د. محمد محسن أبو النور رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية لـ«المغرب»: «الرئيس الإيراني الجديد سيعتمد على نهج أكثر تشدّدا مع الولايات المتحدة الأمريكية»

• «العلاقات الإيرانية الإسرائيلية تتجه نحو العسكرة أكثر من أي وقت مضى في عهد رئيسي»

قال د. محمد محسن أبو النور رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية لـ«المغرب» أن مشكلة العلاقات الأمريكية الإيرانية هي انعدام الثقة منذ عام 1979 إلى حد اليوم مضيف أن «إيران لن تنسحب من مفاوضات فيينا ولكنها ستكمل بروح مختلفة وأكثر تصلبا». وأكّد د. عبد النور أن «التحديات السياسية والاقتصادية التي ستواجه الرئيس الإيراني الجديد ابراهيم رئيسي متعددة اذ سيتسلم بلادا منهكة جدا اقتصاديا بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على النظام الإيراني».

• أولا لو تقدمون لنا قراءتكم في نتائج الانتخابات الرئاسية في ايران ؟
فوز إبراهيمي رئيسي كان محسوما سلفا ولم نكن نجادل فيمن سيفوز ولم نكن نجادل هل سيفوز رئيسي في الجولة الأولى أو من الجولة الثانية، بل كنا نجادل في النسبة التي سيفوز بها رئيسي لأنّ مجلس صياغة الدستور قام بإقصاء وتنحية كل المرشحين الوازنين الذين يمكنهم منافسة إبراهيم رئيسي في هذه الانتخابات لذلك كان إعلان فوزه مجرد وقت لا أكثر ولا أقل .
لكن هناك اضطراب حول الأرقام المتعلقة بنسبة المشاركة هل هي فعلا كما يقول النظام 47 % إذ تؤكد الأرقام الحقيقة مبدئيا أن النسبة أقل بكثير من 47 وهذا الإحجام والعزوف عن الانتخابات هو الأقل في تاريخ كل الإستحقاقات الانتخابات الإيرانية منذ 42 عاما .

• ما تأثيرات صعود المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي على الداخل الإيراني ؟
التحديات السياسية والاقتصادية جمة، اقتصاديا كما سيتسلم السلطة وبلادا منهكة جدا بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على النظام الإيراني. سيتسلم حكم البلاد وسعر الريال الايراني في مستويات هي الأدنى في تاريخها أمام العملات الأجنبية بالإضافة إلى حرمان بلاده من التصدير والشحن من الموانئ ومن المعادن النفيسة ومن بيع النفط نتيجة العقوبات التي أقرتها السلطات الأمريكية، هذا اقتصاديا فضلا عن اضطراره للجوء لمبدإ اقتصاد المقاومة تماشيا مع نهج المرشد الأعلى وهذا النهج طبعا كان على عكس رغبة روحاني وعلى عكس نهج الفريق الاقتصادي الذي كان موجودا مع الرئيس السابق حسن روحاني . لأن روحاني كان يريد الانفتاح على العالم عبر اعتماد منهج ‘’نيوليبرالي’’ أو ‘’ليبرالي جديد’’ في تعاملاته الاقتصادية مع العالم. لكن طبعا ابراهيم رئيسي سيلجأ الى الاقتصاد المقاوم الذي يرتكز على القدرات الداخلية الإيرانية وعدم الحاجة للخارج وكل هذه الأمور المعقدة جدا التي أثبتت كل التجارب انها لن تجدي نفعا لأن إيران غير منتجة في كثير من البضائع والإحتياجات الأساسية.
سياسيا ابراهيم رئيسي سيواجه تحديات جمة لأن المجتمع الإيراني أصبح مقتنعا أن الانتخابات باتت شكلية ولم يعد هناك توحد في ما يتعلق بالجبهة الداخلية المجتمعية حول هذا النظام بالكامل ،اجتماعيا سوف يشهد الكثير من حركات الاحتجاج والإضرابات وهي أمور متوقعة في الأشهر القادمة .

• كيف تقيمون المشهد الإيراني خلال عهد الرئيس السابق حسن روحاني ؟
الـ8 سنوات التي حكم فيها حسن روحاني تعتبر درسا لكلّ رئيس يأتي فيما بعد ، هذه السنوات أثبتت انه لا يمكن أن تكون هناك ثنائية في إيران بين الإصلاحيين والمحافظين بل على العكس هذه السنوات قضت على فرص الإصلاح ، وبات من المؤكد أن الذين يحكمون هم المحافظون سواء الذين هم في السلطة في قصر ‘’سعد آباد’’ ذو ميولات إصلاحية أو معتدلة أو محافظة فالذين يحكمون ويديرون دفة الأمور في إيران هم المحافظون .
هذه السنوات أثبتت أن كل من يحكم عليه أن يتماهى كل التماهي مع خط المحافظين ومع خط المرشد الأعلى علي خامنئي إن أراد البقاء في السلطة دون معوقات، وإن أراد أن ينفذ ما في أجندته من سياسات اقتصادية وسياسية هذا فيما يتعلق بفترة حكم روحاني .

