فرنسا تلقي القبض على 7 أعضاء من «الألوية الحمراء» الإيطالية: ترحيلهم إلى روما، بعد منحهم حق اللجوء السياسي، رهن موافقة القضاء

أعلنت السلطات الفرنسية في الأسبوع الماضي عن إيقافها لـ7 أعضاء من «الألوية الحمراء» الايطالية وهي فرقة من المقاتلين اليساريين الراديكاليين

الذين قاموا بقتل واختطاف عدد من المسؤولين الإيطاليين خلال «سنوات الجمر» بين 1970 و1980. وجاءت الإيقافات استجابة لطلب إيطالي وافق عليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شخصيا.
وكان عدد هام من المنتمين إلى «بريغادي روسي» قد لجأوا إلى فرنسا وقد منحهم الرئيس الاشتراكي الأسبق فرنسوا ميتران حق اللجوء. وسلطت المحاكم الإيطالية على الإرهابيين اليساريين أحكاما قاسية وأدرجت أسماءهم في قائمات المفتش عنهم وطالبت السلطات الفرنسية بتسليمهم للدولة الإيطالية بدون أن يفضي ذلك إلى نتيجة. وتواصلت الحالة إلى عام 2002 عندما قرر الرئيس جاك شيراك تسليم باولو برسيكاتي الذي كانت يداه «ملطخان بالدم» حسب العبارة المستعملة آنذاك. وعبر رئيس الحكومة الإيطالية ماريو دراغي، الذي تحادث في الموضوع هاتفيا مع الرئيس إيمانويل ماكرون، عن «ارتياحه للقرار الفرنسي بتفعيل التتبع القضائي المطالب بها إيطاليا.» وذكر دراغي أن الموقوفين «مسؤولون عن عمليات إرهاب إجرامية» و «أن ذاكرة هذه الأعمال الوحشية لا تزال حية في ضمائر الإيطاليين.»
مقتل رئيس الحكومة ألدو مورو
تم بعث «الألوية الحمراء» عام 1973 على يد الباحث في علم الاجتماع ريناتوكورتشيو الذي كان يدافع عن الإيديولوجية الماركسية اللينينية. وقامت بأول عملية في نفس السنة باختطاف رئيس قسم الموظفين في شركة «فيات» ثم اختطفت حاكما في مدينة جنوة قبل أن تنظم اختطاف وقتل رئيس الوزراء ألدو مورو بعد 55 يوما من الاحتجاز في «سجن الشعب» مع 5 من حراسه الأمنيين. وقد خلفت العملية سخط الإيطاليين والعالم لما لتلك العملية من بشاعة. وقامت «الألوية الحمراء» بعشرات العمليات المماثلة ضد حكام ومسؤولين سياسيين وصحفيين ورجال أعمال.
وتتهمها السلطات القضائية بقتل الدبلوماسي الأمريكي ليمون هانت عام 1984. وتعددت فيما بعد التنظيمات المماثلة إلى حدود عام 2002. وكانت جميعها تنتمي إلى اليسار الشيوعي الراديكالي مثل «المقاومة إلى الأمام» و «الخط الأمامي» و«المقاومة المسلحة من أجل الشيوعية» و«عمال مسلحون من أجل الشيوعية». واندثرت هذه المجموعات الإرهابية مع حملة القمع المنظمة ضدها من قبل النظام الديمقراطي المتأتي من «المصالحة التاريخية» بين اليسار والديمقراطية المسيحية.
200مطلب إيطالي ملح
وتم تفعيل ملف اللاجئين اليساريين مع القاء القبض على زعيمهم سيزاريبا تيستيفي في جانفي 2019 ببوليفيا وترحيله الى إيطاليا وهو الذي لجأ إلى فرنسا وعاش فيها قرابة أربعين سنة مفلتا من العقاب. وطالب في ذلك الحين وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني فرنسا بتسليم «قاتلي الأبرياء» معتبرا أن «الإرهابيين الإيطاليين الذين أدانهم القضاء يقضون حياة ممتازة في فرنسا.»منذ سنة 2000 دخلت الحكومة الفرنسية في حوار مع إيطاليا في شأن مطالب الترحيل واتفق الجانبان على دراسة كل حالة على حدة. وصرح في الأسبوع الماضي قصر الإيليزي أن «الرئيس أراد حل هذه القضية كما طالبت به إيطاليا منذ سنوات». وأضاف «فرنسا نفسها تعاني من الإرهاب وتتفهم ضرورة العدل بالنسبة للضحايا، وهي تعمل في هذا الإطار على إرساء اتحاد أوروبي عادل تكون الثقة المتبادلة ديدنه».
وكانت وزيرة العدل الإيطالية مرتاكرتابيا قد أرسلت في 8 أفريل إلى زميلها الفرنسي إيريك دوبون موريتي «مطلبا عاجلا من السلطات الإيطالية من أجل ألا تفلت هجمات «الألوية الحمراء» من العقاب». وكانت الصحف الإيطالية قد ذكرت أن بعض المفتش عنهم يمكن أن يفلتوا من العقاب بسبب تقادم القضية الذي يفرضه القانون الإيطالي. وأكدت وسائل الإعلام الإيطالية أن روما طالبت بتسليمها 200 شخصا محكومين في قضايا إرهابية لكن المفاوضات تمحورت حول تسليم الأشخاص الذين ثبتت مشاركتهم في أعمال قتل، حسب ما ورد في بيان قصر الإيليزي.
لسان الدفاع و «الخيانة الفرنسية»
واعتبر محامو الأشخاص السبعة الموقوفين أن العملية «خيانة من قبل فرنسا». وقال الأستاذ تريل أحد الموقوفين: «فرنسا أعطتهم حق اللجوء والسلطات من اليمين واليسار قررت ذلكو ليس فرنسوا ميتران». وأشار إلى أن اللاجئين الإيطاليين قضوا أكثر من 30 سنة في فرنسا وكانوا تحت حماية فرنسا.»وأضاف أن هذه الحالة مرفوضة قانونا وأن لسان الدفاع عازم على رفع قضية ضد تلك الإيقافات.
وقررت السلطات القضائية المعنية بالمسألة إطلاق سراح الموقوفين ووضعهم في حالة سراح مشروط إلى حين تبت المحكمة في أمر تسليمهم إلى السلطات الإيطالية من عدمه بعد دراسة الملفات التي تقدم بها المدعي العام التابع لمحكمة الاستئناف بباريس. وبعد الانتهاء من التحقق في كل قضية يمكن للمحكمة إقرار تسليم المتهمين بعد اعطائهم حق الطعن.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115