الكاتب اليمني فهد العميري لـ«المغرب»: «المشهد اليمني بالغ السوء والتعقيد فأهداف الحرب تغيّرت وفقا لمصالح مراكز النفوذ لا لمصلحة اليمنيين»

قال الكاتب والمحلّل السياسي اليمني فهد العميري لـ«المغرب» أنّ سيطرة طالبان على مقاليد الأمور في أفغانستان بعثت برسائل تحفيز للجماعات

الجهادية والتنظيمات الإرهابيّة في إمكانيّة استعادة زخمها والانقضاض على السلطة في اليمن البلد المتشظي والمطحون بيد أبنائه.

• لو تقدمون لنا قراءتكم للمشهد الراهن في اليمن ؟
يعتبر المشهد الراهن في اليمن بالغ السوء والتعقيد فأهداف الحرب تغيرت وفقا لمصالح مراكز النفوذ وليس لمصلحة اليمنيين الذين يفتك بهم الفقر وتطحنهم المعاناة ويعجزون عن الحصول على أبسط احتياجاتهم الأساسية كالصحة والماء والكهرباء أو التنقل بيسر وسلاسة بين المدن اليمنية التي أصبحت إقطاعيات يتنازعها قادة الميليشيات والجماعات المسلحة فيما اكتفى المسؤولون ومن بينهم الرئيس وحاشيته بالإقامة في فنادق الرياض .
وقد أصبح اليمن مقسما حيث يواصل الحوثيون سيطرتهم على محافظات الشمال وأجزاء من محافظات الوسط فيما تسيطر جماعة الإخوان - المسيطرة على قرار الشرعية - على تعز ومأرب وشبوة وحضرموت ويفرض طارق صالح ومقاومته السيطرة على الساحل الغربي المحاذي لباب المندب وتخضع مدن عدن وابين ولحج والضالع إلى المجلس الانتقالي الجنوبي..
وقد أصبح الهم الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين الضغط على عدن وما يجاورها والسيطرة عليها في ظل وجود تحالف صامت لهم مع جماعة الحوثي التي تواصل الرمي الجنوني بمقاتليها صوب مأرب مدينة النفط والغاز وذلك بغرض السيطرة عليها وانتزاعها من قبائلها التي تقاتل بشراسة رغم خذلان جيش الشرعية الذي أمم وجهه صوب الجنوب وترك الحوثي يصول ويجول منفردا مما انحرف بجيش الشرعية عن هدف استعادة الشرعية إلى تصفية المناوئين لجماعة الحوثي كما حدث في تعز التي تمكن فيها الإصلاح من إزاحة السلفيين والتآمر لاغتيال العميد الشهيد عدنان الحمادي وتفتيت اللواء 35 الذي كان يقوده..

• كيف هي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في اليمن في ظل الحرب؟
لقد تحوّلت مدينة تعز عاصمة الثقافة اليمنية التي طالما تفاخر بها اليمنيون بفعل هيمنة حزب الإصلاح إلى مدينة للجريمة المنظمة والإفلات من العقاب، إذ قلما يمضي يوم دون ارتكاب جريمة نهب أراضي وسفك دماء الناس من قبل عصابات الجريمة التي تتبع قيادات في محور تعز العسكري وقيادات الألوية وتحظى بدعم إعلامي من كتائب الإخوان الإعلامية وتمارس جرائمها بكل أريحية لتجد الحماية والمبررات والإفلات من العقاب واتهام كل من يطالب بمحاكمة أفرادها بالخيانة والارتزاق والعمل لصالح الإمارات، وكانت أبشع هذه الجرائم جريمة الإبادة التي تعرضت لها أسرة بالحرق وقتل أكثر من أربعة من أفرادها واقتحام البيوت والاعتداء على النساء ونفذت جرائم اختطاف لأبنائها وإعدامهم داخل منشآت تابعة للدولة وفي المستشفيات بل واستمرت مطاردة هذه الأسرة أكثر من 24 ساعة دون تدخل ما يسمى بالجيش والأمن الميلشيوي من قبل حزب الإصلاح ..
لقد أصبح الرئيس عبد ربه منصور هادي مجرد عبء على اليمن واليمنيين ولا وجود له في المشهد اليمني على الإطلاق في ظل تمكن حزب الإصلاح ذراع الإخوان المسلمين في اليمن من تعطيله والسيطرة على قرار الرئاسة اليمنية من خلال الجنرال العجوز علي محسن الأحمر نائب الرئيس المعروف بارتباطه بالتنظيمات الإرهابية وعبد الله العليمي مدير مكتبه المنتمي لتنظيم الإخوان.