• كيف سيكون تأثير وصول ابراهيم رئيسي إلى السلطة على العلاقات مع أمريكا؟
انتخاب رئيسي سيثير الكثير من المشاكل مع الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن لان الرجل جاء في ظل إدارة ديمقراطية ،والديمقراطيون تاريخيا معروفون بتركيزهم على مسائل حقوق الإنسان والديمقراطية وكلام من هذا القبيل. وإبراهيم رئيسي له سجل حافل بانتهاكات حقوق الإنسان وقد كان احد الأعضاء الأربعة في لجنة الموت التي قضت بالحكم بالإعدام على مئات أو آلاف السياسيين وفق الروايات المتضاربة عام 1988 عندما كان علي خامنئي رئيسا للبلاد في عهد الخميني الذي كان في ذلك الوقت المرشد الأول للثورة وكان مساعدا لآية الله خلخالي الذي عرف بالقاضي الأحمر ، فضلا عن أنّ رئيسي وكثيرا من افراد المجموعة التي اشتغلت آنذاك كانت موضوعة على قائمة العقوبات وبالتالي سيوجه الكثير من المشاكل مع إدارة بايدن خاصة وأنّه سيعتمد نهجا أكثر تشددا مع الولايات المتحدة الأمريكية .
صحيح أن إيران لن تنسحب من مفاوضات فيينا ولكنها ستكمل بروح مختلفة وأكثر تصلبا أهمها رفع كل العقوبات الإقتصادية المفروضة عليها نظير أن تعود طهران إلى التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة.

• كيف ستكون تداعيات هذا التغير على تموقع طهران اقليميا وعلى الصعيد الدولي ؟
سياسة إيران تجاه سوريا ستكون مستدامة بل بالعكس طهران ستعزز استثماراتها اقتصاديا وسياسيا وستحافظ على وجودها هناك .ستحافظ على رأسمالها الضخم الذي أنفقته في سوريا خلال الـ10 سنوات الأخيرة بالتالي لا أتوقع أبدا أن تخفف إيران من وجودها في سوريا والعراق ولبنان في فترة حكم ابراهيم رئيسي . لكن هذا غير مستبعد في اليمن وفلسطين قد تخفف من وجودها نوعا ما هناك

علاقة إيران مع إسرئيل ستتوجه نحو عسكرة شديدة لان رئيسي سيطلق يد القوة الأمنية قوات فيلق القدس وقوات الحرس الثوري الموجودة قرب الحدود
الإسرائيلية بالتالي سيتجه الأمر نحو العسكرة أكثر من أي وقت مضى .

العلاقات مع السعودية من المستبعد أن تشهد أية تهدئة مع الرياض أو الإمارات، العلاقات قد تشهد منافسة شديدة واحتداما في تضارب المصالح مع الأخذ بعين الإعتبار أنّ ابراهيم رئيسي لن يخفف من تموضع بلاده في الملفات التي كانت السعودية تطالب فيها بالانخراط في مفاوضات فيينا حتى تطالب طهران بالكف عن التمدد في الإقليم لذلك استبعد تماما أن يكون هناك أي تحسّن في العلاقات بين إيران والإمارات والسعودية مالم تحث مفاجأة وهو ان يعتمد رئيسي على نهج تصالحه مع جيرانه وهذا مستبعد جدا .

لا يوجد رئيس محافظ يحظى بدعم المتشددين وكل القوى التقليدية في تاريخ الجمهورية الإسلامية رئيسي سيكون استثناء وليس قاعدة . مشكلة العلاقات الأمريكية الإيرانية هي غياب الثقة التامة منذ عام 1979 إلى حد اليوم ، انعدام الثقة تفاقم بعد خروج ترامب من الاتفاق النووي ، أمريكا تريد من إيران ضمانات بان لا تعود لسلوك المزعزع للاستقرار في الإقليم ،إيران أيضا تريد من واشنطن أن لا تخرج مرة أخرى من اتفاق كما فعل ترامب .

هذه الانعدام في الثقة لن يبدّده سوى إجراءات ملموسة على الأرض أمريكيا وإيرانيا . هناك سقف عال بين أمريكا وإيران فيما يتعلق بمطالب إجراءات بناء الثقة طهران تريد ضمانات عملية ومكتوبة والجانب الأمريكي يريد ايضا ذلك.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115