لبنان: خلافات سياسية حادة قد تقوّض عودة التفاوض مع النقد الدولي

يعرف لبنان في هذه الآونة فترة تجاذبات داخلية وأخرى خارجية حادة على علاقة بمساعي حكومة نجيب ميقاتي للتوصل إلى حلول على المديين القريب

والبعيد لإنقاذ البلاد وإعادة عجلة الاقتصاد إلى الدوران بعد حالة الركود التي دخلها بلد الأرز في السنوات الأخيرة . ولئن يرى البعض أنّ تحقيق تقدم ملموس في المشهد السياسي والاقتصادي اللبناني يحتاج الى تكاتف الفرقاء اللبنانيين وضرورة تجاوز الإنقسام، يرى البعض الآخر أن تحقيق مثل هذا التغيّر يحتاج الى سنوات طويلة نظرا للوضع الصعب والحسّاس الذي يقف على حافته لبنان .

من جهته قال الرئيس اللبناني ميشال عون إنّ لبنان بحاجة إلى 6 أو 7 سنوات للخروج من الأزمة. وقال عون في مقابلة تلفزيونية «لبنان بحاجة إلى ست أو سبع سنوات للخروج من الأزمة التي يعاني منها».وكان الاقتصاد اللبناني قد انهار في عام 2019 وزادت حدّة الأزمة قبل أكثر من عام بالتزامن مع التداعيات الخطيرة لانفجار مرفإ بيروت وماتلاه من خسائر بشرية ومادية ضخمة وهي أزمة وصفت بأنها أسوأ أزمة واجهتها بيروت منذ الحرب الأهلية التي دارت بين 1975 و1990. كما أعلن رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، عن عزمه تذليل العقبات لإعادة جمع الشمل الحكومي، وذلك في تهنئة بالأعياد تقدم بها إلى البنانيين.وقال ميقاتي» إننا عازمون على تذليل كل العقبات لإعادة جمع الشمل الحكومي واستكمال الخطوات التي بدأنا القيام بها لوضع لبنان على سكة التعافي والإنقاذ»، بحسب بيان صادر عن الموقع الرسمي لميقاتي.
يشار إلى أنّ المشهد الراهن في لبنان يعاني إلى حد اليوم من صعوبات عدة أولها الفشل في عقد مجلس وزاري منذ 12 أكتوبر الماضي نتيجة خلافات بين الأحزاب حول مايعرف بقضية انفجار مرفإ بيروت ، وما عقبه من انقسام بين وزراء «حركة أمل» و «حزب الله» حول المشاركة في جلسات الحكومة وما يمكن أن ينجر عن ذلك من موقف الحكومة تجاه القاضي المتعهد بالقضية .

بالتزامن مع هذه المصاعب التي تواجهها حكومة ميقاتي على الصعيد الداخلي يعمل لبنان على ضرورة كسب دعم دولي يبدأ بإرساء آلية تفاوض ناجعة، وذلك بعد فشله في وقت سابق في الجلوس إلى طاولة التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي نتيجة الخلافات والإنقسام بين مكونات المشهد السياسي اللبناني ومؤسسات البلاد المالية.
ويقف لبنان اليوم أمام مفترق طرق خطير على كافة الأصعدة مع عجز رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي عن تشكيل فريقه الحكومي، وذلك في وقت تتزايد فيه الخلافات والانقسامات الداخلية بين مختلف مكوّنات المشهد السياسي اللبناني.

تفاوض صعب
في شهر أكتوبر قالت وزارة المالية اللبنانية إنها استأنفت التواصل مع صندوق النقد الدولي بهدف الاتفاق على برنامج التعافي الذي يدعمه الصندوق، لتمهيد الطريق أمام الحصول على دعم مالي دولي كبير ينقذ لبنان.
ولئن أعلنت الحكومة اللبنانية عن استئناف المباحثات مع صندوق النقد الدولي لضمان حصول لبنان على الدعم المالي الذي يحتاجه لإنهاء الأزمة المالية والاقتصادية ، تتصدر الشكوك المشهد الراهن علما وأنّ أسباب الفشل الأول في المفاوضات لازالت مستمرة وسط فشل في عقد اجتماع وزاري منذ أكتوبر المنقضي.

ويرى مراقبون أن الخلافات المتجذرة في المشهد السياسي اللبناني هي نفسها التي تؤجل في كل مرة التوصل إلى اتفاق بين الحكومة اللبنانية والمؤسسات المالية الدولية التي تشترط التزامات وتوافقا سياسيا داخليا يبدو أنه صعب ، رغم الجهود المبذولة من ميقاتي أو على صعيد الدعم الدولي والضغط المُمارس على الفرقاء في لبنان للتكاتف والتوافق.

ويواجه لبنان أخطر أزمة اقتصادية في تاريخه ومع يرافق ذلك من انهيار مالي ومعيشي وارتفاع معدلات الفقر، وشح الوقود والأدوية وفقدان السلع الأساسية من الأسواق بالإضافة إلى انهيار الليرة اللبنانية وزيادة التضخم وارتفاع البطالة ومساهمتها في مزيد تدهور المشهد اللبناني وسط ركود اقتصادي امتد لسنوات وصعوبات جمة تواجه رئيس الحكومة الجديد نجيب ميقاتي كما زادت العراقيل والخلافات في المشهد السياسي التي تواجه حكومة ميقاتي من صعوبة إنقاذ البلاد من الإنهيار.ويرى مراقبون أنّ المواطن اللبناني مقبل على مرحلة جديدة لم يمر بها منذ عقود على علاقة بقدرته الشرائية وأسلوب عيشه والخدمات المعتادة من سفر وسياحة وغذاء وغيرها من العادات التي ستتأثر كما سيتأثر الواقع الاجتماعي المرتبط بالمتغيرات الاقتصادية والمالية الصعبة في لبنان. ويواجه ميقاتي عددا لا يستهان به من الملفات الحارقة أهمّها الأزمة الاقتصادية الخانقة وهي الأزمة الأشد منذ عقود طويلة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115