أيّة سيناريوهات تنتظر الليبيين بعد تأجيل الانتخابات ؟

لم يكن مفاجئا الإعلان ان يقع في ليبيا عن تأجيل الانتخابات التي كان مزمعا إجراؤها أمس الجمعة الذي يصادف الذكرى الـ70 لعيد استقلال البلاد.

وقد كانت كل المؤشرات تؤكد على حصول هذه الفرضية في بلد باتت سمته الرئيسية عدم الاستقرار والتقلبات السياسية والتنازع العسكري في ظل سطوة الميليشيات والتدخلات الخارجية طيلة العشرية الأخيرة .
ومن المقرّر أنّ يعقد مجلس النواب الليبي جلسة رسمية يوم الاثنين القادم في طبرق لبحث تداعيات تأجيل الانتخابات الرئاسية ومناقشة تقرير اللجنة البرلمانية التي كلفت بالتواصل مع المفوضية العليا للانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء لبحث الخلل الذي صاحب العملية الانتخابية من النواحي القانونية . ومن المقرّر أن يتم خلال الجلسة تدارس طلب المفوضية تأجيل الانتخابات بشهر حتى 24 ديسمبر المقبل . كما أنّ المجلس كلف لجنة برلمانية من عشرة نواب لوضع مشروع خارطة طريق للمرحلة المقبلة.

عراقيل وصعوبات
وقد كشفت عدة مصادر ليبية لوسائل إعلام محلية عن وجود عدة سيناريوهات محتملة قد تخرج بها الجلسة المقبلة من بينها تكليف حكومة جديدة أو إجراء تعديل وزاري على الحكومة الحالية واستمرار تكليفها بتصريف الأعمال.
والمعلوم أنّ عراقيل وصعوبات عديدة حالت دون إجراء الانتخابات في موعدها ولعل أهمها الجانبان الأمني والعسكري خاصة بعد أن شهدت البلاد حوادث أمنية في بعض المراكز الانتخابية في غرب ليبيا.
كما حاصر مسلحون مقر محكمة سبها لأيام قبل السماح لها بالعمل مجددا، لجعلها تقبل طعن سيف الاسلام القذافي المرشح المثير للجدل المطلوب دوليا والمحكوم محلياً، حول قرار استبعاده من قبل مفوضية الانتخابات وإعادته إلى السباق الرئاسي.
ومن أهم أسباب عرقلة الانتخابات الخلاف بشأن الأساس القانوني للاقتراع، وتضارب المصالح وبعض الثغرات في وساطة الأمم المتحدة، .إذ أنّ قانون الانتخابات نفسه لا يحظى بتوافق سياسي علاوة على وجود أسماء مترشحة أثارت جدلا واسعا من بينها خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي.
ويعّد تأجيل الانتخابات فشلا جديدا للأمم المتحدة التي ترعى العملية السياسية في ليبيا والتي نظمت عديد المؤتمرات التي فشلت كلها في تحقيق الاستقرار الذي طال انتظاره في هذا البلد .

غموض سياسي
وتسود اليوم في ليبيا خيبة أمل كبرى بسبب تأجيل الانتخابات الرئاسية كما توجد مخاوف حول فرضية عودة الحرب بعد عام ونصف من التهدئة خاصة في ظل الخلافات والانقسامات بشأن الأسماء المترشحة للرئاسة .
وقد طالبت المستشارة الأممية الخاصة لدى ليبيا ستيفاني وليامز، بألا تؤدي التحديات الراهنة المتعلقة بالعملية الانتخابية في البلاد، إلى تقويض الاستقرار الذي جرى إحرازه في الأشهر الماضية.
وقد أبدت استعدادها «للعمل مع المؤسسات الليبية المعنية ومجموعة واسعة من الأطراف المعنية لمواجهة هذه التحديات من خلال المساعي الحميدة وجهود الوساطة».

وأضافت: «يجب إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الظروف المناسبة، مع ضرورة ضمان تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين لإنهاء الانتقال السياسي سلمياً ونقل السلطة إلى مؤسسات منتخبة ديمقراطياً».
ودعت المستشارة «المؤسسات ذات الصلة وجميع الجهات السياسية الفاعلة إلى التركيز على العملية الانتخابية وتهيئة الظروف السياسية والأمنية لضمان إجراء انتخابات شاملة وحرة ونزيهة وسلمية ذات مصداقية تحظى نتيجتها بقبول جميع الأطراف».
من جهته قال رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، إن بلاده لن تتهاون وحول تاريخ استقلالها بإرادة موحدة في القرار والمصير.

وأوضح المنفي: «لن نتهاون أو نستكين حتى نعيد تاريخ استقلال ليبيا بإرادة موحدة، وحصول عهد جديد واحد في الإرادة والإدارة والإقليم والأقنوم والقرار والمصير». وأضاف: «لا مساس بوحدة الشعب، وسيادته، ولا تهاون في ذلك ولا تفريط».
ويرى المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل في حديثه لـ«المغرب» أن إجراء انتخابات دون رؤية واضحة ودون ضمان لتقبل نتائجها من قبل الفرقاء الليبيين لن يغير من المشهد الليبي شيئا، بل يمكن ان يؤزّم الوضع أكثر مع احتمال لجوء كل طرف إلى القوة العسكرية لفرض نفسه كأمر واقع جديد . لذلك فان تأجيل الانتخابات في الوقت الراهن أفضل الخيارات المتاحة لكي لا تقع ليبيا في المحظور وفي حرب شعواء جديدة بين الأسماء المرشحة للرئاسة وداعميها الداخليين والخارجيين .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115