الكاتب والمحلل السياسي مصطفى طوسة لـ«المغرب»: «جولة ماكرون في الخليج تحمل عناوين اقتصادية وسياسة هامة للدبلوماسية الفرنسية»

• «استغلال فرنسا بطريقة ذكية للتراجع النسبي للدور الأمريكي في الشرق الأوسط»
قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الطوسة في حوار لـ«المغرب» أنّ الجولة الفرنسية في الخليج بدأت بنجاح كبير واختراق دبلوماسي وعسكري

غير مسبوق مع توقيع صفقة أسلحة «رافال» وكانت غير مسبوقة مع الإمارات العربية المتحدة. وأضاف أنّ فرنسا تسعى إلى دعم نفوذها في المنطقة وفرض نفسها كشريك ووسيط ناجح في وقت يتراجع فيه الدور الأمريكي هناك .
• لو تقدمون لنا قراءة في الجولة التي يقوم بها الرئيس الأمريكي إيمانويل ماكرون في الشرق الأوسط ؟
تحمل الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للخليج عناوين اقتصادية و سياسة في غاية الأهمية بالنسبة للدبلوماسية الفرنسية. فالجولة الفرنسية في الخليج بدأت بنجاح كبير واختراق دبلوماسي وعسكري غير مسبوق مع توقيع صفقة أسلحة ‘’رافال’’ غير مسبوقة مع الإمارات العربية المتحدة، ويعد هذا وفق الفرنسيين إنجازا كبيرا لدبلوماسيتهم ولحضورهم ولمصداقية صناعتهم الحربية .
وقد بدأت الجولة كما قال أحد المسؤولين الإماراتيين بهدية هي هذه الصفقة العملاقة، كما سيكون هناك حوار دبلوماسي كبير بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والزعماء الخليجيين في قطر وفي السعودية أو الإمارات . أما على المستوى السياسي فان اللقاءات التي سيجريها ايمانويل ماكرون مع القيادات السعودية والقطرية والإماراتية ستطغى عليها ثلاث ملفات ملتهبة سياسيا .
هناك مواضيع سيتم التركيز عليها بزخم كبير، أولها الملف الإيراني إذ لا ننسى أنّ الجولة السابعة من المفاوضات حول النووي الإيراني انتهت في فيينا دون تحقيق أي اختراق ويترقب الكل موقف الدول الأوروبية في حال وصلت المفاوضات إلى باب مسدود في حال لم يتم تحقيق أي تقدم . فهل ان هذه الدول مستعدة للدخول في منطق عقوبات اقتصادية صارمة. هل يمكن أن تنخرط في مقاربة عسكرية لمعالجة الملف النووي الإيراني؟ هذا الموضوع مهم بالنسبة للأوروبين وللخليجيين. الموضوع الثاني هو ليبيا التي تقترب اليوم من انتخابات مرتقبة ترافقها تساؤلات هل ستنعقد في موعدها؟ أم سيتم تأجيلها ؟ وهل ستساهم في إرساء السلم والأمن في البلاد؟ هل ستكون عاملا إضافيا لإثارة الفوضى والتوتر بين اللاعبين الليبيين ؟ ويعول ماكرون يعول كثيرا على الدور الخليجي في الأزمة الليبية من أجل محاولة إقناع الفرقاء الليبيين للانخراط في العملية السياسية سليما ومن ثمة إنتاج سلطة مركزية تساهم في محاربة الهجرة السرية وفي مواجهة الميليشيات المسلحة الإرهابية .
• يرى مراقبون أنّ ماكرون سيقوم بوساطة بين الخليجين ولبنان ،هل ستنجح هذه الوساطة برأيكم ؟
هذا الملف مهم وهو الوساطة الفرنسية بين الدول الخليجية ولبنان ، فقد سبق اللقاء الذي جمع ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان استقالة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي لكن التساؤل المطروح هو هل هذه الاستقالة كافية لتعيد الأجواء إلى طبيعتها بين الطرفين . هناك شكوك حتى لدى الفرنسيين أنه من الصعب أن يتمّ معالجة الخلاف بين الخليج ولبنان باستقالة قرداحي فقط .
الخليج يطالب لبنان بمنع هيمنة حزب الله الموالي لطهران على مفاصل الدولة وعلى قرارات الدولة اللبنانية هل هذا يمكن تحقيقه في المستقبل القريب لأن هناك شكوك كبيرة في هذا الإطار .
• كيف ترون الدور الفرنسي في المنطقة وهل تسعى باريس لاستعادة نفوذها هناك؟
فرنسا تستغل بطريقة ذكية التراجع النسبي للدور الأمريكي في المنطقة هناك حديث عن سحب القوات من العراق عدم الاهتمام الكافي من جانب أمريكا بهذه المنطقة والخليج ليُبيّن لدول المنطقة بأنه موجود وقادر على لعب دور وسيط وقادر أيضا على جلب شركات فرنسية ورؤوس أموال للاستثمار في المنطقة .لا ننسى أيضا ما حدث مؤخرا عندما شارك ماكرون في قمة فرنسية عراقية خليجية في بغداد كان الحدث الأساسي بعث رسالة قوية للخليجين بأنه يمكن التعويل على فرنسا ويمكن التعويل من خلفها على الدول الأوروبية بدل النفوذ الأمريكي التقليدي .
• كيف واجه ماكرون انتقادات بعض المنظمات الحقوقية في فرنسا حول زيارته للسعودية ولقائه مع ولي العهد السعودي ؟
الصورة الأكثر أهمية اليوم هي التي ستجمع ماكرون بولي العهد السعودي محمد بن سلمان خاصة وأنّ الرئيس الأمريكي جو بايدن يرفض لقاء بن سلمان أو زيارته إلى واشنطن، وهناك شبه قطيعة من الإدارة الأمريكية لولي العهد السعودي بسبب قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي الذي قتل في قنصلية السعودية في تركيا .
ويبدو أنه ماكرون تجاوز كل هذه القضايا وسيقف في هذه الصورة مع بن سلمان رغم انه فرنسا موضع انتقادات حادة من جمعيات حقوقية لكن في بعض الأوساط الأخرى تعتبر ذلك سياسة واقعية تدافع أولا وقبل كل شي عن مصالح الدولة الفرنسية . هناك أيضا أبعاد داخلية لهذه الجولة خاصة وان ماكرون مقبل على انتخابات لذلك سيستغل ذلك لكسب دعم داخلي أمام منافسيه عبر ورقة الاقتصاد والصفقات العملاقة وورقة الدفاع عن المصالح الفرنسية في الخارج ، وهي رسائل قد يستغلها الناخب الفرنسي بطريقة إيجابية .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115