فصائل المقاومة الفلسطينية تغّير معادلات الصراع مع الكيان الصهيوني: وحدة الفلسطينيين تصنع تاريخا جديدا

إعداد : روعة قاسم ووفاء العرفاوي
دخل وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وكيان الاحتلال الإسرائيلي حيز التنفيذ فجر أمس الجمعة، وبعد 11 يوما من القتال ،

سكتت الصواريخ والقذائف وخرج الفلسطينيون للاحتفال بانتصارهم النوعي على الاحتلال الصهيوني . وهو انتصار الصمود والإرادة التي لا يكسرها احتلال، وانتصار للحق الفلسطيني الذي لا يسقط بالتقادم وهو انتصار موجّه لكل الشعوب حول العالم التي خرجت الى الشوارع والساحات دفاعا عن الفلسطينيين في معركتهم العادلة والشرعية لمواجهة الاحتلال الصهيوني واسترداد حقوقهم المغتصبة ووقف الجرائم الصهيونية بحقهم. انه صباح زيتونة قدسية وصباح الأقصى الشامخ وصباح كنسية القيامة والأزقّة الفلسطينية وأحجار فلسطين الصامدة وترابها الوفي لأبنائه .
لقد غيرت الحرب التي استمرت 11 يوما معادلات الصراع وأثمرت معادلة جديدة، هذا ما تبينه الأرقام والمؤشرات ، وذلك رغم الثمن الباهظ الذي دفعه الفلسطينيون من دمائهم وشهدائهم فداء لتراب فلسطين وحقهم المقدس ...
«لقد فشل الجيش الإسرائيلي في إحباط وتدمير نظام إطلاق الصواريخ الفلسطينية خلال العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة ضد غزة» هذا ما اٌقر به محلل عسكري إسرائيلي بارز في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، واستدرك قائلاً: « فشل الجيش الإسرائيلي في إحباط وتدمير نظام إطلاق الصواريخ، إذ لا يزال الكثير من السلاح الاستراتيجي الرئيسي للمنظمات المعادية في غزة قابلاً للاستخدام، مما يسمح لحماس والجهاد بتهديد إسرائيل». لقد أقرّ الاسرائيليون بأنفسهم بالهزيمة طالما انهم لم يستطيعوا على مدار 11 يوما اسكات صوت الفلسطينيين وصراخهم وصواريخهم ومسيراتهم الموحدة ولم يسكتوا التضامن الانساني حول العالم بقضيتهم ...خَيلّ لنتنياهو بان اتفاقات العار التطبيعية ستضع حدا للقضية الفلسطينية بتصفيتها وتحويلها فقط الى قضية لاجئين ، وان هناك مرحلة جديدة من الاستسلام بواقع الاحتلال ، ولكن ارادة الفلسطينيين وانتفاضتهم الشعبية وصمودهم غيّرا كل المعادلات وأظهر بان لا حق يضيع طالما ان وراءه شعب جبار لا يقهر. لقد أسفر العدوان الإسرائيلي الوحشي على الأراضي الفلسطينية والبلدات الفلسطينية داخل كيان إسرائيل، عن استشهاد 263 بينهم 69 طفلاً، و40 سيدة، 17 مُسنّاً، فيما أدى إلى إصابة أكثر من 8900، منهم 90 صُنفت إصاباتهم شديدة الخطورة.
وبعد ان عجز سكان غزة عن الاحتفال بعيد الفطر الأسبوع الماضي خرج كثيرون منهم إلى الشوارع في الثانية صباحا للاحتفال ببدء الهدنة. واكتظت شوارع غزة الرئيسية بالسيارات التي أطلق السائقون نفيرها ولوحوا بالأعلام من النوافذ ووصفت حماس القتال بأنه مقاومة ناجحة لعدو أقوى عسكريا واقتصاديا.
ويبدو ان معركة «سيف القدس» ستلقي بثقلها على المستقبل السياسي لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتيناهو ، فقد تصاعدت الانتقادات الموجهة ضده داخل الكيان منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، ووجه إسرائيليون انتقادات لنتنياهو على خلفية ما وصفوه بـ«الاتفاق المحرج» ودعوه للذهاب إلى منزله.
واعتبر زعيم حزب «أمل جديد» اليميني المعارض جدعون ساعر أن «نتنياهو انتزع اتفاقا محرجا». وأضاف «لنتنياهو دائما اعتبارات سياسية، كان عليه أن يفعل كل شيء حتى لا يحرق البلاد من الداخل، كان بإمكانه فعل أشياء كثيرة لمنع الاحتراق الداخلي وهو لا يفعلها».
هذا العدوان الاسرائيلي على غزة مرحلة من معركة طويلة متواصلة بمختلف الأشكال بالسلاح وبالدبلوماسية وبالثقافة والفكر ...انها معركة نضالية شعبية وليست معركة غزة او القدس او حي الشيخ جراح فحسب بل هي معركة كل فلسطين في مواجهة مؤامرات تهويد القدس والاستيطان المتواصل. ولعل أهم دلالاتها هو ان الفلسطينيين تمكنوا بوحدتهم فقط في فلسطين التاريخية وفي الشتات من إيقاف ضربات العدو . فالحرب ستستمر بوسائل أخرى ، والمهم أن ينتصر الفلسطينيون لوحدتهم الوطنية .
