الجامعات والمعاهد . وهي المطالب نفسها التي رفعها الشارع العراقي في كل مرة خلال موجات الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد منذ أكتوبر 2019 .
وبحسب آخر المعطيات فان نسبة الفقر في العراق الغني بالنفط تبلغ نحو ، 31.7 % والبطالة 27 %. كما احتج السكان منذ سنوات طويلة على الانقطاع المتكرر للكهرباء في بلد ينتج 19 ألف ميغاوات من الطاقة الكهربائية، بينما الاحتياج الفعلي يتجاوز 30 ألف ميغاوات، وفقا لمسؤولين في قطاع الكهرباء.
جميع هذه التحديات تعسر أكثر الواقع الحياتي في بلد نفطي، وتضاف الى ذلك التحديات الأخرى المتواصلة المتعلقة بتغول الجماعات المسلحة والميليشيات من كل التيارات والتي تحاول ان تفرض أمرا واقعا يناسب مصالحها في بلد سمته الأساسية بعد «الاحتلال الأمريكي» الفوضى والفساد .
وضع مرشح للفوضى
ويؤكد الباحث والمحلل السياسي العراقي ناصيف الخصاف لـ«المغرب» ان الوضع في العراق مرشح للفوضى أمام تغول الجماعات المسلحة خارج إطار القانون وعجز الحكومات المتعاقبة عن تحقيق هدف حصر السلاح بيد الدولة». ويضيف بالقول: «الحقيقة المرة التي علينا نحن العراقيون أن نتعايش معها هي استحالة إجراء إنتخابات نزيهة في ظل إنتشار ظاهرة تحدي تلك الجماعات المسلحة للحكومة ومخالفتها الصريحة للدستور الذي يحظر تشكيل تنظيمات مسلحة خارج اطار الجيش والأجهزة الأمنية وتحدي هذه التنظيمات للقانون الذي يعتبر تشكيل تنظيمات مسلحة عاملة تهديدا لأمن الدولة والمجتمع ويعاقب أفرادها بأشد العقوبات فكيف يكون الأمر إذا كانت متهمة أصلا بقتل واختطاف الناشطين المدنيين وتدافع عنهم وتحميهم؟
اما بخصوص الاعتقالات بعد المظاهرات الاخيرة ضد الفساد، يجيب محدثنا: «الحقيقة ان المظاهرات الأخيرة كانت ضد استمرار استهداف الناشطين المدنيين والتي كان آخرها إغتيال الناشط المدني إيهاب الوزني في كربلاء.
فكان على المتظاهرين إظهار قدراتهم على إعادة تنظيم وإثبات ان إغتيال عددا منهم لن يوقف او يقلل من زخم الاحتجاجات المستمرة منذ 2015 ولغاية الآن والمطالبة ليس فقط بمحاسبة الفاسدين بل بتغيير الطبقة السياسية المتهمة بالفساد والفشل في إدارة موارد البلد وعجزها عن بناء مؤسسات دولة تمارس عملها وفق الدستور والقانون إضافة إلى عجز الحكومات المتعاقبة عن توفير البنى التحتية مثل الماء والكهرباء رغم انفاق مليارات الدولارات على هذين القطاعين وعجزها عن الوقوف بوجه المليشيات وحصر السلاح بيد الدولة.
ويوضح: «فعندما يمارس الناشطون حقهم الدستوري في التظاهر السلمي للتعبير عن سخطهم من الأداء السياسي والإداري يتعرضون للاغتيال والاعتقال بينما تمارس المليشيات أعمال الخطف والاغتيال والقتل وتهديد أمن ووجود الدولة والمجتمع وتفلت من العقاب. ويؤكد الخصاف بأن هذا ما يطمح إلى تغييره المتظاهرون لينال القتلة والفاسدون جزاءهم العادل وفق القانون وهذا ما يجب أن تسعى إلى تحقيقه كل القوى الوطنية في العراق.
