على حد سواء وسط دعوات متزايدة للحفاظ على موعد الإنتخابات المتوافق عليه وهو 24 ديسمبر المقبل . ولئن ساد الإنقسام والخلاف بين الفرقاء الليبيين فقد أجمعت الأطراف الدوليّة على ضرورة عدم تقويض الجهود الأممية والدولية في سبيل إرساء السلام في ليبيا قبل ثلاثة أشهر من موعد إجراء الانتخابات.
وأعادت الخلافات الأخيرة المشهد الليبي إلى نقطة الصفر خاصة بعد التوتّرات الأخيرة بين مؤسسات الحكم في ليبيا وأهمّها الإنقسام السائد بين البرلمان من جهة وحكومة الوحدة من جهة أخرى ، خاصة في ما يتعلق بالصلاحيات ومشاريع القوانين الانتخابية .
وقد صدرت أول ردود الفعل عن المجلس الأعلى للدولة الذي ندد بالقرار واعتبره باطلا نظرا لمخالفة إجراءاته للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، فيما قالت البعثة الأممية بليبيا، إن حكومة الدبيبة تظلّ معها الشرعيّة، حتى استبدالها عبر عملية منتظمة تعقب الانتخابات. ودعا رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في تصريح له أمام أنصاره’’ أن إقالته ‘’غير مقبولة’’، وتعهد بعدم مغادرة منصبه حتى إجراء انتخابات ‘’حرة ونزيهة’’، معتبراً أن ما حدث ‘’عبث واستهزاء’’ بالشعب الليبي.
وأضاف الدبيبة ‘’مجلس النواب سيسقط حتما، ولن يكون ممثلا لليبيين طالما هو بهذه الصورة’’. وأبلغ مناصريه أن ‘’الشرعية للشعب الليبي وحده دون سواه، وهو الذي يقرّر وليسوا المعطلين الذين لا يريدون إلا الحرب والدمار لهذا الوطن’’.
مواقف دولية
وفي سياق ردود الأفعال الدوليّة الداعمة لحكومة الدبيبة أكدت واشنطن على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا في موعدها المقرر في 24 ديسمبر المقبل.جاء ذلك في بيان أصدره نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية. وذكر البيان أن «وزير الخارجية أنتوني بلينكن أكد على دعم الولايات المتحدة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا في 24 ديسمبر وحث القادة الليبيين على اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان انتخابات حرة ونزيهة على النحو الذي حددته خارطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي، بما في ذلك الحاجة إلى اتفاق بشأن إطار دستوري وقانوني».
وشدد الوزير الأمريكي على «دعم الولايات المتحدة للتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في أكتوبر 2020 ، بما في ذلك خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة على النحو المطلوب في قرار مجلس الأمن رقم 2570 ‘’.
من جهة أخرى وفي سياق المواقف الصادرة عن الأطراف الدولية التقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان رئيس المجلس الرئاسي الليبي مع محمد المنفي في مدينة نيويورك الأمريكية. وقد جرى اللقاء بعيدًا عن عدسات الصحافة وقد حضره من الجانب التركي، وزير الدفاع، خلوصي أكار ووزير الثقافة والسياحة، محمد نوري أرصوي، إلى جانب بن علي يلدريم، وكيل رئيس حزب العدالة والتنمية، الحاكم في البلاد.
وقال وزراء خارجية ألمانيا وإيطاليا وفرنسا،إن إحلال الاستقرار في ليبيا يتطلب إجراء الانتخابات في موعدها، وانسحاب المرتزقة من البلاد، وتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة فيها.جاء ذلك في تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الألماني «هايكو ماس» للصحفيين عقب اجتماع وزاري حضره وزراء خارجية الدول الأربع، بمقر البعثة الألمانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة.وقال «ماس» إن وزراء الخارجية أكدوا خلال الاجتماع على 3 قضايا رئيسية لإحلال الاستقرار والسلام في ليبيا.
حفتر والانتخابات
في الأثناء أثار قرار المشير خليفة حفتر قائد «الجيش الوطني الليبي» تعليق مهامه العسكرية رسميا، تمهيدا لترشح مرجح للانتخابات الرئاسية المقررة في ديسمبر في ليبيا ، الكثير من الجدل على الصعيدين الداخلي والخارجي في خطوة اعتبرها البعض تكريسا لمزيد الإنقسام والتفرد بالحكم في بلد يسير بصعوبة نحو تكريس نظام ديمقراطي يتيح عودة عمل دواليب الدولة بصفة عادية.
وقد أعلن حفتر عن تعيين خليفة له مؤقتا حتى 24 ديسمبر وهو الفريق أول عبد الرزاق الناظوري ، في قرار تلا ‘’إقرار قانون انتخابي أثار جدلا، يتيح له الترشح ثم تولي منصبه العسكري مجددا في حال عدم انتخابه». يشار إلى أن هذا القانون الإنتخابي المثير للجدل أقره البرلمان الذي يترأسه عقيلة صالح حليف حفتر دون أن يطرحه للتصويت أمام النواب مما مازاد من الخلافات صلب هذه المؤسسة في حد ذاتها كذلك على الصعيد المحلي في ليبيا .
واعتبر متابعون للمشهد الليبي أنّ تعليق مهام حفتر إعلان غير رسمي عن نيته الترشح للرئاسة ،وهو ما يُثير انقساما حادا لا فقط في داخل ليبيا بل على الصعيد الدولي .ويثير ترشّح حفتر للإنتخابات مخاوف وتوجسا من نتائجها وتداعياتها على ليبيا وعلى دول الإقليم وعلى الصعيد الدولي في ظل حرب النفوذ والتحالفات التي تشهدها الأراضي الليبية منذ سنوات طويلة .