بعد 20 عام من هجمات 11 سبتمبر 2001: أمريكا تعلن عن انسحابها من أفغانستان .. وسياسات مضطربة تنتظر «كابول»

يقترب ملف القوات الأمريكية في أفغانستان من الحسم بعد أخد وردّ حصلا خلال عهدة الرئيس السابق دونالد ترامب ، واستمرا

بعد تنصيب الرئيس الجديد جو بايدن رئيسا لأمريكا ، لكن يبدو أن إعلانه رسميا أمس أنّ قوات بلاده ستغادر الأراضي الأفغانية قبيل الذكرى الـ20 للهجمات 11 سبتمبر 2001 ، سينهي سنوات من الانتقادات والجدل الداخلي في بلاد العم سام من تكلفة الحرب الباهظة، ويضع أيضا حدّا لأطول حرب خارجية خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية رغم أن مفاوضات السلام بين الحكومة في أفغانستان وحركة «طالبان» المتشددة لم تحقق تقدما ملموسا وسط مخاوف من استمرار بطش هذه الجماعة الإرهابية .
وأعلنت حكومة الرئيس الأمريكي جو بايدن أمس الأول الثلاثاء عن أن القوات الأمريكية ستبقى في أفغانستان إلى ما بعد ماي، الموعد الذي حدد في اتفاق مع طالبان، على أن تنسحب «دون شروط» بحلول 11 سبتمبر في الذكرى العشرين لاعتداءات 2001 في الولايات المتحدة. وسيسمح قرار بايدن ببقاء 2500 جندي في أفغانستان بعد الأول من ماي لكن المسؤولين أشاروا إلى أنّ من الممكن رحيل القوات كلها قبل 11 سبتمبر.
ويبدو أنّ هناك توجها جديدا للولايات المتحدة بخفض قواتها في الخارج وهي سياسة اعتمدها الرئيس السابق دونالد ترامب منط وصوله الحكم عام 2016 في كل مناطق الحرب سواء في العراق أو في أفغانستان أيضا، خاصة أنّ البنتاغون كان قد أعلن عن انه يريد أن يخفض عدد العسكريين في أفغانستان إلى أقل من خمسة آلاف جندي على خلفية محادثات السلام بين الأطراف الأفغانية. وينصّ اتفاق الدوحة الموقع في فيفري الماضي بين واشنطن وحركة طالبان على هذا الإنسحاب في حدود عام 2021 .
أسباب ونتائج
وتأتي هذه الخطوات الأمريكية وفق مراقبين في إطار سعي واضح من إدارة البيت الأبيض لإعادة بلورة وتقييم الملفات الحارقة التي تؤرق الداخل والخارج الأمريكي على حد سواء نتيجة متغيرات عدة على علاقة بواقع اقتصادي مضطرب يشهده العالم في ظل جائحة ‘’كورونا’’ . ويؤكد متابعون للشأن الدولي أنّ الإدارة البيضاوية تعمل تدريجيا على تقليص وجودها العسكري في عديد المناطق الساخنة وبؤر التوتر باعتبار تكلفته المادية والبشرية الباهظة وانعكاساته السلبية . لكن شقا آخر من المتابعين يرون في ذلك مناورة أمريكية بحتة تندرج ضمن سياسة الدفع مقابل الحرب ، إذ لا يعني الانسحاب أن واشنطن ستتخلى عن نفوذها في هذه المناطق بل هو تخفيف من الأعباء لا غير ، إذ يؤكد البعض أن أنّ الدور الأمريكي سيظل قائما وأكثر تأثيرا لكن عبر وسائل أقل كلفة متمثلة بالأساس في اعتماد سياسة ضغط عبر أوراق سياسية ودبلوماسية .
ورغم سعي المتفاوضين من الحكومة الأفغانية وجماعة «طالبان» برعاية أمريكا إلى إرساء آلية تفاوض وحوار بين الحكومة الأفغانية وهذه الحركة المتشددة إلاّ أن التعثر لازال يرافق الإجتماعات بين الطرفين بعد عصيان وحرب مستمرة لأكثر من أربعين عاما أودت بحياة الآلاف وشردت أعدادا كبيرة من المدنيين في البلاد ، وسط غموض نوايا حركة طالبان وأيضا في ظل المعضلات السياسية الحادة التي تعيشها أفغانستان هذه الفترة.
