الكاتب والباحث الليبي المختص في الدراسات السياسية والعلاقات الدولية د. عبد الحميد النعمي لـ«المغرب»: «التفاهمات التي تتعلق بانسحاب القوات الأجنبية من ليبيا تبقى حبرا على ورق وغير قابلة للتطبيق على أرض الواقع»

• «الانتخابات تحتاج إلى خطوات دستورية وإلى إجراءات قانونية واستعدادات أمنية.. وهذا غير متوفر»
قال الكاتب والباحث الليبي المختص في الدراسات السياسية والعلاقات الدولية د. عبد الحميد النعمي لـ«المغرب»

أنه على مستوى الحل السياسي في ليبيا لم يتم تحقيق أي تقدم على المستويين الدستوري أو القانوني أو على مستوى توحيد مؤسسات الدولة السيادية مما يجعل الحديث عن إجراء انتخابات في ديسمبر المقبل أمرا صعب الحدوث. وأضاف أن مؤتمر برلين 2 بمثابة حلقة من حلقات تقريب وجهات النظر بين أوروبا وأمريكا وروسيا وتركيا في ما يتعلق بليبيا ولا علاقة له بالبحث عن حلول حقيقية تهم المواطن الليبي.
• لو تقدمون لنا قراءتكم لمخرجات مؤتمر برلين 2 حول ليبيا ؟
مؤتمر برلين 2 حلقة من حلقات تقريب وجهات النظر بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة وروسيا وتركيا، وهدف جميع هذه الأطراف الحفاظ على مصالحها في ليبيا والحفاظ على التوازن بين هذه الدول في علاقة بالملف الليبي .لكن بالنسبة لليبيين لازلنا بعيدين كل البعد عن الطريق الصحيح لإيجاد حل للازمة اذ تبحث الدول الأوروبية عن تأمين مصالحها أكثر من سعيها لإخراج الليبيين من الحالة الكارثة التي يعيشونها اليوم.
جميع الاقتراحات التي تم تقديمها في مؤتمر برلين 2 ذات علاقة بتأمين مصالحها ونفوذها ولاعلاقة لها بالتوصل إلى حلول حقيقية تمس مصالح المواطن الليبي .فعلى مستوى الحل السياسي نلاحظ عدم تحقيق أي تقدم على المستويين الدستوري أو القانوني أو على مستوى توحيد مؤسسات الدولة السيادية .
وعلى مستوى الترتيبات العسكرية لازال الانقسام سيد المشهد ولازال هناك جيشان وقوتان وقيادتان ومصادر تمويل مختلفة ومصادر توريد للسلاح مختلفة ... وتؤكد جميع هذه النقائص أن الانشقاق قائم ولم يتحقق أي تقدم .وعلى مستوى المصالحة الوطنية لم يتم إحراز أي تقدم بين الأطراف الليبية المتنازعة .حقيقة المشهد الليبي من منظور الليبيين لا نرى تقدما حقيقيا الى حد الآن ... مقررات برلين كلها تتكلم عن التأكيد على المطالبة لا غير ... رأينا مُطالبة بسحب القوات الأجنبيّة والتأكيد على التزام الدول بعدم التدخل في الشأن الليبي.. لكن هذا كله كلام غير مطابق للواقع باعتبار أنّ كل الدول التي شاركت في مؤتمر برلين 2 تتدخل في الأزمة الليبية ... للأسف كل ما تم الحديث عنه في مؤتمر برلين لا يتطابق مع ما يحصل على أرض الواقع .
• رأينا شبه إجماع في مؤتمر برلين 2 على ضرورة سحب القوات الأجنبية، فهل يمكن في رأيكم تطبيق هذا البند على أرض الواقع؟
يبقى ذلك مجرد مطلب لكن التنفيذ سيكون صعبا، خاصة أنه لم يتم وضع آلية أو خارطة طريق لتنفيذ هذا المطلب لذلك يبقى مجرد تصريح. المعضلة هنا أن مفهوم القوات الأجنبية لا يوجد توافق حوله.. ماهي القوات الأجنبية ومن هم الذين تعتبرهم مرتزقة؟ ومن هم الذين يعتبرون نظاميين؟ ومن هم الذين تعتبر وجودهم شرعيا ومن هم الذين تعتبر وجودهم غير شرعي؟ هذا التضارب يؤكد أننا بعيدون كل البعد عن التوافق فوزير الخارجية الألماني تحدث في تصريح عن وجود توافقات بين الروس والأتراك فيما يتعلق بالانسحاب .. هذا كلام لا يعني شيئا ولا يتضمّن أي محتوى عملي قابل للتطبيق، التفاهمات الحقيقية التي تتعلق بالانسحاب لازالت حبرا على ورق غير قابلة للتطبيق على الأرض .
• هل ان الحكومة قادرة على السير نحو إجراء انتخابات ديسمبر المقبل؟
ليست هناك أية بداية على طريق إجراء الانتخابات الرئاسية في ديسمبر المقبل لان الانتخابات تتطلب دستورا، يجب أن نفهم أولا هل ان ليبيا ملكية أم جمهورية ، دولة فيها برلمان واحد أو برلمانان، دولة فيها نظام رئاسي أو برلماني، وهل ان ليبيا فيدرالية أو موحدة هذه كلها قضايا يجب أن يحددها الدستور .أين ستُجرى الانتخابات من قال أننا نريد رئيسا؟ نحن لم نضع أقدامنا على الطريق الصحيح للانتخابات بعد . الانتخابات تحتاج إلى بيئة وأرضية مناسبة وخطوات دستورية وإجراءات قانونية قانون انتخابي وقانون دوائر انتخابية وتحتاج إلى عملية أمنية . مثلا هل يمكن أن ينظم مرشحون من المنطقة الغربية حملة انتخابية في المنطقة الشرقية؟.
