بعد إعلان ماكرون إنهاء عملية «برخان» لمكافحة التنظيمات الإرهابية : فشل فرنسي أم قرار استراتيجي لإعادة هيكلة الحضور العسكري في منطقة الساحل ؟

أعلنت فرنسا أمس عن انتهاء عملية «برخان» العسكرية لمكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي داعية إلى ضرورة تأسيس تحالف دولي

أوسع لمجابهة آفة الإرهاب في القارة السمراء . وقد أحدث الإعلان الفرنسي انقساما لدى الرأي العام الدولي بين من اعتبر الخطوة إقرارا بالفشل الفرنسي في إفريقيا فيما اعتبرها آخرون بأنها سعي لإعادة ترتيب الأوراق وتكريس سياسة دولية مشتركة لمحاربة الإرهاب.
وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن عملية فرنسا «لمكافحة الإرهاب» في غرب أفريقيا (برخان) ستنتهي، وستدمج في مهمة دولية أوسع، وأنه سيضع اللمسات النهائية لذلك بنهاية جوان الجاري.وتحدث ماكرون في مؤتمر صحفي في باريس، عن «تغيير عميق» في الحضور العسكري لبلاده، وأعلن أن فرنسا بصدد تشكيل تحالف «لمكافحة الجهاديين في الساحل الأفريقي». وقال «في نهاية المشاورات، سنبدأ تغييرا عميقا لوجودنا العسكري في منطقة الساحل»، معلنا انتهاء «عملية برخان» بوصفها «عملية خارجية»، وتشكيل «تحالف دولي يضم دول المنطقة».
وأكدت تقارير إعلامية فرنسية أن الإيليزيه سيعلن تباعا عن خطوات أخرى على علاقة بإنهاء عملية ‘’برخان’’ وهي عملية لمكافحة التمرد في منطقة الساحل الأفريقي والتي بدأت في 1 أوت 2014. وهي تضم من 3000 إلى 4500 جندي فرنسي ومقرها في نجامينا عاصمة تشاد. وقد تم تشكيل العملية مع خمسة بلدان، وهي المستعمرات الفرنسية السابقة، التي تمتد في منطقة الساحل الأفريقي: بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر. هذه البلدان المشار إليها إجمالا باسم «جي 5 الساحل. سميت العملية كذلك كناية عن شكل هلال الكثبان الرملية في الصحراء.ومن بين الخطوات التي سيتم اتخاذها تقليص عدد الجنود الفرنسيين في المنطقة. ويرى متابعون أن فرنسا حققت نجاحا نسبيا في محاربة التنظيمات المسلحة في منطقة الساحل الإفريقي إلا أنّ الوضع تطور لاحقا وباتت السيطرة على نشاطات هذه الجماعات المسلحة تستوجب تدخلا أشمل وأوسع نطاقا .
ويأتي قرار إنهاء عملية «برخان» بعد أيام من انقلاب عسكري في مالي، وهو الثاني خلال 9 أشهر. هذا الإنقلاب وصفه ماكرون بأنه «انقلاب على الانقلاب»، وقد علّق مؤقتا العمليات المشتركة بين القوات الفرنسية والمالية في الثالث من جوان الحالي.
فشل فرنسي وسعي لتشريك أوروبا ودول المغرب
وبخصوص إعلان فرنسا عن إنهاء عملية ‘’برخان’’ قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الطوسة لـ«المغرب» أنه «بالرغم من أهمية قرار الإعلان عن نهاية عملية ‘’بارخان’’ الفرنسية في منطقة الساحل إلا أنها لم تحدث مفاجأة كبيرة لدى الأوساط السياسية والإعلامية لكونها كانت منتظرة ومن وجهة نظر البعض حتمية’’ .