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قام خلال عهدته بتقليص عدد القوات العسكرية من العراق وأفغانستان ،وجاء قرار الانسحاب الأمريكي آنذاك بعد تزايد الهجمات ضد أهداف أمريكية من قبل مناوئين للوجود الأمريكي في العراق ، حيث ينتشر حوالي 5 آلاف جندي في البلاد تحت غطاء ‘’محاربة الإرهاب’’ .
وكان ترامب وعد بإنهاء «الحروب العبثية التي لا نهاية لها»، إلا أن محلّلين حذروا من أنّ الاستعجال في مغادرة أفغانستان قد يتسبّب بوضع صعب لا يمكن تصوره.يشار إلى أنّ مقترح سحب القوات الأمريكية اقترحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ بدء حملته الانتخابية والتي يبلغ عددها حوالي 14 ألفا ونزلت حاليا إلى 8600 . ولعل من بين المعضلات التي عرقلت مرارا التوافق بين الطرفين هي اتهامات توجهها هذه الحركة المتمردة إلى سلطات أفغانستان بالرضوخ لإملاءات الإدارة الأمريكية.
وطرد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة حركة طالبان من السلطة بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001. وشنّ المتمردون الذين كانوا يحكمون كابول منذ 1996 وحتى أكتوبر 2001، حملة متواصلة أودت بحياة أكثر من 2400 جندي أمريكي وعشرات الآلاف من أفراد قوات الأمن الأفغانية.وأنفقت واشنطن أكثر من ألف مليار دولار في هذه الحرب التي قتل وأصيب فيها أكثر من مئة ألف مدني أفغاني منذ 2009، حسب أرقام الأمم المتحدة.
ويرى مراقبون أن سعي الإدارة الأمريكية الحالية إلى سحب قواتها من أفغانستان يتنزل ضمن إستراتيجية تقوم على ضرورة ضمان عدم لعب أمريكا لدور جندي العالم دون مقابل، وعدم الدخول في حروب بالوكالة للدفاع عن أي بلد وأي جهة دون مقابل وهي خطوة لاقت قبولا لدى الرأي العام والساحة السياسية في أمريكا.
مواقف دول حلف الناتو
هذا وقد عقد وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا محادثات الأربعاء بشأن أفغانستان، بعد ان أعلنت واشنطن عزمها عن سحب جميع قواتها من البلاد بحلول 11 سبتمبر.وقالت وزارة الخارجية الألمانية في بيان إنّ «المحور الرئيسي للمحادثات هو أفغانستان. والقضايا الأخرى التي ستتم مناقشتها هي التطورات الحالية على الحدود الأوكرانية الروسية والاتفاق النووي مع إيران».وانعقد ما يسمى باجتماع «الرباعية» عقب محادثات أوسع نطاقا بين وزراء دفاع وخارجية حلف شمال الأطلسي.
كما قالت بريطانيا أنها ستحذو حذو الولايات المتحدة وتسحب قواتها من أفغانستان بحلول سبتمبر المقبل، وفق صحيفة «ذي تايمز» . وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية «نعمل عن كثب مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والشركاء لدعم أفغانستان آمنة ومستقرة».واضاف أنّ «أي تغيير لوجودنا الأمني سيتم بالاتفاق مع الحلفاء وبعد مشاورة الشركاء».وتبلغ القوات البريطانية نحو 750 جنديا، بعد ان كانت في بداية التدخل قرابة عشرة آلاف جندي، لكنها الآن تقتصر إلى حد كبير على المهام الأمنية في العاصمة كابول.
ومن جهتها قالت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب كارينباور إن ألمانيا ستحذو حذو الخطط الأمريكية المتعلقة بسحب القوات من أفغانستان، مضيفة أنها تتوقع قرارا من حلف شمال الأطلسي بهذا الشأن بعد جلسة خاصة للحلف . وألمانيا لها حوالي ألف جندي في أفغانستان وهي ثاني أكبر قوة أجنبية منتشرة هناك بعد القوات الأمريكية . وكان حجم القوات الأمريكية في أفغانستان قد بلغ ذروته بـ 100 ألف جندي عام 2011.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115