لبنان: توزيع الحقائب الوزارية .. المعضلة التي تعرقل تشكيل الحكومة

يقف لبنان اليوم أمام مفترق طرق خطير على كافة الأصعدة مع عجز رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي عن تشكيل فريقه الحكومي، وذلك

في وقت تتزايد فيه الخلافات والانقسامات الداخلية بين مختلف مكوّنات المشهد السياسي اللبناني. يعاني لبنان منذ سنوات واقعا اقتصاديا حرجا وقد زاد الشغور الحكومي المستمر منذ وقت طويل في مزيد عرقلة عمل مؤسسات الدولة ومجابهة المعضلات الاقتصادية الاجتماعية والصحية.
ورغم الآمال المعلقة والأنباء عن قرب الإعلان عن التركيبة الحكومية الجديدة، أعلن المكتب الإعلامي لنجيب ميقاتي المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية ، أنه ماض في عملية التشكيل ولم يلتزم بأي أمر نهائي مع أحد.وقال المكتب الاعلامي لميقاتي إنه ماض في عملية التشكيل وفق الأسس التي حددها منذ اليوم الاول بانفتاح على التعاون والتشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ويتطلع في المقابل لتعاون بناء بعيدا عن الشروط والأساليب التي باتت معروفة.وأضاف «إن ميقاتي يجري لقاءات مختلفة لتشكيل الحكومة، ولم يلتزم بأي أمر نهائي مع أحد إلى حين إخراج الصيغة النهائية للحكومة، وكل ما يقال خلاف ذلك كلام عار من الصحة.

خلافات متجذرة
وقد أعادت تصريحات ميقاتي إلى الواجهة الجدل والخلافات التي أدت إلى إستقالة سلفه سعد الحريري، وعلى رأسها الخلاف بين مؤسستي رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية على علاقة بالشخصيات المقترحة في التشكيل الحكومي آنذاك وأدت في النهاية إلى اعتذار الحريري عن التكليف. وفي تقارير إعلامية عاد الحديث مجددا عن خلافات بين رئيس الحكومة ورئاسة الجمهورية إلا أن الرئيس اللبناني ميشال عون أكد «تمسكه أكثر من غيره باحترام الأصول الدستورية» لتشكيل الحكومات في البلاد، وقال إنه لا يريد «الثلث الضامن» بالحكومة المقبلة.و»الثلث الضامن» أو «المعطل» يعني حصول ‘’فصيل سياسي’’ على ثلث عدد الحقائب الوزارية في الحكومة، مما يسمح له بالتحكم في قراراتها وتعطيل انعقاد اجتماعاتها.

وأوضح البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية أنّ «ذلك يأتي إيمانا منه (عون) بأن الظروف الصعبة التي يجتازها لبنان والشعب اللبناني تحتم على الجميع الارتقاء إلى أقصى درجات المسؤولية من أجل المبادرة والإسراع في إنقاذ الوطن والشعب».وكرر عون دعوته للجميع، وفق البيان، «لعدم إلصاق تهمة التعطيل (تشكيل الحكومة) بالرئاسة ولا بشخص الرئيس للتعمية (التغطية والإخفاء) على أهداف خاصّة مضلِّلة ما عادت تنطلي على الشعب».

من جهته، أبدى الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي، حرصه الشديد على «مقاربة عملية تشكيل الحكومة، وفق القاعدة الدستورية المعروفة بما يتوافق مع مقتضيات المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان’’.
ويرى مراقبون أن الخلافات المتجذرة في المشهد السياسي اللبناني هي نفسها التي تؤجل في كل مرة الإعلان عن تشكيل حكومي جديد ، رغم الجهود المبذولة من ميقاتي أو على صعيد الدعم الدولي والضغط المُمارس على الفرقاء في لبنان للتسريع بتشكيل الحكومة.
وبحسب متابعين يُعدّ الخلاف حول توزيع الحقائب الوزارية خاصة منها وزارات السيادة منبع الصدام الدائم في ملف تشكيل الحكومة اللبنانية اذ على الرغم من أن ميقاتي كُلف برئاسة الحكومة منذ جويلية إلاّ أن تقارير إعلامية تؤكد أن أصل الخلاف حول المناصب لازال قائما وبشدة.

تداعيات خطيرة
ويربط البعض تأخر أو تعطل تشكيل جسم حكومي لإدارة البلاد بالوضع الإجتماعي والاقتصادي المتدهور ، في أسوإ وأخطر أزمة اقتصادية يعيشها بلد الأرز منذ عام 2019 ومارافق ذلك من انهيار مالي ومعيشي وارتفاع معدلات الفقر، وشح الوقود والأدوية وفقدان السلع الأساسية. من الأسواق
ولئن ساهم انهيار الليرة اللبنانية وزيادة التضخم وارتفاع البطالة في مزيد تدهور المشهد اللبناني وسط ركود اقتصادي امتد لسنوات وصعوبات جمة تواجه رئيس الحكومة الجديد نجيب ميقاتي ، فقد زاد الفشل في تشكيل حكومة كفاءات من شأنها إنقاذ البلاد في الإنهيار.ويرى مراقبون أنّ المواطن اللبناني مقبل على مرحلة جديدة لم يمر بها منذ عقود على علاقة بقدرته الشرائية وأسلوب عيشه والخدمات المعتادة من سفر وسياحة وغذاء وغيرها من العادات التي ستتأثر كما سيتأثر الواقع الاجتماعي المرتبط بالمتغيرات الاقتصادية والمالية الصعبة في لبنان. ويواجه ميقاتي عددا لا يستهان به من الملفات الحارقة أهمّها الأزمة الاقتصادية الخانقة وهي الأزمة الأشد منذ عقود طويلة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115