التغيرات الإقليمية وتداعياتها
وتجدر الإشارة الى ان المنطقة تشهد في الآونة الأخيرة عدة تغيرات إقليمية مثل مناخ المصالحات الذي بدأ يتركز في اكثر من ملف مثل المصالحة المصرية القطرية والتسوية الليبية وغيرها. وعن انعكاسات هذه المتغيرات على الداخل العراقي وعلاقات العراق مع جيرانه الإقليميين يجيب محدثنا: «بخصوص الإنفراجة في العلاقات المصرية القطرية ونتائجها على الوضع في المنطقة، أقول إنها جاءت نتيجة طبيعة للإنفراج الذي حدث في العلاقات السعودية القطرية بعد مؤتمر قمة الدول الخليجية الأخير سيما وإن هناك مساعي جادة من بعض دول الخليج خاصة الكويت وسلطنة عمان لتحقيق تواصل بين دول المنطقة المختلفة والتي يشوب علاقاتها توتر واضح مثل المملكة العربية السعودية والإمارات مع قطر، وكذلك بينها وبين إيران، مع وجود إرادة دولية لتحقيق نوع من الإستقرار الأمني في مطقة الخليج والشرق الأوسط عموما، وتأتي الإنفراجة في العلاقات المصرية القطرية نتيجة طبيعية تعكس طبيعة التوجهات الجديدة للأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة في المنطقة.
وهي – بحسب المحلل السياسي العراقي - ليست منفصلة عن الأحداث الأخرى في المنطقة مثل التطورات الجارية في ليبيا، واليمن وإحتمال إنفراج الوضع وتراجع حدة العنف في سوريا أيضا. ويضيف: «ورغم التفاؤل ورسائل الإطمئنان والإشارات التي تبعثها هذه التطورات يبقى احتمال تغيير بوصلة الأحداث تجاه بقعة أو مكان آخر في المنطقة قائما بل ربما استطيع القول متزايدا، لا يمكن اعتبار ما يجري من تسويات وحلول لبعض الأزمات في المنطقة نهاية مرحلة العنف وتراجعها الى الخلف كثيرا بدليل تفجر الوضع قبل أسابيع في غزة والذي كان يمكن أن يتمدد ليشمل دول أخرى في المنطقة. ويضيف محدثنا: «ولا يسعني المرور سريعا على هذا الموضوع دون الإشارة إلى أمرين مهمين في هذا الشأن: يمكن إعتبار غزة وجنوب لبنان وربما دولة لبنان بالإضافة الى العراق الأماكن المرشحة لإعادة بوصلة الأحداث صوبها لأنها لا ما تزال تعتبر «مسائل معلقة» . والثاني: إن رد فصائل المقاومة على إقتحام الإسرائيليين لمسجد الأقصى كان الرد الأعنف من قبلها على إسرائيل ما سيجعل صاحب القرار الأمني والعسكري الإسرائيلي يعيد التفكير أكثر من مرة في إستسهاله لأي فعل أمني أو عسكري مستقبلا في غزة وفي غيرها.»
ويقول محدثنا إن ما حدث في غزة قد لا يدفع باتجاه ايجاد حل نهائي للوضع الفلسطيني كما يعتقد البعض، لأن العقلية الإسرائيلية المتحكمة بالقرار لا تؤمن بإمكانية نشوء دولة فلسطينية على الأرض الفلسطينية التي تحتلها «اسرائيل»، بل إن صعود منظمات راديكالية الى واجهة الأحداث في الأحداث الأخيرة مثل حماس والجهاد الإسلامي قد يبعد تحقيق هذا الهدف عشرات السنين. وهذا ليس تشاؤما بقدر ما هو قراءة موضوعية لتوجهات وعقليات الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة في المنطقة.
العراق بين دوامة التحديات الداخلية والتحديات الخارجية
- بقلم روعة قاسم
- 10:16 03/06/2021
- 494 عدد المشاهدات
تشهد بلاد الرافدين تصاعدا في حالة الغضب الشعبي بسبب تردي الخدمات العامة وقلة فرص العمل خاصة لدى الشباب خريج