«غزة» تحت القصف الإسرائيلي: ارتفاع حصيلة ضحايا التصعيد الصهيوني وفشل دبلوماسي دولي في إرساء هدنة

إعداد : روعة قاسم ووفاء العرفاوي 

تستمر قوات الاحتلال الإسرائيلي في تصعيدها ضدّ المدنيين الفلسطينيين في القدس المحتلة وقطاع غزة وحي «الشيخ جراح»

رغم الدعوات الدولية للتهدئة بعد أسبوعين من المواجهات العنيفة بين قوات الإحتلال وأصحاب الأرض أدت إلى مقتل 213 فلسطينيا من بينهم 61 طفلا، إضافة إلى أكثر من 1400 جريح، حسب آخر إحصائيات وزارة الصحّة الفلسطينيّة. وكخطوة في مسار ردهم على التصعيد العنيف للإحتلال نفّذ الفلسطينيون في الضفّة الغربيّة المحتلّة بما فيها القدس الشرقيّة إضرابا شاملا.وفي سياق الجهود الدولية لحلحة الوضع وإرساء هدنة من شأنها لإيقاف نزيف شهداء فلسطين عقد مجلس الأمن الدولي جلسة جديدة حول التصعيد الصهيوني هي الرابعة في ثمانية أيّام، دون التوصّل إلى إصدار بيان مشترك، في ظلّ إصرار واشنطن على أنّ النصّ لن يؤدّي إلى احتواء التصعيد، وفق دبلوماسيّين.وقدّمت فرنسا بالتنسيق مع مصر والأردن، مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وغزّة، بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسيّة.
وأوضح الإليزيه أنّه خلال اجتماع بين الرئيسَين الفرنسي إيمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي اللذين انضمّ إليهما العاهل الأردني عبدالله الثاني عبر الفيديو، وقد «اتّفقت الدول الثلاث على ثلاثة عناصر بسيطة» تتمثّل في أنّ «إطلاق (الصواريخ) يجب أن يتوقّف، وأنّ الوقت قد حان لوقفٍ لإطلاق النار، وأنّ مجلس الأمن الدولي يجب أن يتولّى» الملفّ.
وتواصلت غارات سلاح الجوّ الحربي الإسرائيلي على قطاع غزّة.
وقد شن الطيران الإسرائيلي عشرات الغارات على غزة، مما ألحق أضرارا خاصة على عيادة هي الوحيدة التي تجري فحوص كشف الإصابة بكوفيد-19 ومكاتب الهلال الأحمر القطري ومباني وزارة الصحّة في القطاع الفقير والمحاصر منذ حوالي 15 عاما.وبعد إعادة فتح معبر كرم أبو سالم ساعات محدودة بهدف إدخال مساعدات، أكدت وحدة تنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) على إغلاقه إثر إطلاق قذائف هاون في اتجاهه ونحو معبر إيريز.على جبهة أخرى، أُطلِقت صواريخ عدّة من جنوب لبنان باتّجاه «إسرائيل» التي ردّت بإطلاق مدفعيّتها نحو مصادر النيران، حسب ما قالت مصادر أمنيّة في البلدين.
إضراب شامل
ميدانيا أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن مقتل ثلاثة شبان متأثرين بجروحهم بعد «إطلاق الجنود الإسرائيليين الرصاص الحي باتجاههم خلال مواجهات في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية. وأشار الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق نار نحو جنود إسرائيليين خلال تظاهرة شمال مدينة رام الله مما أسفر عن إصابة اثنين منهم.
وعمّ الإضراب الشامل مدن الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية المحتلة والوسط العربي داخل «إسرائيل» استجابة لدعوات شعبية ورسمية «تضامنا مع قطاع غزة ورفضا للاحتلال الاسرائيلي».
وأعلنت الحكومة الفلسطينية عن تعطيل العمل الثلاثاء كي يتسنى للموظفين المشاركة في المسيرات في حين دعت حركة فتح في بيان الفلسطينيين للمشاركة في مسيرات وتظاهرات تنطلق من مراكز المدن وفي المواجهة «السلمية» مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين الثلاثاء. وقد أغلقت المتاجر الفلسطينية غير الأساسية في مدن الضفة الغربية والقدس الشرقية بما في ذلك في نقطة التوتر عند باب العامود المدخل إلى المدينة القديمة وحي الشيخ جراح.
