المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالقدس في حوار خاص لـ«المغرب»: لن يستسلم الفلسطينيون وهم يدافعون في الميدان عن قدسهم ومقدساتهم وأوقافهم المستهدفة سواء إسلامية أو مسيحية

• لن تنجح سياسات الاحتلال لأن الفلسطينيين أصحاب قضية عادلة
دعا المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالقدس الأمة العربية

وكل أحرار العالم للدفاع عن القدس والتصدي لسياسة التطهير العراقي والممارسات العنصرية الظالمة الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في المدينة المقدسة وبحق المقدسات والاوقاف المسيحية والإسلامية . واكد في حوار خاص لـ«المغرب» مباشرة من القدس بأن رسالة الفلسطينيين -اليوم- من خلال معركتهم الأخيرة ومن خلال كل ما يقومون به من انتفاضات ونضال رافض للاحتلال: انه لن يضيع حق وراءه طالب . وحيا الشعب التونسي الواقف دوما الى جانب الحق الفلسطيني والذي احتضن الثورة الفلسطينية في أصعب المراحل التاريخية .
• أولا كيف تجدون الوضع في القدس خاصة بعد عودة الاعتقالات الاسرائيلية أمس في صفوف الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي القدس؟
تعاني مدينة القدس من سياسات الاحتلال التي تستهدف مقدساتها وأوقافها ومؤسساتها وانسانها الفلسطيني. الفلسطينيون في القدس مستهدفون ومضطهدون لانهم فلسطينيون متمسكون بمقدساتهم وانتمائهم لمدينتهم والتي نعتبرها العاصمة الروحية والوطنية لشعبنا الفلسطيني . كل شيء فلسطيني إسلامي او مسيحي مستهدف ومستباح في هذه المدينة المقدسة ويُراد لنا كفلسطينيين ان نتحول الى أقلية في مدينتنا ، في حين أن الفلسطيني في القدس ليس أقلية وليس جالية ولا ضيفا عند أحد بل ان القدس عاصمتنا وحاضنة مقدساتنا ونحن ننتمي للقدس ولا نتحدث عن فلسطين دون ان نؤكد ان القدس كانت وستبقى عاصمة لفلسطين .
ما يحصل استهداف مبرمج ومتواصل للنيل من مقدساتنا وأوقافنا الإسلامية والمسيحية، ففي القدس يُستهدف الحجر والبشر هنالك أحياء مهددة بالتطهير العرقي لا سيما حي الشيخ جراح، حيث ان سكان هذا الحي الذين نكبوا عام 48 مهددون بنكبة جديدة وسياسة تهجير جديدة. ويجب علينا كفلسطينيين وكأمة عربية ومعنا كل الأحرار في هذا العالم ان ندافع عن القدس وان نتصدى لسياسة التطهير العراقي والممارسات العنصرية الظالمة بحق شعبنا في المدينة المقدسة وبحق مقدساتنا وأوقافنا مسيحية كانت أم إسلامية .
• ما أبرز نتائج ودلالات معركة «سيف القدس» وهل أن الفصائل الفلسطينية فرضت قواعد جديدة؟
معركة «سيف القدس» كغيرها من المعارك التي خاضها شعبنا الفلسطيني وكل الانتفاضات وكل التصدي الباسل لسياسات الاحتلال، انما هي رسالة يطلقها الفلسطينيون جميعا للعالم بأسره بأنهم لن يستسلموا للاحتلال ولن يرفعوا الراية البيضاء. لم يتوقف الفلسطينيون عن مقاومة الاحتلال ورفضه والنضال ضد الاحتلال منذ النكبة والنكسة إلى حد هذه اللحظة، كان هذا بوسائل وأنماط ووسائل متعددة. الفلسطينيون لم يستسلموا في أي وقت من الأوقات للاحتلال. واليوم رسالة الفلسطينيين للعالم بأسره -كما كانت في كل حين وكل وقت- ان الفلسطيني لم يتخل عن القدس المقدسات ولن يتخلى عن وطنه، وكل حبة تراب من فلسطين تعني بالنسبة إلينا التاريخ والكرامة والجذور العميقة في تربة هذه الأرض المقدسة . الفلسطينيون رقم صعب وندرك جيدا ان هناك من يتآمرون علينا ويخططون لتصفية قضيتنا، ونعرف من هو الصديق والعدو ولكن في هذا الوقت يجب أن يدرك العالم بأسره ان الفلسطينيين موجودون وقضيتهم موجودة ولا يحق لأية جهة ان تشطب وجودنا ولا يمكن لأية جهة من ان تصفي وجودنا، بل نحن موجودون وقضيتنا موجودة وقدسنا موجودة ومقدساتنا موجودة ورسالة الفلسطينيين اليوم من خلال معركتهم الأخيرة ومن خلال كل ما يقومون به من انتفاضات ونضال رافض للاحتلال، رسالتنا انه لن يضيع حق وراءه طالب ونحن موجودون وسنبقى مدافعين عن عدالة قضيتنا .
