منبر: في «درعا» السورية.... سقط الرهان

هناك من لا يريد أن تقوم للدولة قائمة، بوجود قوى ليس من مصلحتها وجود حكومة قوية وجيش مسيطر وموحد، فكلما أشعلت ناراً للفتنة

ثم خمدت أشعلت فتنة أخرى، تخمد في منطقة فتشعل في منطقة أخرى، وأحياناً يتزامن إشعال الأوضاع في أكثر من محافظة لخلق أكبر حالة من الإرباك للشعب السوري، وأصبح الوطن لا يحتمل مزيداً من الإضطرابات المتكررة التي ترعب الجميع، وتغير موازين القوى.
بعد فشل المساعي لإنهاء الصراع الدائر في سوريا، اتضح بشكل جلي أنّ الحل لن يخرج إلا من رحم الأرض السورية، ولن يتحقق إلا على أيدي السوريين وحدهم وبإرادتهم فقط، من خلال المصالحات الوطنية وحوار السوريين، سيما أن المصالحة قد أثمرت بعض النتائج في بعض المناطق السورية، ولم يكن السوريون في أيّ وقت من الأوقات بحاجة ماسة إلى التصالح والتسامح والإصطفاف ووجود دولة قوية وفاعلة تبسط نفوذها في كل ربوع سوريا، حاجتهم الى ذلك اليوم، وذلك لإنقاذ سورية- وطناً وشعباً – من الصراعات والحروب التي يخوضها دُعاة الطائفية والمذهبية التي تدمّر آمال السوريين وتطلّعاتهم في أن يعيشوا في أمن وسلام كما تعيش بقية شعوب العالم.

وتشهد محافظة درعا التي تحظى بموقع استراتيجي في الجنوب السوري على الحدود مع الأردن ومع منطقة الجولان اليوم مفاوضات مكوكية منذ أكثر من شهر، وتجري المفاوضات بين اللجنة الأمنية السورية من جهة، وممثلي اللجان المركزية التي تضم وجهاء عشائر وشخصيات محلية من جهة أخرى. وتسعى إلى جمع كل السلاح الموجود لدى المسلحين ، وإجراء مصالحة للمجموعات الرافضة لتواجد الجيش السوري. وبالفعل استأنف مسلحو حي (درعا البلد) تسليم أسلحتهم المتوسطة والخفيفة إلى السلطات السورية، وذلك بالتوازي مع تسوية أوضاع المئات من مسلحي الحي، والتحضير لنقل رافضي الاتفاق إلى الشمال السوري، مع عودة مؤسسات الدولة إلى كل المناطق ورفع علم الجمهورية العربية السورية فيها.
لقد طالت معاناة السوريين، وتراكمت أوجاعهم وآلامهم جرّاء العبث الذي لازال البعض يمارسونه دون رادع يوقفهم عند حدهم ويمنع عبثهم بمقدرات الشعب الذي قدّم تضحيات كبيرة وتحمل المتاعب القاسية في سبيل قطع الطريق أمام المشاريع التدميرية لبعض المغامرين ممن وضعوا مصير الوطن والشعب في كفة، ومصالحهم الذاتية في كفة أخرى.
لهذا جاءت دعوة القيادة السياسية لتعبِّر عن مطلب شعبي مُلح لكل أطراف الصراع للكف عن عبثهم بالوطن والمواطنين وحث الأطراف والمكوّنات الاجتماعية، على تحقيق إصطفاف وطني عام والاتفاق على وضع ميثاق شرف يلتزم به الجميع، يتضمن نبذ الحروب والصراعات ونزع السلاح من كل الأطراف وتسليمه للدولة، بما يكفل تحقيق الاستقرار الأمني والنفسي للسوريين واطمئنانهم على حاضرهم ومستقبل أبنائهم.

هنا لابد من التأكيد على أنه لا مجال للعودة إلى الخلف كما يتوهم بعض المرتعشين الذين يراهنون على المستقبل، ونقول لهم أن ذلك ضرب من المستحيل بعد أن تمكن شعبنا بكل فئاته ومكوناته من التوافق والاتفاق على وضع وطنهم في مسار جديد متجاوزين لكافة التحديات والأخطار التي واجهتهم والتي لم تجلب إلا الأحقاد لتكون ثمارها المرة الدماء والآلام والخراب.
إجمالاً…علينا أن نخيب من خلال الوعي والبصيرة آمال من يقفون وراء تخريب وطننا الكبير “سوريا”، فسوريا اليوم بحاجة إلى التعالي على الجراح والإنطلاق نحو آفاق المحبة، والعمل على إزالة عوامل العنف والشحن الطائفي، نحن بحاجة إلى إلقاء سلاح الكراهية ، فالمرحلة اليوم هي مرحلة شراكة وطنية ، ومن يقدم اليوم تنازلات لن يقدمها من أجل ذاته بل من أجل الوطن ومصلحته، ومستقبل أبنائه وأحفاده.في الأخير أقول، ، إن الحرب السورية دخلت مرحلة جديدة ستكون درعا هي بوابة النصر وما هي إلاّ محطة جديدة من محطات النصر السوري المستمر والذي يبعث برسائل ساخنة للتنظيمات المسلحة وكل من يقف وراءها بأنّ الإنتصار النهائي قاب قوسين أو أدنى يحققه الشعب السوري وجيشه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115