• ما رؤيتكم للتصعيد العسكري الأخير بين السعوديين والحوثيين وما تأثيرات ذلك على اليمنيين ؟
مثل التصعيد الحوثي الأخير ضد السعودية إحدى دول التحالف العربي التي تدخلت بموجب طلب الرئيس هادي انعكاسا طبيعيا لموقف إدارة بايدن المتراخية معها وايقاف بيع الأسلحة والدعم اللوجستي للسعودية والإمارات وذلك ما فهمه الحوثيون على انه ضوء اخضر من الإدارة الأمريكية للمزيد من قصف الأهداف الحيوية والمدنية في السعودية والاستمرار في حربها ضد اليمنيين لكل ذلك تأثيرات مريعة على اليمنيين في الداخل والخارج إذ كادت السعودية تطرد عشرات الآلاف من العمالة اليمنية في مدن الجنوب السعودي بمن فيهم المئات من الأكاديميين وأساتذة الجامعات بذرائع أمنية وتراجعت عن القرار في اللحظات الأخيرة، وقد كان سيحرم الآلاف من الأسر من مصادر دخلها ويعيدها إلى اليمن ليكونوا عبئا إضافيا لليمنيين الذين يقع ما يقارب من ثلاثة أرباعهم تحت خط الفقر ويعانون من المجاعة وتنازع دولتهم أفغانستان في تربع قائمة افشل دول العالم في حين تتصدر قائمة افشل دول الشرق الأوسط.

• كيف ترون تأثيرات التغيرات في العالم على الداخل اليمني؟
مع سيطرة طالبان على مقاليد الأمور في أفغانستان ارتفعت الأصوات المعبرة عن الفرح والابتهاج بهذه الخطوة من قبل قيادات تنتمي لحزب الإصلاح ذراع الإخوان في اليمن ، كما بعثت هذه الخطوة برسائل تحفيز للجماعات الجهادية والتنظيمات الإرهابية بإمكانية استعادة زخمها والانقضاض على السلطة في اليمن البلد المتشظي والمطحون بيد أبنائه، وفي نفس الوقت شعر الحوثيون بالارتياح وهم يرون أمريكا تسلم أفغانستان لجماعة طالما اتهمت بالإرهاب ، والتي يخشى كثيرون هنا في اليمن من أن تتحوّل أفغانستان إلى مسرح لتأهيل وتدريب الجماعات الإرهابية بعد أن تم تضييق الخناق عليها وبدأت بالتلاشي.

• ما تقييمكم لسياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه لليمن، هل شهدت تغيرات ؟
جنوح سياسة بايدن بشأن اليمن نحو الدبلوماسية وتعيين مبعوث خاص أفادت الحوثيين كثيرا وعملت على تآكل خيارات الحل العسكري وعززت من فرص الحوثيين في الاستمرار في انقلابهم على الشرعية وتعزيز حظوظهم في المزيد من السيطرة والاستحواذ وسفك دماء اليمنيين، واستهداف مدن السعودية وللأسف الشديد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال هذه السياسات المتواطئة مع الجماعات المتشددة تحافظ على ديمومة الفوضى في المنطقة وتعمل على توسيع المشروع الإيراني وهيمنته وتزعزع امن واستقرار دول المنطقة وتخلق البيئات الحاضنة للإرهاب في مستنقعات الفقر والمجاعة وانعدام مقومات الحياة الكريمة ، أمريكا تخلت عن دورها في نشر الديمقراطية وأصبحت تمد الجماعات المتشددة بمقومات البقاء وانتهاك حقوق الإنسان وقيم الحق والعدل وتنشر الفوضى بفعل سياساتها كحال اليمن.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115