لا تزال الأزمة اللبنانية تراوح مكانها وقد ازداد الوضع المعيشي سوءا في بلد الأرز ، وقد قرع التقرير الأخير للبنك الدولي جرس الإنذار في ما يتعلق بالأرقام والاحصائيات القاتمة والتي تؤشر الى ان هناك انهيارات أخرى قادمة في حال ما إذا لم يتم التوصل الى مصالحة سياسية والى اتفاق على تشكيل حكومة انقاذ وطنية في أقرب الآجال. في هذا السياق تطرق المحلل السياسي والإعلامي اللبناني توفيق شومان في هذا الحديث لـ«المغرب» الى مآلات الوضع في ظل الأزمة اللبنانية المستفحلة وارتداداتها .
• اولا كيف هو الوضع في لبنان في ظل تواصل تعقد تشكيل الحكومة؟
ما تزال الأمور عالقة عند حالها من التعقيدات نتيجة الشروط والشروط المضادة بين الأطراف المتصارعة . ولكن ما يمكن قوله عند هذه النقطة بالتحديد ان هناك صراع صلاحيات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء . واعتقد بأن هذه الصلاحيات يمكن ان تمتد الى نهاية الولاية الرئاسية الحالية للرئيس ميشال عون، وحتى لو تم تشكيل الحكومة -وهذا أمر صعب بل يكاد يكون مستحيلا- فان الصراع بين الرئاستين الأولى والثانية ورئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء سوف ينتقل من الخارج الى داخل مجلس الوزراء والأمور معقدة .ولا أمل في نهايات هذه الحرب بين الرئيس ميشان عون وسعد الحريري. وفي ظل هذه الحرب السياسية فان الأزمة الاقتصادية تذهب من انهيار الى آخر .
• ما تداعيات كل ذلك على الوضع المعيشي في لبنان؟
لا شك أن الصراع السياسي هو الذي أنتج أزمة مالية واقتصادية وبالتالي فان غياب الحلول والتصورات في الحد الأدنى أسهمت في المزيد من هذه الانهيارات . ونحن أمام كارثة حقيقية لأن كل التوقعات والتقديرات تؤشر الى ان انهيارات اضافية سوف يشملها الوضع اللبناني طالما ان الأمور السياسية معقدة وطالما ان المصالحة مفقودة وان الحكومة غائبة وانه لا يوجد أي اتفاق لتشكيل الحكومة .
• لم هذا الانهيار السريع للعملة اللبنانية وهذا التغيير المفاجئ في سعر الصرف ومن يتحكم برأيكم بهذه اللعبة ؟
فقدت العملة الوطنية -الآن- أكثر من 90% من قيمتها عما كانت عليه في عام 2019. وبالتالي ارتفعت نسبة الأسعار بشكل جنوني. وعلى مستوى غلاء الأسعار ، تصدّر لبنان أعلى النسب وكان على رأس دول الإقليم مجتمعة خصوصا فيما يتعلق بالمواد الأساسية من غذاء وأدوية ومحروقات . والحديث الآن في بيروت يدور عن إمكانية اندلاع احتجاجات اجتماعية في الشارع اللبناني طالما ان هناك أزمة محروقات خانقة وأزمة أدوية خانقة وأزمة أسعار غذائية مرتفعة وفي ظل تراجع دورة العمل والاقتصاد . خاصة وان كل وكالات التصنيف الدولية الائتمانية تحذر من انهيارات كارثية . وآخر ما تم تداوله تقرير البنك الدولي الذي قال فيه ان لبنان يعيش أشد أزمة مالية ثالثة منذ منتصف القرن التاسع عشر على مستوى العالم . وهي صورة قاتمة واعتقد أن تقرير البنك الدولي المستند الى معطيات ووقائع هامة ودقيقة قرع أكثر من جرس انذار .
• إلى اين تسير الأمور في رأيكم؟
لا شك في أن مسؤولية الانهيار المالي والاقتصادي ملقاة على عاتق القوى السياسية والأزمة المالية الاقتصادية في لبنان ليست أزمة بنيوية بل هي أزمة سياسية انتجت الأزمة المالية والاقتصادية. لذلك في ظل الصراعات الدولية التي يشهدها لبنان منذ أعوام وفي ظل غياب البرامج والخطط والتصورات التي يمكن ان تضع حدا معينا للانهيار على الأقل ، -كل هذا كان غائبا بل شهدنا في الفترة الماضية مزيدا من الصراعات -، وكل ذلك كان له انعكاسات وخيمة على الواقع اللبناني . والخروج من الآزمة المالية الحالية والاقتصادية يتطلب أمرين اثنين الأول التوافق السياسي والثاني المصالحة السياسية وتشكيل حكومة ووضع خطط وتصورات وبرامج إنقاذ سريعة وطارئة، ويتم اعلان حالة الاستنفار العام على المستوى المالي والاقتصادي . وهذه الأمور غير موجودة لغاية الآن. لذلك فان الحديث يظل عن مزيد من الانهيارات لخطورتها في غياب المصالحة السياسية فان ذلك سيسهم بمزيد من الانهيارات والصراعات السياسية .. وقد تتجاوز نسبة الفقر اكثر من نصف عدد السكان . وهي مؤشرات خطيرة لم يعرفها لبنان في تاريخه على الاطلاق . لقد كان لبنان مصنفا منذ سنتين من الدول
المتوسطة الدخل وذات مستويات المعيشية العالية وكل الأمور الآن انقلبت رأسا على عقب . ومما زاد الأمور تعقيدا جائحة كورونا التي أسهمت في خفض الدورة الاقتصادية وبالتالي وجود طوابير من العاطلين عن العمل . وهذا سيؤدي الى احتجاجات اجتماعية وقد تؤدي بدورها الى فوضى وهي مسألة محسوبة والكل في بيروت يتحدث عن هذا الاحتمال اذا استمر الوضع حتى نهاية السنة القادمة فان نسبة الفقر ستتجاوز نسبة الـ 60 بالمية في المجتمع اللبناني في ظل غياب المواد الحياتية الأساسية، وأخيرا على مستويات الطبابة التي ترتبط بصورة أساسية بفقدان الأدوية او احتكارها من كل النافذين .