العراق ... إلى أين تشير بوصلة التحالفات السياسية بعد الانتخابات؟

جاسم البديوي كاتب عراقي

أسدل الستار عن الانتخابات العراقية منذ أشهر لكن لا يبدو أنه سيحصل إعلان قريب عن الحكومة الجديدة. ما الذي يجري؟ الأكيد ليس

هناك إعلان عن تحالفات أصلًا. لا أحد يعرف كيف ولماذا والى متى؟ هناك مشهد سياسي أمام عدسات الإعلاميين يظهر للعيان، اجتماعات وتصريحات وشد وجذب. لكن لاشيء ملموس. هناك مراوحة فقط لا تذهب بنا إلى أي اتجاه.
إذن فلنعد المشهد معًا ولنر ؛ انتخابات بنسب إقبال باهتة، فائزون وخاسرون، الأغلبية الشيعية أو لنقل رئاسة الوزراء، صدريون وإطاريون (من الإطار التنسيقي) ابتهاج واحتجاج، محاكم، إعادة فرز بعض الأصوات، لا تغيير معتبر في النتائج، احتجاج ومحاكم، تأجيل، محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إنكارات واتهامات، مشاورات، حوار طرشان، بيانات متناقضة بين المتشاورين، حكومة قح، حكومة بح، حكومة مشاركة، حكومة أغلبية ، حكومة يقودها صدري (قح) لكنها أمرا بين أمرين، حكومة «آه، حكومة آه ونص، زعل السيد، رضا السيد، صبر السيد، نفذ صبر السيد»…. بالنسبة للسنة أو لنقل رئاسة البرلمان، لدينا الحلبوسي والخنجر، نحتفظ أو نتحفظ، نجدّد أم نغير؟ وليمة أم اجتماع؟ ثريد أم مثرودة؟ لمن تقرع الأجراس؟ كل شيءٍ هادئ في الضفة الغربية.أبو مازن العراقي، الزعيم الأوحد، اجتماع شقة أربيل، مشعان الجبوري، تقدم، عزم، عزم ، تقدم، تقدم وعزم، عزم وتقدم. أما الأكراد، أو لنقل رئاسة الجمهورية، فالجميع يعلمون أن تغييرا في الأشكال سوف يطرأ، ما لم يحدث شيء، وهو ما يحدث الآن، أعني أنّ لا شيء يحدث.
أقول أنّها لعبة، لاعبوها يراهنون ويرتهنون إلى استراتيجيّات الضغط ونفاذ الصبر وفقدان التركيز، وربما الابتزاز لم لا؟ ولكي نعيد الغطاء على ما كان عليه، والستر فضيلة، نقول أنّ اللاعبين الكبار مازالوا في أوج نشاطهم، لم يتعب أحد سوى أنتم ونحن. والجماهير العريضة هنا وهناك.
النظام السياسي الحالي في العراق له قدرة مدهشة على المناورات والمماطلات وإفراغ الأشياء من محتواها، فقد يخلق شيئا يبدو مفاجئا وجديدًا ومباركًا، لكنه سرعان ما يكتشف بعد برهة انه مستوى جديد من مستويات اللعبة. اللاعبون هم أنفسهم، والسياقات ذاتها، والتداولات نفسها.
بقي أنّ نقول أنه رغم أنّ لعبة الصبر ونفاذ الصبر تلك تعتمد على الوقت، إلاّ أنّ الوقت ليس مهمًا فيها. ولكي لا يكون حديثنا لغزا لاسيما على القارئ غير العراقي، فأننا نقول أنّ مصالح اللاعبين الكبار هي الأهمّ، ولا قيمة للوقت، بقدر ما يرتبط بالمصالح نفسها. لدينا، من جهة رجال الدين الأقوياء الهادئين الذين لا يريدون تكدير صفو السلم الأهلي. من جهة أخرى، لدينا الأمريكان المرتاحون، للاستقرار النسبي، بوجود الكاظمي، وإبقاء الأمور على حالها.
ولكن لدينا الإيرانيون الذين يدفعون بإتجاه الضغط لرحيل الأمريكان ، لكنهم يدركون أنّ أي تدخل ( مباشر) سيأتي بنتائج عكسية، سيما بعد خسارة إطارهم المدجج بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة. ولدينا شيوخ الخليج المتوجسين من لعب إيراني خشن، خاصة بوجود بايدن، الذي لا يحلّ ولا يربط، وليس لديه في إعادة إثارة النزاع في المنطقة ناقة ولا جمل.
هناك احتمال يقع الحديث حوله بخصوص فرضية إعادة الانتخابات أقول أنها أضغاث أحلام، تكلفة الانتخابات باهضة، والمجتمع الدولي ليس لديه وقت ولا الاستعداد لذلك. لقد قالت مبعوثة الأمم المتحدة بلاسخارت ،ذلك عندما قالت للخاسرين أنهم دخلوا الانتخابات بعدتهم القديمة، التي لم تتوافق مع طريقة نظام الانتخابات ( الجديد). في حين فهم الصدريون اللعبة هذه المرة واستعدوا لها، ففازوا وخسرتم، وعلى الله العوض ومنه العوض.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115