انهارت عملته الوطنية أمام الدولار فقد فقدت أكثر من 90 % من قيمتها كما حصل الآن . وحتى في أعتى أيام الحرب الأهلية وأشدها قتامة كان لبنان قادرا على الوقوف في وجه أسوإ الأعاصير السياسة والأمنية وغيرها.
اما اليوم فقد أنُهك البلد وبات شعبه وقود هذه الحرب الصامتة التي تدور رحاها في بلد الأرز منذ سنوات دون توقف . صحيح انها ليست بالرصاص والنار، ولكنها تُدار بالخبز وبسياسة التفقير والتجهيل لدفع اللبنانيين الى الهجرة وافراغ البلد من كفاءاته وشبابه . باتت الهجرة هي القشة الأخيرة التي يتمسك بها اللبنانيون للنجاة من «جهنم» التي وجدوا أنفسهم فيها بسبب خيارات الطبقة السياسية ورجال الأعمال وتلاعبهم بلقمة عيش الشعب ومصيره من خلال نظام طائفي مقيت وسلبي .
لبنان «سويسرا الشرق وقطعة من السماء»...أصبح اليوم بالنسبة الى شرائح لبنانية واسعة مرادفا للتفقير ولفقدان أدنى متطلبات الحياة مثل الكهرباء والصحة ..وبات مشهد طوابير السيارات التي ينتظر أصحابها دورهم لتعبئة الوقود أمرا مألوفا وكذلك مشهد الرفوف الفارغة في أكبر الصيدليات والتي لا يجد فيها المريض ضالته..فأي انهيار يعيشه لبنان بينما يقف العرب مكتوفي الأيدي صامتين ، تماما كما فعلوا سابقا مع انهيار سوريا والتنكيل بأهلها من قبل الدواعش، وكما فعلوا في الحرب الليبية حينما تُرك الليبيون يتقاتلون بدعم خارجي...وكما فعلوا مع اليمن حينما ترك اليمنيون الى أقدارهم المحتومة .
وفي خضم هذا المشهد المؤلم ظلت عقبة تشكيل الحكومة دون حل وذلك في ظل تمسك رئيس الجمهورية ميشال عون بحصته من الوزراء او بالثلث المعطل . الأمر الذي دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الخروج عن صمته وانتقاد رئيس الجمهورية بشكل علني وواضح .
من كان يتصور اليوم ان يحدث كل هذا الانهيار مهما كانت أسبابه ودوافعه -ولكن تُرك لبنان وحده ليدفع ثمن قانون قيصر وثمن حصار سوريا وما أعقب ذلك من تصاعد ظاهرة تهريب السلع والدولارات الى الجوار السوري...والسؤال المطروح لماذا تُرك لبنان وحيدا يجني شعبه ثمن عقود من سياسات الولاء إلى الخارج وارتهان ساسته وأمراء طوائفه للقوى الخارجية؟ ومتى تعود الحكمة الضائعة الى عقول هؤلاء الساسة ليتفقوا لمرة واحدة على انقاذ بلدهم من الاندثار أمام كل هذه الأخطار الداخلية والخارجية؟ فالحرب الصامتة لن يدفع ثمنها الا اللبنانيون ولا أحد غيرهم .
الحرب الصامتة في لبنان
- بقلم روعة قاسم
- 12:20 21/06/2021
- 576 عدد المشاهدات
دخل لبنان منذ فترة في دوامة الانهيار الاقتصادي والمالي في أسوإ أزمة يعيشها في تاريخه الحديث. اذ لم يسبق ان