وسط آمال بإنفراج الأزمة الخانقة: تشكيل حكومة جديدة في لبنان بعد عام من التجاذبات السياسية

مثّل إعلان الرئاسة اللبنانية أمس الجمعة تشكيل حكومة جديدة في لبنان برئاسة نجيب ميقاتي، نقطة ضوء وسط الأزمة الخانقة التي يعاني منها

بلد الأرز منذ أكثر من عام . وكانت الانقسامات والتجاذبات السياسية الحادة والوضع الإقتصادي والإجتماعي المتدهور أهم الصفات التي ميزت السنوات المنقضية في لبنان وقد زادها الفراغ السياسي ضبابية وتشرذما .

وأوردت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي «وقّعا مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة في حضور رئيس مجلس النواب نبيه بري».وأعرب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي عن أمله في وقف انهيار الأوضاع في لبنان وإعادة الرخاء للبلاد.وفي كلمة له بعد توقيع مرسوم مع الرئيس ميشال عون لتشكيل حكومة جديدة، قال ميقاتي إن الوضع في البلاد «صعب كثيرا»، مضيفا أنه لم تبق احتياطيات للدعم وعلى الجميع أنّ «يشدوا الأحزمة». وتلا أمين عام مجلس الوزراء محمد مكية مرسوم تشكيل الحكومة التي تكونت من «24 وزيرا جلهم لم يخوضوا غمار السياسة من قبل، لكن عددا منهم معروف بنجاحه في مجالات اقتصادية وطبية وثقافية وإعلامية’’. رغم أن جلهم لا ينتمون إلى أي تيار سياسي علنا، لكن سمتهم أحزاب وقادة سياسيون بارزون، مما يجعلهم محسوبين على هؤلاء، وفق محللين وسياسيين.

التركيبة الحكومية
وضمّت التشكيلة الحكومية الجديدة، نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة وسعاده الشامي كنائب له.وجرى تعيين عبدالله بو حبيب وزيرا للخارجية، وعباس الحلبي وزيرا للتربية والتعليم العالي، وجورج القرداحي وزيرا للإعلام، وهنري خوري وزيرا للعدل، ثم بسام مولوي وزيرا للداخلية.
كما عين جورج كلاس وزيرا للشباب والرياضة، وموريس سليم وزيرا للدفاع الوطني، وعصام شرف الدين وزيرا للمهجرين، ويوسف خليل وزيرا للمالية.وجرى اختيار نجلا رياشي لمنصب وزير دولة لشؤون التنمية الإدارية، وهيكتور الحجار وزيرا للشؤون الاجتماعية، وفراس أبيض وزيرا للصحة، ووليد فياض وزيرا للطاقة.
وفي وقت تزايدت فيه الخلافات والانقسامات الداخلية بين مختلف مكوّنات المشهد السياسي اللبناني ، جاءت خطوة الإعلان عن الحكومة لتحمل آمالا على الصعيدين السياسي والشعبي على حد سواء . إذ يعاني لبنان منذ سنوات واقعا اقتصاديا حرجا وقد زاد الشغور الحكومي المستمر منذ أكثر من سنة في مزيد عرقلة عمل مؤسسات الدولة ومجابهة المعضلات الاقتصادية الاجتماعية والصحية.

آمال وانتظارات
وأدى الجدل والخلافات بين مختلف أطياف المشهد السياسي اللبناني إلى إستقالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قبل الإعلان عن تركيبته الحكومية، وعلى رأس ذلك الخلاف بين مؤسستي رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية على علاقة بالشخصيات المقترحة في التشكيل الحكومي آنذاك وأدت في النهاية إلى اعتذار الحريري عن التكليف. وعاد الحديث آنذاك عن خلافات بين رئيس الحكومة ورئاسة الجمهورية إلا أن الرئيس اللبناني ميشال عون أكد على «تمسكه أكثر من غيره باحترام الأصول الدستورية» لتشكيل الحكومات في البلاد، وقال إنه لا يريد ‘’الثلث الضامن’’ بالحكومة المقبلة.و’’الثلث الضامن’’ أو ‘’المعطل’’ يعني حصول ‘’فصيل سياسي’’ على ثلث عدد الحقائب الوزارية في الحكومة، مما يسمح له بالتحكم في قراراتها وتعطيل انعقاد اجتماعاتها.

ويرى مراقبون أن الخلافات المتجذرة في المشهد السياسي اللبناني هي نفسها التي كانت تؤجل في كل مرة الإعلان عن تشكيل حكومي جديد رغم الجهود المبذولة من ميقاتي أو على صعيد الدعم الدولي والضغط المُمارس على الفرقاء في لبنان للتسريع بتشكيل الحكومة خاصة من الجانب الفرنسي ، إذ تؤكد تقارير إعلامية أن الضغط الذي مارسه الإليزيه مؤخرا كان من بين أسباب الإعلان عن الحكومة الجديدة .

وبحسب متابعين يُعدّ الخلاف حول توزيع الحقائب الوزارية خاصة منها وزارات السيادة منبع الصدام الدائم في ملف تشكيل الحكومة اللبنانية ‘ذ على الرغم من أن ميقاتي كُلف برئاسة الحكومة منذ جويلية إلاّ أن تقارير إعلامية تؤكد أنّ أصل الخلاف حول المناصب كان من بين أسباب التعثر الدائم في الإعلان عن الحكومة.

وساهم تعطل تشكيل الحكومة في مزيد تدهور الوضع الإجتماعي والاقتصادي المتدهور ، في أسوأ وأخطر أزمة اقتصادية يعيشها بلد الأرز منذ عام 2019 ومارافق ذلك من انهيار مالي ومعيشي وارتفاع معدلات الفقر، وشح الوقود والأدوية وفقدان السلع الأساسية. من الأسواقولئن ساهم انهيار الليرة اللبنانية وزيادة التضخم وارتفاع البطالة في مزيد تدهور المشهد اللبناني وسط ركود اقتصادي امتد لسنوات وسط صعوبات جمة تواجه رئيس الحكومة الجديد نجيب ميقاتي.ويرى مراقبون أنّ المواطن اللبناني مقبل على مرحلة جديدة لم يمر بها منذ عقود على علاقة بقدرته الشرائية وأسلوب عيشه والخدمات المعتادة من سفر وسياحة وغذاء وغيرها من العادات التي ستتأثر كما سيتأثر الواقع الاجتماعي المرتبط بالمتغيرات الاقتصادية والمالية الصعبة في لبنان. ويواجه ميقاتي عددا لا يستهان به من الملفات الحارقة أهمّها الأزمة الاقتصادية الخانقة وهي الأزمة الأشد منذ عقود طويلة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115