وأضاف ‘’وقد اختار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون توقيتا خاصا للإعلان عن هذا القرار الاستراتيجي الذي جاء عشية التئام قمة للحلف الأطلسي بمشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن . فمنذ توالي الانقلابات العسكري في التشاد ومالي ومنذ ظهور ميول لدى الانقلابين بالتحالف مع الجماعات الإسلامية المتشددة للاستيلاء على السلطة، اتخذت فرنسا قرارا استراتيجيا بإعادة هيكلة حضورها العسكري في منطقة الساحل ووضع حد لعملية ‘’بارخان’’ التي كانت قد أطلقتها منذ سبع سنوات تحت قيادة الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند لمنع المجموعات الإرهابية من الانقضاض على السلطة في المنطقة’’ على حد تعبيره.
وأكد محدثنا ‘’أنّ نهاية عملية «بارخان» لا يعني بالضرورة نهاية التواجد العسكري في منطقة الساحل أو نهاية الحرب على الإرهاب .. فرنسا تراهن في هذا الإطار على تفعيل ما يسمى بقوة ‘’طاكوبا’’ المكونة من عناصر القوات الخاصة الآتية من بعض الدول الأوروبية’’ .
وتابع «ارسال عدة رسائل أراد الرئيس ماكرون عبر هذا القرار المهم… الأول لدول المنطقة الإفريقية التي يلعب بعضها من منطقة رمادية تجاه الحرب على الإرهاب لا يقوم بالخطوات اللازمة لمحاربته على مستوى السياسات العمومية التي تحارب التهميش الاجتماعي وغياب آليات الحكم الديمقراطي الذي دفع البعض في المزايدة في موجة الانتقاد الحاد للتواجد الفرنسي العسكري في المنطقة،والرسالة الثانية موجهة للداخل الفرنسي الذي بدأ يُعرب عن شكوك حول قدرة فرنسا وحدها للقيام بهذه الحرب على الإرهاب’’ وفق تقديره .
وأشار الطوسة إلى أنّ فرنسا فقدت في هذه العملية خمسة وخمسين جنديا و بدأ البعض يشبه حضورها في منطقة الساحل بتواجد القوات الأمريكية في المستنقع الأفغاني والتي أرغمت في آخر المطاف على مغادرته.
وفي ما يتعلق بفشل التواجد الفرنسي في الساحل الإفريقي والتوجه نحو تأسيس تحالف جديد أجاب الطوسة، أنه «إقرار فرنسي بالفشل لمحاربة المجموعات الإرهابية في الظروف التي وضعتها عملية «برخان» المشروع الفرنسي كان دائما إشراك دول إقليمية عبر مجموعات جي 5 وعبر إقحام الدول الأوروبية في هذه المعركة». وتابع «أن يسحب ماكرون أو يجمد قوات ‘’برخان’’ فهذا اعتراف انه لوحده لديه صعوبة كبيرة في محاربة الإرهاب ،ماكرون دائما ما يقول أن مسؤولية محاربة الإرهاب في الساحل الإفريقي ليست مسؤولية حصرية على فرنسا بل هي مسؤولية عالمية وكان يريد تشكيل تحالف دولي لمحاربة الجماعات الإرهابية على شاكلة التحالف الدولي الذي أنشئ لمحاربة داعش في الشرق الأوسط ‘’.
وأضاف الطوسة ‘’الآن التساؤل المطروح حول مدى قدرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على إقناع الحلفاء الأوروبيين والدول الإفريقية بالانخراط الفعلي في هذه الحرب الإقليمية على الإرهاب؟ ومدى قدرته في إقناع الدول المغاربية لأنّه لا ننسى أنه هناك دول مغاربية تم التواصل معها في قمّة نجامينا المغرب الجزائر تونس ليبيا يعني هذه الدول ما هو حجم ونوع المشاركة الطي يمكن أن تقدمه لمحاربة المجموعات الإرهابية ، هذه التساؤلات لا أحد يملك الإجابة عليه لكن الاجتماعات والقمم المقبلة سيكون هذا محورها».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115