ارتياح وصمود
لقد توقف القتال بين «إسرائيل» والفلسطينيين في قطاع غزة أمس الجمعة، حيث التزم الجانبان بوقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ بعد منتصف ليلة أمس الأول الخميس.غير أنّ كل جانب حذر من أنه سيتم رفع وقف إطلاق النار، إذا لم يلتزم الجانب الآخر بالاتفاق.وفي قطاع غزة، خرج الآلاف إلى الشوارع فور سريان وقف إطلاق النار. وأعربوا عن ارتياحهم بإطلاق الألعاب النارية والأعيرة النارية في الهواء.
من جهة أخرى، بارك «حزب الله» في بيان له أمس الجمعة للشعب الفلسطيني انتصاره في معركة «سيف القدس» معتبراً أنّ المقاومة الفلسطينية أعادت الحياة ‏إلى ‏القضية الفلسطينية مجدداً وباتت أملاً للشعوب المستضعفة على مستوى العالم. ورحب مسؤولون كبار في الإتحاد الأوروبي بوقف إطلاق النار في غزة وحثوا الجانبين على الالتزام به، وسعي الإسرائيليين والفلسطينيين نحو حل دائم.
وقال الممثل الأعلى للإتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، جوزيب بوريل في بيان «الحل السياسي فقط هو الذي سيحقق سلاما مستداما وسينهي إلى الأبد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي».
وقال رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل «يجب انتهاز الفرصة للسلام والأمن للمواطنين». كما حثت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورزولا فون دير لاين «الجانبين على التمسك به وتحقيق الاستقرار في الوضع على المدى الطويل». وقال المتحدث باسم جماعة الحوثيين، محمد عبد السلام، في بيان نقلته قناة (المسيرة) الموالية للحوثيين «نهنئ الشعب الفلسطيني ومقاتليه من المقاومة على تحقيق النصر.
يشار الى انه سجلت امس 15 إصابة واعتقالات بين المصلين بالمسجد الأقصى إثر اقتحام قوات الاحتلال باحات المسجد وإطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الصوت. وكان المصلون قد نظموا مسيرة عقب صلاة الجمعة رفعوا فيها الأعلام الفلسطينية ورددوا هتافات منددة بالاحتلال الإسرائيلي. كما اندلعت مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال في مناطق متفرقة بالضفة الغربية المحتلة مثل نابلس والبيرة والخليل وبيت لحم.
ردود فعل عالمية على الهدنة
تتالت ردود الفعل العالمية على الهدنة بين «إسرائيل» وحركة حماس أنهت مواجهات تُعد من أعنف المعارك بينهما منذ سنوات ، حيث أكد الامين العام للأمم المتحدة أنه تقع على عاتق الجانبين اليوم مسؤولية تتجاوز استعادة الهدوء وتتمثل في بدء حوار جاد لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع.
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن أن «غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية وينبغي بذل كل جهد لتحقيق مصالحة وطنية حقيقية تنهي الانقسام». واضاف «ما زلنا ملتزمين بالعمل مع الأمم المتحدة وغيرها من الجهات الدولية النافذة لتقديم مساعدة إنسانية عاجلة وحشد الدعم الدولي لسكان غزة ولجهود إعادة إعمار غزة».»أعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء يستحقون أن يعيشوا في أمن وأمان وأن ينعموا بدرجات متساوية من الحرية والازدهار والديمقراطية».»ستواصل إدارتي دبلوماسيتنا الهادئة الراسخة لتحقيق هذه الغاية. وأعتقد أن لدينا فرصة حقيقية لإحراز تقدم وأنا ملتزم بالعمل على ذلك».
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «تلقيت بسعادة بالغة المكالمة الهاتفية من الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتي تبادلنا خلالها الرؤى حول التوصل لصيغة تهدئة للصراع الجاري بين «إسرائيل» وقطاع غزة. وقد كانت الرؤى بيننا متوافقة حول ضرورة إدارة الصراع بين كافة الأطراف بالطرق الدبلوماسية».
مبعوث الأمم المتحدة للسلام
من جانبه قال مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط «أرحب بوقف إطلاق النار بين غزة وإسرائيل، وأتقدم بأحر التعازي لضحايا العنف وذويهم. وأثني على مصر وقطر للجهود التي جرت بالاتصال الوثيق مع الأمم المتحدة للمساعدة في استعادة الهدوء.
أعمال بناء فلسطين يمكن أن تبدأ»
أما السفيرة الأمريكية إلى الأمم المتحدة ليندا توماس-جرينفيلد فقالت «الآن، يجب أن نحول تركيزنا نحو تحقيق تقدم ملموس بدرجة أكبر باتجاه السلام الدائم. ويجب أن نعمل معا لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة على الأرض، وهي -في الواقع- هائلة في غزة». وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب بدوره «أرحب بنبإ وقف إطلاق النار بين «إسرائيل» وغزة. على كل الأطراف العمل على صمود وقف إطلاق النار وإنهاء الدائرة غير المقبولة من العنف وفقدان حياة المدنيين.. وستواصل المملكة المتحدة دعم الجهود لتحقيق السلام».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115