وقد بدأ التصعيد مع صدامات جرت في القدس المحتلة، مما دفع الفصائل المسلّحة، بينها حماس والجهاد الإسلامي، إلى إطلاق آلاف الصواريخ باتّجاه «إسرائيل» وهي أعلى وتيرة إطلاق صواريخ.
هذا وقد أجّجت قضيّة حيّ الشيخ جرّاح المشهد حيث واجهت عدة عائلات فلسطينيّة خطر إخراجها من منازلها لصالح جمعيّات استيطانيّة، ممت ادى إلى التصعيد الحالي الذي توسّعت دائرته لتشمل المسجد الأقصى والضفة الغربيّة المحتلّة وقطاع غزّة.
دبلوماسية «متكتمة
وفي وقت تتعثر فيه جهود التوصل لتهدئة، أعلن الإليزيه إجراء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي مباحثات عبر الفيديو مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، سعياً لوساطة في التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين «مع هدف تحقيق وقف إطلاق نار سريع وتجنّب توسع النزاع».
كذلك باشرت الأمم المتحدة بمساعدة قطر ومصر مبادرة ترمي إلى احتواء التصعيد.واعتبر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أن النزاع بين إسرائيل وحماس يدفع المنطقة بكاملها «في الاتجاه الخاطئ»، داعيا الى الضغط على «جميع الأطراف» لوقف العنف. ودعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الى «وقف فوري لكل أعمال العنف وتطبيق وقف لإطلاق النار» بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك إثر اجتماع طارئ لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد.وصرح بوريل بأن «الهدف حماية المدنيين والسماح بإيصال المساعدة الإنسانية إلى غزة»، مؤكدا أن هذا الموقف يحظى بدعم 26 من 27 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي، باستثناء المجر.واعتبر أن «العدد المرتفع للضحايا المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال، أمر غير مقبول».
اجتماع البرلمان العربي
في الأثناء تعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس،أمس الأربعاء، بملاحقة مرتكبي الجرائم ضد شعبه في المحاكم الدولية، واصفا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بأنه «إرهاب دولة منظم».جاء ذلك في كلمة مسجلة، ألقاها عباس أمام الجلسة الطارئة للبرلمان العربي حول الجرائم والانتهاكات المستمرة لإسرائيل، ونقلها تلفزيون فلسطين الرسمي. وقال عباس: «ما تقوم به دولة الاحتلال الآن في قطاع غزة إرهاب دولة منظم وجرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي، ولن نتهاون في ملاحقة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية».وأضاف أن «القدس هي عاصمة دولة فلسطين الأبدية، التي لا يمكن أن نرضى عنها بديلا، وهي مفتاح السلام والأمن والاستقرار في منطقتنا وفي العالم».
وجدد عباس تمسكه بمبادرة السلام العربية التي أقرتها القمم العربية المتعاقبة منذ قمة بيروت عام 2002 «أي الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلت عام 1967 أولاً، ثم البحث في أية قضايا تخص العلاقة مع إسرائيل بعد ذلك، وليس العكس».وأردف أن العمل «منصب اليوم على وقف العدوان الإسرائيلي على شعبنا في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، ومن ثم الدخول في عملية سياسية جدية، وبمرجعية دولية واضحة، تفضي إلى إنهاء الاحتلال».وأبدى عباس استعداده «لتشكيل حكومة وفاق وطني تلتزم بالشرعية الدولية وتكون مقبولة دولياً».
وانطلقت أمس الأربعاء، بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية في العاصمة المصرية القاهرة، أعمال الاجتماع الطارئ للبرلمان العربي لبحث التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.وفي كلمته بمستهل الجلسة، أشار رئيس البرلمان العربي عادل بن عبد الرحمن العسومي، إلى العدوان على قطاع غزة وما يتعرض له من «قصف همجي متواصل، وتعمد واستهداف المدنيين في قطاع غزة، وسقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى». وأضاف أن هذه «السياسات العدوانية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تؤكد على استخفاف سلطات الاحتلال بجميع قواعد القانون الدولي، واستفزازها لمشاعر الملايين من المسلمين والمسيحيين في أنحاء العالم».