• كيف هو وضع المقدسات في ظل الأطماع الصهيونية المتواصلة من أجل تهويد القدس؟
لا نتحدث عن المقدسات بمعزل عن الانسان ، في القدس كل شيء مستهدف الهدف والحجر والمقدسات سواء كانت إسلامية او مسيحية والشعب الفلسطيني كله مستهدف في هذه المدينة المقدسة. هناك أطماع صهيونية في القدس وهم يعملون على «أسرلة وصهينة» كل شيء . في هذه المدينة المقدسة يسرقون الأوقاف ويستهدفون الأقصى ويقتحمون باحاته ويعتدون على المصلين سواء أكانوا مسلمين او مسيحيين . في المقابل تجلت الوحدة الوطنية الفلسطينية بأبهى صورها في باحات القدس وأزقتها وشوارعها دفاعا عن القدس . لذلك نعتقد ان هناك عدوانا ومخططا صهيونيا يستهدف القدس ومقدساتها ولكن في المقابل هناك شباب منتفضون ويقفون شامخين رافضين يتصدون للاحتلال بصدور عارية لذلك الاحتلال لن يتمكن من بسط هيمنته وسطوته على القدس وسياسات الاحتلال مآلها الفشل . والفلسطينيون لن يستسلموا وهم في الميدان مدافعين عن قدسهم ومقدساتهم وأوقافهم المستهدفة والمستباحة . لن تنجح سياسات الاحتلال لأنها سياسات ظالمة والفلسطينيون هم أصحاب قضية عادلة وان قوة الحق هي أقوى من قوة الباطل . الباطل مهما كانت قوته العسكرية والمالية وغيرها لكنه يبقى باطلا . الفلسطينيون قضيتهم عادلة لذلك هم الذين سينتصرن في النهاية .
• وكيف يمكن اسناد الشعب الفلسطيني في معركته في وجه المحتل؟ وما انتظاراتكم من الشعوب العربية ومن المجتمع الدولي ككل؟
نحن من رحاب مدينة القدس نوجّه تحياتنا الى كل أشقائنا العرب والى كل أصدقائنا من المحيط الى الخليج . القضية الفلسطينية هي ليست قضية الفلسطينيين لوحدهم بل هي قضية الأمة العربية الواحدة . نحن نتمنى من أشقائنا العرب الذين نثمّن مواقفهم وتضامنهم ووقوفهم الى جانب الحق الفلسطيني بان لا يكتفوا ببيانات الشجب والاستنكار والمؤتمرات والتصريحات . طبعا نحن لا نقلل من أهمية البيانات والمؤتمرات والتصريحات الشاجبة للاحتلال والمتضامنة مع شعبنا، هذا كله مهم ، ولكن يجب ان يكون مقترنا بمواقف عملية . ولعل أهم شيء يجب ان يَصار حقيقة، هو إعادة اعمار ما دمرّه الاحتلال في غزة وكذلك دعم صمود المقدسيين ليبقوا في مدينتهم لأن بقاء المقدسي في مدينته هو الذي يحافظ على القدس ومقدسات القدس .
هناك شهداء يجب ان يتم الاعتناء بعائلاتهم ومنكوبون وأسرى بسبب سياسات الاحتلال ومن واجب الأمة العربية ان تقف الى جانب الشعب الفلسطيني في محنته ، ليس فقط من خلال بيانات ومواقف نثمنها ونقدرها عاليا بل هناك حاجة لاتخاذ قرارات وإجراءات عملية على الأرض لمساندة ومساعدة الفلسطينيين من أجل صموتهم وثباتهم وبقائهم في هذه الأرض المقدسة .
• كلمتكم للشعب التونسي والعربي؟
نحيي الشعب التونسي الشقيق ، تونس احتضنت الثورة الفلسطينية من زمن بعيد، وتونس قدمت دوما للقضية الفلسطينية وشعبها شعب صديق ونحن نقدم التحية لتونس قيادة سياسة وأحزابا وشعبا ،وكل أطياف المجتمع التونسي نحن نحييهم ونثمن مواقفهم . خلال الأيام الماضية تلقينا الكثير من الاتصالات وقرأنا الكثيرة من المواقف الآتية الينا من تونس الخضراء . لتونس نقول شكرا من رحاب القدس نحن أوفياء لتونس كما أننا أوفياء لكل أقطارنا العربية ولكل شعوبنا العربية الصديقة التي وقفت دوما الى جانب الحق العربي والقضية الفلسطينية بشكل عام .
• كيف يمكن حماية هذه الوحدة الفلسطينية التي تحققت في الشارع الفلسطيني بعد سنوات الانقسام الموجع؟
اعتقد بانه لا يوجد عمليا انقسام في الساحة الفلسطينية ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، المظاهرات التي كانت والاعتصامات شارك فيها أشخاص من كل الفصائل والأحزاب . ولم يكن هناك لون واحد وكل الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه السياسية مسيحيون ومسلمون خرجوا للتظاهر وهناك أاشخاص لا ينتمون الى أي فصيل او حزب سياسي . الانقسامات كانت بسبب عوامل خارجية وليست داخلية والانقسامات تغذيها جهات خارجية لا تريد الخير للشعب الفلسطيني وفي خلال الأيام الأخيرة شهدنا توحدا لا مثيل له للفلسطينيين . نحن نتمنى ونطالب من كل القيادات السياسية الفلسطينية ان تعمل من أجل انهاء الانقسامات . لا نريد لهذه لانقسامات ان تكون، يجب ان نتوحد وهذا ما هو حاصل على الأرض يعني هذه المظاهرات التي شاهدتموها في القدس وغيرها من البلدات الفلسطينية لم تكن لطيف سياسي واحد بل الكل ساهم وشارك وكان له حضور من كل الأحزاب الوطنية . كما ان العدوان على غزة لم يستهدف فصيل بعينه بل استهدف كل أبنائنا هناك الذين نحييهم ونحيي صمودهم. وبالتالي نعتقد ان ما يجب ان يحدث الآن هو ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وانهاء الانقسامات لكي نكون موحدين وأقوياء في دفاعنا عن قضيتنا .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115