأحد بعد الفشل في التوصل إلى توافق بين الفرقاء بما شأنه تسهيل

مواجهة تحديات المرحلة الحساسة التي يمر بها السودان ودفع المرحلة الانتقالية المتعطلة منذ فترة طويلة . وأثارت الإستقالة التي كانت متوقّعة بعد الإنقلاب الأخير ردود أفعال متباينة على الصعيدين الداخلي والخارجي خصوصا وأن السودان يعيش مرحلة من عدم اليقين واللاستقرار على امتداد السنوات الأخيرة التي كانت حافلة بالإنقلابات .

وقد حثت الولايات المتحدة زعماء السودان على ضمان استمرار الحكم المدني وإنهاء العنف ضد المحتجين بعد استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مما أدى إلى تفاقم الغموض الذي يكتنف العملية الانتقالية صوب الانتخابات.وقال مكتب الشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية الأمريكيّة على تويتر «بعد استقالة رئيس الوزراء حمدوك، يتعين على الزعماء السودانيين تنحية الخلافات جانبا والتوصل إلى توافق وضمان استمرار الحكم المدني».

كما واجهت الحكومة بقيادة رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، وضعا داخليا صعبا خاصة وأنها كانت تعاني منذ توليها -عقب الإطاحة بحكومة عمر البشير التي أسقطها الحراك الشعبي- اختبارات صعبة في عدة مجالات داخلية وأخرى خارجية .

وكانت المظاهرات الاختبار الأصعب أمام حكومة حمدوك كذلك الاحتجاجات الاجتماعية المتصاعدة التي رفعت مطالب بالتغيير ومحاربة الفساد والبطالة والفقر المدقع وغيرها من المطالب المعيشية ، إلاّ أنّ حالة الانقسام صلب الحكومة في حد ذاتها والتشرذم الكبير أديا الى مزيد تدهور المشهد ودخول البلاد مجددا في مستنقع الإنقلابات العسكرية . يشار إلى أن حكومة حمدوك تولت المسؤولية بعد الإطاحة بعمر البشير بعد 16 أسبوعا من المظاهرات الشعبية التي توسعت رقعتها وقد تتزايد وتيرتها مع ظهور موجة رفض كبير لأي دور سياسي قد يلعبه الجيش السوداني .

ويأتي تنحي عبد الله حمدوك عن منصبه كرئيس لوزراء السودان وفق مراقبين بسبب عجز حكومته عن إرساء آلية تفاوض وحوار جاد مع القادة العسكريين وسط صراع محتدم على قيادة البلاد . وقد سُمّي حمدوك رئيسا للحكومة في أوت 2019 إثر اتفاق على تقاسم السلطة بين الجيش وائتلاف قوى الحرية والتغيير الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أدت الى سقوط عمر البشير بعد ثلاثين عاما من حكم السودان بقبضة من حديد.
إلا أن حمدوك عرف نكسة أولى في 25 أكتوبر مع الانقلاب الذي شهده السودان، عندما حضر جنود إلى منزله واقتادوه إلى الفريق أول عبد الفتاح البرهان.ووضع حمدوك يومها قيد الإقامة الجبرية وهو قرار شمل السواد الأعظم من المسؤولين المدنيين في السلطة الانتقالية التي كان من المفترض أن تتولى الحكم حتى تنظيم انتخابات عام 2023.

وعقب ذلك جاء المبعوث الأمريكي إلى القرن الإفريقي جيفري فيلتمان في الخرطوم، مشددا على ضرورة استكمال العملية الانتقالية نحو حكم مدني في البلاد التي حكمها عسكريون بشكل شبه متواصل منذ استقلالها في 1956.بعد شهر على ذلك في 21 نوفمبر، خرج رئيس الوزراء الذي وصل إلى الحكم بفضل دعم مؤيدي تسليم الحكم إلى المدنيين، من الإقامة الجبرية واستعاد منصبه بموجب اتفاق ابرمه مع عبد الفتاح البرهان. في المقابل، أكد حمدوك أنه أراد «حقن دماء السودانيين»بسبب القمع الذي أودى بحياة 56 شخصا منذ الانقلاب، وعدم تبديد مكتسبات الثورة.

اضطرابات مستمرة
وتعيش البلاد تاريخا طويلا من الإنقلابات العسكرية التي منعت السودان من تجاوز الواقع القاتم والمرير الذي يعيشه منذ عقود طويلة .وأثار أحدث انقلاب شهده السودان في أكتوبر المنقضي ردود أفعال داخلية متباينة وغضبا دوليا ودعوة إلى ضرورة العودة إلى المسار السياسي تفاديا للفوضى وانعدام الأمن في السودان.

ويرى مراقبون أنّ استقالة حمدوك -في حد ذاتها- تعيد البلاد إلى مربع الفراغ السياسي وتزيد من مخاوف تحوّل السودان إلى ساحة لصراعات جديدة قد يغذيها تضارب السياسات الداخلية وتباين المواقف بين مختلف مكونات المشهد السياسي الداخلي، إذ بات الغموض يكتنف مستقبل هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها السودان. بالإضافة إلى المعضلات الداخلية يحذر متابعون من تنامي الدور الخارجي الذي يواجهه السودان الذي بات في مرمى مطامع أطراف خارجية لعدة اعتبارات نظرا للأهميّة الاقتصاديّة والإستراتيجية التي يتمتع بها السودان. وخلف التغيير في رأس السلطة السودانية تباينا في ردود الفعل الدولية والإقليمية التي دعمت في أغلبها الانتقال الديمقراطي والسلمي للسلطة في السودان ، إلاّ أنّ حالة الإنقسام الحادة صلب السلطة في حد ذاتها كانت من بين أسباب هذا المشهد القاتم في السودان.

وقبل إنقلاب أكتوبر أعلنت السلطات السودانيّة عن إفشالها لمحاولة إنقلابيّة في سبتمبر المنقضي وقامت بعمليات اعتقال وإيقافات بالجملة طالت ضباطا كبارا ومسؤولين في الدولة .وتأتي هذه المحاولات الإنقلابية وقت يعيش فيه السودان وضعا سياسيا واقتصاديّا صعبا، وذلك بعد عامين من الإطاحة بنظام عمر البشير إثر إحتجاجات شعبية عارمة أفرزت حكومة انتقالية تضم مدنيين وعسكريين.

وقد ارتفعت الأصوات المنادية على الصعيدين المحلي والدولي بضرورة توحيد الجيش في السودان ووضع مؤسساته الاقتصادية تحت إشراف المدنيين وسط مخاوف من تجدّد الخلافات داخل المؤسسة العسكرية .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115