جو بايدن يطلق «حلف الديمقراطيات»: التصدي إلى نفوذ الصين وروسيا في الميزان

أعلن مؤخرا الرئيس الأمريكي جو بايدن عن عزمه إنشاء «حلف الديمقراطيات» بين الدول التي تدافع عن التمشي الديمقراطي

في إدارة الشأن العام. وهي فكرة قدمها بايدن خلال حملته الانتخابية ووعد بتنظيم قمة للديمقراطيات قبل نهاية السنة الأولى من ولايته في إطار محاصرة النفوذين الصيني والروسي في منطقة المحيط الهادي وفي الشرق الأوسط.
فكرة الدفاع عن الديمقراطية ليست جديدة لدى الديمقراطيين الأمريكيين. فقد تجسمت مع خلال الحرب العالمية الثانية في مبدإ «العالم الحر» الذي قاوم النازية وأفرز منظمة الحلف الأطلسي في مواجهة حلف فرصوفيا. واعتمد الحزب الديمقراطي في ثمانينات القرن الماضي مع الرئيس جيمي كارتر على الدفاع عن حقوق الإنسان كوسيلة لسياساته الديبلوماسية. ثم تدرج ذلك التوجه عام 2000 مع وزيرة الخارجية عندما نظمت في فرصوفيا في شهر جوان قمة «مجموعة الديمقراطيات» التي ضمت 100 دولة في خطوة جديدة لتعميق الهوة مع روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي.
يحاول الرئيس الأمريكي اليوم تدارك الوضع العالمي بعد تخلي دونالد ترامب عن الدور الريادي الأمريكي في منطقة المحيط الهادي وبحر الهند وصعود نجم الصين عبر برنامج طريق الحرير الجديدة. ويعتبر نداء الرئيس الأمريكي إلى الديمقراطيات توجها استراتيجيا يهدف إلى تعديل موازين القوى واسترجاع الدور الريادي الأمريكي الذي تقهقر مع ولاية دونالد ترامب. لكن في انتظار قمة الديمقراطيات المنشودة، يبدو أن السحب بدأت تتراكم حول الفكرة.
قمة الرباعي الديمقراطي
كانت أولى الخطوات في اتجاه تنظيم قمة الديمقراطيات في أواخر السنة تنظيم الدار البيضاء يوم 12 مارس لاجتماع «الرباعي» المتكون من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وأسترالياوالهندالذي أكد تمسكه بالمبادئ المقررة عند تكوينه عام 2007: العمل على إرساء «منطقة حرة ومندمجة وسليمة ومنغمسة في القيم الديمقراطية بعيدة على القهر». ويشمل اتفاق الرباعي التعاون الإستراتيجي في مجالات الدفاع والبحريةوالصحة والتكنولوجية الحديثة والتعاون الاقتصادي.
إحياء قمة «الرباعي» من قبل جو بايدن رد مباشر على تخلي دونالد ترامب عن المنطقة و ترك المجال مفتوحا أمام الصين لتفرض عام 2020 اتفاقا للتبادل الحر بين 17 دولة من المنطقة من أجل تمكين نفوذها الإستراتيجي في بحر الصين و المناطق المجاورة لها. الاتفاق بين الدول الأربعةيفتح الباب أمام التعاون العسكري الذي يسهل للولايات المتحدة تموقعها بعيدا عن فضائها الطبيعي لمقاومة «الزحف الصيني» خاصة أن كل الإخصائيين يكررون فكرة أن الصين سوف تفرض سيادها البحرية على المنطقة عام 2025 بعد إبحار 3 حاملات للطائرات لها فيها.
المعوقات الدولية
وتواجه رجوع فكرة دعم الديمقراطية الى سطح استراتيجية البيت الأبيض مخلفات سياسة جورج بوش الذي فرض استراتيجية «الشرق الأوسط الجديد» الرامية إلى زرع الديمقراطية فيه بالسلاح والحرب. وقد اهتزت صورة القوة العظمى بعد مأساة حرب العراق عام 2003 والحروب المتتالية على ليبيا وسوريا واليمن خلال «الربيع العربي» والتي شاركت فيها القوات الأمريكية ولاتزال. ويصعب على الشعوب والدول في منطقة الشرق الأوسط وخارجها أن تفهم كيف يمكن للقوة الإمبريالية الأولى أن ترسي الديمقراطية بدون المرور عبر الحرب. من ناحية أخرى، أظهرت الصين قدرة فائقة على احتواء عديد البلدان النامية بمنحها إعانات واستثمارات ضخمة مما جعل بيكين تجمع أكثر من 60% من مديونية البلدان النامية لدى مجموعة العشرين.
أما في «العالم الحر» فالانشقاقات كبيرة. جراء سياسات دونالد ترامب تجاه أوروبا التي اعتبر أنها «عدو اقتصادي» مما خلف آثارا سلبية دعمت «استقلالية» الثنائي الفرنسي الألماني وساهمت في تقدم فكرة استقلال الاتحاد الأوروبي عن الدول الكبرى في إطار نظام تعدد الأقطاب. وأظهرت ألمانيا تمسكا قويا بعلاقاتها الاقتصادية مع روسيا في حين لا ترغب فرنسا في مجابهة الصين والدخول في حرب تجارية معها. بل أن فكرة مقاومة النظم السلطوية لا تجد استحبابا من قبل بولندا والمجروتركيا الاعضاء الأساسية في منظمة الحلف الأطلسي. وتبقىهذه الأخيرة محل جدل عميق بين الولايات المتحدة وأوروبافي موضوع تمويلها و تحديد مهامها. جميع هذه المواضيع لا تخدم مباشرة مشروع جو بايدن. لكن تحركه يمكنه من استقطاب بعض دول منطقة المحيط الهادي في انتظار انضمام دول أخرى للإستراتيجية الأمريكية الجديدة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115