الأمور لازالت غير واضحة فيما يتعلق بمن سينظم عملية الانتخاب وماهي شروط الترشح ؟. مثلا هل تتوقعون أن يترشح شخص ضد حفتر في المنطقة الشرقية أو في المنطقة الجنوبية ؟. الامور لازالت غامضة بشكل كبير جدا ، الهدف الأساسي لمؤتمر برلين 2 ليس حلحلة الأزمة الليبية بقدر الحصول على توافقات لتأمين مصالح الدول المشاركة ،فمؤتمر برلين 1 مثلا تم تنفيذه على عجل كردّ فعل على المؤتمر الذي تم تنفيذه في موسكو آنذاك والذي طالبت فيه تركيا وموسكو تنظيم اتفاق بين الأطراف الليبية فنظم مؤتمر برلين 1 لاستعادة السيطرة من روسيا وتركيا لأوروبا والولايات المتحدة. أيضا عقد مؤتمر الحلف الأطلسي مؤخرا وكان الهدف منه وضع حد للتمدد الروسي في ليبيا وفي إفريقيا.مؤتمر برلين 2 نفس الشيء رد فعل على التمدد الروسي في ليبيا دعم للخطوة التركية ودعم للتواجد التركي في ليبيا.
• داخليا مالمطلوب اليوم من حكومة الدبيبة لإنجاح المرحلة الإنتقالية ؟
ليس بإمكان الحكومة عمل الكثير، العمل الكثير بيد البرلمان وبيد مجلس الدولة نحن بحاجة للاتفاق على الوضع الدستوري ..إما الاتفاق على الاستفتاء على الدستور أو الاتفاق على قاعدة دستورية يرتضيها الجميع هذه الخطوة الأولى،الخطوات الأخرى سواء منها قانون الانتخابات من مسؤوليات البرلمان ومجلس الدولة. الحكومة وقد يكون بإمكانها اتخاذ خطوات تتعلق بتنظيم حمل السلاح وتنظيم الترتيبات الأمنية وتحديد علاقة بعض الأطراف المسلحة بالأجهزة الرسمية للدولة . يعني المساهمة في التوصل إلى مؤسسة عسكرية موحّدة .بالرغم من ذلك فإن هذا الملف بيد لجنة 5+5 لكنها لم تحقق تقدما يذكر لوجود مؤسستين عسكريتين مختلفين أمامها واحدة في الشرق وواحدة في الغرب ـ لم تتمكن من وضع تصور لتوحيد المؤسسة العسكرية .
• على صعيد العمل الأممي ماهي الإنتظارات من البعثة الأممية في ليبيا ؟
نرجو أن تتوقف البعثة عن تدخلاتها في الشأن الليبي فقد تجاوزت للآسف حدود مهمتها كبعثة للدعم والمساندة وتحولت إلى هيئة إدارة حيدت مجلس النواب ومجلس الدولة والحكومة ونصبت نفسها كمجلس إدارة . وهي تعتبر نفسها اللاعب الرئيسي لذلك حيدت الدستور، وفي كل الطروحات هي لا تشير إلى الجهود التي بُذلت لإعداد الدستور الليبي.
لم تبد البعثة الاهتمام المطلوب بالمسار الدستوري، بقية النقاط الأخرى تقريبا همشت الجميع ووحدت جهودها في مجموعة الـ75 لتحديد مصير المشهد الليبي، واختارت من المشاركين من هم من مجلس النواب ومجلسي الدولة لكن البقية اختارتهم البعثة دون معايير قانونية دون شرعية وذلك عبارة عن لملمة لشخصيات من كل حدب وصوب. لكن معظمها يدين بالولاء للمعسكر الغربي أمريكا فرنسا وبريطانيا. طالما ان الليبيين لازالوا ينتظرون حلولا من بعثة الأمم المتحدة مازلنا بعيدين كل البعد عن الحل.. والحل في يد المؤسسات الدستورية.
• كيف ترون الدور الذي لعبته دول الجوار في الأزمة الليبية ؟
دول الجوار خاصة المغرب والجزائر وتونس بذلت جهودا كبيرة وتحملت الاضطرابات التي نتجت عن الفوضى في ليبيا ،وجدنا في موقف تونس كأفراد أو كمؤسسات دولية موقفا مشرفا وموقف الجار والشقيق. الجزائر والمغرب قاما بجهود كبيرة أيضا لكن للأسف مازال الوضع متأزما.
مصر لها مصالح في المنطقة الشرقية ولكن نحن نرى أنها ربما لم تطور إستراتيجية شاملة تتعلق بليبيا كذلك للإمارات دور ضبابي. المهم هو أنه لكل من هذه الأطراف الإقليمية أجندة خاصة به لا تتطابق مع التطلعات الليبية ، لكن لا بد من الإشارة إلى أن تركيا قامت بالمساعدة على إنقاذ العاصمة من حرب طويلة بين الفصائل المسلحة والمرتزقة شئنا ذلك أم أبينا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115