فلسطين تودع ابنها المناضل د. حنا عيسى: قديس الأرض والهوية

ودعت فلسطين امس ابنها البار المناضل الفذ الدكتور حنا عيسى الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات،

وهو الذي أمضى حياته في النضال من أجل قضية فلسطين وإيصال صوت شعبه إلى مختلف المحافل الدولية. كانت القدس في وجدانه وفي قلبه فأحبها بصدق وكرّس حياته للدفاع عنها وعن كل شبر منها. فلسطين كانت بالنسبة اليه أكثر من جذور ووطن بل هي محور الإنسانية ومحور الكون ومهد الديانات وهي روح الإنسانية التي تغيب وتضيع في مهب التعنت الصهيوني والاعتداءات الوحشية المتواصلة على الحقوق الفلسطينية. وطالما اعتبر رفاق دربه في النضال انه مؤرخ القضية الفلسطينية وتاريخ مدينة القدس تحديدا.

في مسقط رأسه بقرية عين عريك قضاء رام الله بالضفة الغربية، شُيّع جثمان الراحل والذي وافته المنية ، وودعته فلسطين بجنازة عسكرية مهيبة وعلى وقع الأناشيد الوطنية. وكانت جنازته بمثابة عرس للوحدة الفلسطينية بكل الانتماءات والفصائل، وكأن حلمه قد تحقق بوحدة الدماء الفلسطينية بالقرب من موكب تشييعه... وصفه المودعون واصدقاؤه والعديد من القيادات الفلسطينية ورفاقه في النضال بانه» قديس الأرض والهوية، فتحاوي الإنتماء كنعاني الأصل وملح الأرض» ، لذلك رثته فلسطين بكل اللغات وبآيات الإنجيل والقرآن...

لطالما تردد اسم المناضل حنا عيسى على صفحات «المغرب» سواء بمقالاته الدورية التي كان يحرص من خلالها على التذكير بعدالة القضية الفلسطينية ، او عبر حواراته التي كانت عبارة عن دروس وعبر ورسائل في كيفية الذود عن تراب الوطن بكل الوسائل والأدوات ...لقد دافع عن فلسطين وعن وحدة ترابها وعن كل شبر منها وعن مقدساتها الإسلامية والمسيحية دون تفريق، وكان رمزا للوحدة الوطنية التي طالما افتقدها الفلسطينيون طيلة الأعوام الماضية بسبب المعارك الجانبية والانقسام السياسي الأليم .

وفي آخر حوار لرئيس الهيئة الإسلامية المسيحية في القدس لـ«المغرب» نشر في افريل الماضي، أكد ان انتفاضة المقدسيين عملية تراكمية وكانت نتيجة غطرسة الاحتلال الإسرائيلي وما يقوم به يوميا من انتهاكات في القدس المحتلة.

وقال أيضا :«نحن كمقدسيين ننتفض مجددا نتيجة الاضطهاد الذي نعيشه في مدينة القدس ومحاولة إسرائيل تفريغها من سكانها الأصليين ونشر مستوطنين وهدم المنازل وإقامة القدس الكبرى. جميع هذه التراكمات الموضوعية أدت الى هذه الانتفاضة» . وقال «إسرائيل» لا تريد ان تسمح لهم بذلك لانها تريد ان تقول ان القدس يهودية وانه لا مكان على أراضيها للمسلمين والمسيحيين الفلسطينيين وأقصى ما تطمح اليه تهجيرهم وطردهم من منازلهم وقدسهم .

اما في شأن التطبيع فقد كان له موقف واضح فقال «لن يؤدي التطبيع الى نتيجة، بل ان الذين طبّعوا أضروا بأنفسهم في بلدانهم لان التطبيع وقع على حساب الشعب الفلسطيني وهذه ليست سياسة حسن نوايا بين دول عربية وإسرائيل، بل على العكس تشجيع للصهاينة لينفذوا مخططاتهم بطريقة غير معقولة . وفي ختام الحوار وجهّ نداء للجميع من أجل التحرك في اطار دعم أهل القدس لا بالشعارات فقط بل على أرض الواقع من خلال تأمين احتياجاتهم وحماية وجودهم ومستقبلهم في مدينة القدس لأنهم المدافعون الأوائل عن أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين.

دكتور حنا عيسى ...كل فلسطين خرجت امس عن بكرة ابيها لوداعك ، لترافقك الى مثواك الأخير ورافقت موكبك الذي زينّ بعلم فلسطين وزيتونه القدسي...ومن الخضراء التي لطالما أحببتها وزرتها مرارا وربطت معها جسر محبة والتحام بين زيتون فلسطين وتونس ...نوجه تحية لروحك الطاهرة ...فلك كل سلام العالم يا فارس القدس .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115