ومنذ 13 أفريل الماضي، تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جراء اعتداءات «وحشية» ترتكبها شرطة إسرائيل ومستوطنوها في مدينة القدس المحتلة، خاصة المسجد الأقصى وحي «الشيخ جراح»، في محاولة لإخلاء 12 منزلاً فلسطينيًا وتسليمها لمستوطنين.
روسيا ترفض أي خطوات تهدد بسقوط مزيد من المدنيين
من جانبها أعربت روسيا، أمس الأربعاء، عن «قلقها البالغ» ورفضها لأي خطوات تهدد بمقتل مزيد من الضحايا المدنيين جراء «التصعيد الإسرائيلي - الفلسطيني» الحالي في قطاع غزة.
وقالت الخارجية الروسية في بيان، إن نائب وزير الخارجية مبعوث الرئيس الخاص إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، أبدى خلال اجتماعه اليوم في موسكو، مع سفير الإحتلال ألكسندر بن تسيفي، «عن بالغ قلقه إزاء التصعيد الإسرائيلي - الفلسطيني الحالي».
وأضاف البيان أن «اللقاء شهد تبادلا صريحا لوجهات النظر إزاء واقع الأوضاع في العلاقات الإسرائيلية - الفلسطينية، لا سيما التطورات في قطاع غزة».وأكد البيان أن «الجانب الروسي خلال الاجتماع أبدى بالغ قلقه إزاء تصعيد العنف، وشدد على أن أي خطوات من شأنها أن تؤدي إلى مقتل المزيد من الضحايا بين المدنيين غير مقبولة».
وجدد الجانب الروسي خلال اللقاء استعداد موسكو لتقديم جهود الوساطة إلى الأطراف المعنية بهدف «الإسهام في تسوية النزاع من خلال التفاوض بناء على أساس القاعدة القانونية الدولية المعروفة».
هذا وقد تظاهر مئات اليمنيين بمحافظة تعز،أمس الأربعاء، دعمًا لصمود الشعب الفلسطيني، وتنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة.
وأفاد مراسل الأناضول بأن مئات المواطنين احتشدوا في مظاهرتين منفصلتين؛ الأولى في مدينة التربة جنوبي محافظة تعز (جنوب غرب)، دعت إليها منظمة «شباب الثورة في مديرية الشمايتين» (أهلية).والثانية في «شارع جمال» وسط مدينة تعز بالمحافظة التي تحمل الاسم ذاته، دعت إليها منظمة «الهيئة الشعبية لنصرة فلسطين» (غير حكومية).وأضاف أن المتظاهرين رفعوا لافتات كتب عليها عبارات داعمة للفلسطينيين، ومنددة بإسرائيل من قبيل: «غزة تسقط مشروع التطبيع وتدفن صفقة القرن إلى الأبد»، و»إسرائيل كيان إرهابي»، و»الأقصى.. من قبلة للمسلمين إلى قبلة للإنسانية»، و»الوطن، الدولة، العودة.. حقوق لا تسقط بالتقادم». وأشار إلى أنهم رددوا هتافات كان أبرزها: «من تعز إلى غزة.. جيل النصر والعزة»، و»خيبر خيبر يا يهود، جيش محمد سوف يعود».‎
وأدان بيان للهيئة الشعبية لنصرة فلسطين، قرئ على هامش مظاهرة مدينة تعز «الهمجية التي ينفذها الاحتلال الصهيوني من تهديم المساكن على رؤوس الأطفال والساكنين بوحشية غير مسبوقة».وأوضح أن «نضال الشعب الفلسطيني المتناغم من الأقصى إلى غزة، ومن الضفة إلى الداخل أثبت وحدة الثورة والوطن وسقوط كافة المشاريع التي عملت وتعمل على تمزيق الشعب الفلسطيني».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115