الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية . ويأتي هذا الإعلان بعد أشهر من إعلان الانسحاب التدريجي للقوات الأجنبية من بغداد بموجب اتفاق بين الجانبين ، على أن يقتصر دورها على التدريب والإستشارة والدعم اللوجستي وسط تباين في المواقف داخليا وخارجيا بخصوص مآلات هذه الخطوة وتأثيراتها على المدى القريب والبعيد.
وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، في تغريدة له: «اليوم أنهينا جولة الحوار الأخيرة مع التحالف الدولي والتي بدأناها في العام الماضي، لنعلن رسميا انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف وانسحابها من العراق».وأوضح أن «العلاقة مع التحالف الدولي ستستمر في مجال التدريب والاستشارة والتمكين».وفي 26 جويلية الماضي، اتفقت بغداد وواشنطن على انسحاب جميع القوات الأمريكية المقاتلة من العراق بحلول نهاية العام الجاري 2021.
ويرى متابعون أنّ المشهد الراهن وتطوّرات سحب القوات الأمريكية -خاصة- سيجعل المنطقة على شفا متغيرات قريبة على علاقة بالصراعات الإقليمية والدولية الراهنة. وقادت واشنطن، منذ عام 2014، تحالفا دوليا ضد «داعش» في الجارتين العراق وسوريا وقد تولى مهمة تقديم الدعم اللوجستي والاستخباري والجوي للقوات العراقية في عملياتها العسكرية ضد التنظيم الإرهابي.
واتفق الجانبان العراقي والأمريكي في شهر جويلية المنقضي في ختام الجولة الرابعة من الحوار الإستراتيجي، على انسحاب القوات الأمريكية المقاتلة من البلاد في نهاية العام الجاري 2021 وذلك بعد سلسلة من الحوارات الإستراتيجية بين البلدين امتدت على سنوات. ويأتي الإنسحاب الأمريكي من العراق بعد عقود من الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 .
واتفق الجانبان على انتقال العلاقة الأمنية بين البلدين « بالكامل إلى المشورة والتدريب والتعاون الاستخباري، ولن يكون هناك أي وجود لقوات قتالية أمريكية في العراق بحلول 31 ديسمبر 2021»، وفق بيانات رسمية من البلدين . وقد انتهت الجولة الرابعة والأخيرة للحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية والتي بدأت منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، بهذا الإتفاق الذي لاقى ترحيبا كبيرا من الداخل وفي الإقليم خاصة من الجانب الإيراني الذي طالما دعا إلى ضرورة طرد القوات الأجنبية في العراق .
ولئن واجه الحوار الذي انعقد بين الطرفين انتقادات وحملة من التشكيك في نتائجه على المديين القريب والبعيد.إلا أن الترحيب رافق الإعلان الرسمي عن انتهاء المهمة القتالية للتحالف الدولي، في وقت تواجه فيه العلاقات بين بغداد وواشنطن تحديات عدة على علاقة بملف الإرهاب وانسحاب القوات الأمريكية المتمركزة في البلاد منذ عام 2003 بعد الإطاحة بنظام صدام حسين وفي علاقة بما يتعلق بموضوع حماية البعثات الدبلوماسية الموجودة في العراق (المنطقة الخضراء) من الهجمات الصاروخية. والصراع الدائر على أراضيها بين وأمريكا ووكلاء وحلفاء إيران في الداخل العراقي.
يشار إلى أنه منذ 2014، تقود واشنطن تحالفا دوليا لمكافحة «داعش»، الذي استحوذ على ثلث مساحة العراق آنذاك، حيث ينتشر نحو 3000 جندي للتحالف، بينهم 2500 أمريكي.
تداعيات مرتقبة
وأثار الإعلان عن الخروج الرسمي للقوات الأجنبية ردود أفعال مرحبة بالأساس بهذه الخطوة حيث أبدى مسؤولون عراقيون وقوى سياسية مؤثرة في المشهد العراقي ترحيبهم بما تم التوصل إليه .
يشار إلى أّن العراق أكد منذ فيفري 2020 على بدء الولايات المتحدة الأمريكية سحب قواتها من 15 قاعدة عسكرية متواجدة على الأراضي العراقية وذلك إثر تصويت جريء قام به مجلس النواب العراقي في شهر جانفي 2020 صادق خلاله على قرار نيابي يتضمن إلزام الحكومة العراقية بإلغاء طلب المساعدة المقدم منها إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم ‘’داعش’’ الإرهابي، وإلزام الحكومة العراقية بإنهاء تواجد أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية. ويأتي هذا التأكيد الرسمي العراقي بانتهاء الإنسحاب الأمريكي موفى العام الجاري ، مع العلم أنّ البرلمان أعلن يوم 5 جانفي 2020 التصويت بالأغلبيّة على قرار يطالب الحكومة بإنهاء تواجد أي قوّات أجنبيّة على الأراضي العراقية وذلك على خلفية الغارة التي نفذها البنتاغون في العراق واستهدفت الرجل الثاني في إيران الجنرال قاسم سليماني وعددا من قادة الحشد الشعبي العراقي ماخلّف غضبا محليا وإقليميا حادا.
وقد وضعت التطورات العسكرية التي شهدتها المنطقة العربية منذ استهداف أمريكا للجنرال سليماني وردّ إيران بقصف قاعدتين عسكريتين في العراق، هذه التطورات العراق أمام خيارات محدودة أولهما السير قدما في قرار إخراج القوات الأجنبية وتحمل مايترتّب عن ذلك من نتائج، أو حصر دور القوات الأجنبية في تدريب القوات الأمنية العراقية ومساعدتها على ملاحقة «الدواعش» وذلك يتم بالعودة إلى قرار سبق طرحه أمام البرلمان العراقي وينصّ على ذلك.
ورغم أنّ الحكومة العراقيّة ذهبت إلى الخيار الأول رغم ما قد يترتب عنه من تنفيذ أمريكا لتهديداتها بفرض عقوبات قاسية على العراق ، يرى البعض أنّ هذا القرار يضع العراق في مسار جديد لإعادة ترتيب بيته الداخلي والخارجي والنأي بنفسه عن التجاذبات الخارجية وحماية سيادته من الانتهاكات المتكررة.
يشار إلى أنّ عدد الجنود الأمريكيين المتواجدين على الأراضي العراقية وصل إلى 170 ألفا، قبل الانسحاب نهاية عام 2011، وبقي بعد الاتفاق أعداد متواضعة، تقدر بنحو 5 آلاف جندي أمريكي في قواعد عسكرية بأرجاء العراق، ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي ويضمّ عسكريين من مختلف الجنسيات أغلبهم أمريكيون .