رهانات إعادة إعمار سوريا: تكاليف باهظة لحرب استمرت 10 سنوات .. واشتراطات أمريكية روسية تعرقل الحلّ

يشهد الملف السوري في هذه الآونة متغيرات ميدانية وأخرى سياسية على علاقة بجهود إقليمية ودولية لحلحلة الأزمة السورية المستمرة منذ سنوات طويلة ،

إذ تلقي المتغيّرات الدولية وتلك التي تعيشها المنطقة العربية بظلالها على المشهد السوري المعقد والمتشابك. وقبل الحديث عن أية تسوية سياسية في سوريا يشغل ملف إعادة الإعمار وملف المعابر والحدود السورية حيزا هاما من المفاوضات حول سوريا خاصة لارتباطه بوضع إقليمي دقيق وضغوطات دولية متزايدة .
وفي آخر تطورات الحرب السورية طالبت الولايات المتحدة بإعادة فتح معابر لإيصال المساعدات إنسانية عند الحدود السورية المغلقة منذ 2020 بضغط من روسيا على خلفية الحرب المستمرّة منذ عشر سنوات.وقال وزير الخارجية الأمريي أنتوني بلينكن الذي ترأّس جلسة شهرية لمجلس الأمن الدولي حول الشقّ الإنساني في الملف السوري «كيف يعقل ألا نجد في قلوبنا، حسّاً إنسانياً مشتركاً لاتّخاذ إجراءات مهمة؟».
وتوجّه وزير الخارجية الأمريكي الى أعضاء مجلس الأمن بالقول «أنظروا في قلوبكم» داعيا الى العمل للتوصل إلى تحسين الوضع الإنساني في سوريا وهو موضوع مؤتمر للمانحين يومي الاثنين والثلاثاء في بروكسل. وأضاف بلينكن «علينا أن نجد طريقة لفعل شيء ما - أن نتحرّك لمساعدة الناس. إنّها مسؤوليتنا. وعار علينا إذا لم نقم بذلك». ويثير هذا الملف انقساماً منذ عشر سنوات بين الغربيين وروسيا، أبرز الدول الداعمة لدمشق.وفي جويلية استخدمت روسيا والصين حقّ النقض في مجلس الأمن الدولي لتقليص عدد نقاط إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا التي لا تتطلّب موافقة دمشق، إلى نقطة واحدة.وتقع هذه النقطة في باب الهوى عند الحدود التركية وتتيح إمداد شمال غرب سوريا ومحافظة إدلب التي لا تزال خارجة عن سيطرة النظام السوري. وينتهي تصريح الأمم المتحدة لاستخدام هذا المعبر في جويلية.
وطالب وزير الخارجية الأميركي بإعادة فتح نقاط عبور أغلقت في 2020 في باب السلامة عند الحدود التركية أيضاً والعربية عند الحدود العراقية. وقال إنّ هذه المعابر تتيح على التوالي مساعدة بـ 4 ملايين و1,3 مليون سوري.
وتجتمع الأطراف الدولية في بروكسل في مؤتمر مرئي في نسخته الخامسة لبحث دعم إعادة الإعمار في سوريا التي أنهكتها الحرب المستمرة لأكثر من عشر سنوات. وتنظّم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي النسخة الخامسة من هذا المؤتمر الهادف إلى مساعدة السوريين واللاجئين السوريين في دول الجوار ولا سيّما لبنان وتركيا والعراق والأردن. ويشارك في المؤتمر نحو 80 وفداً من خمسين دولة فضلا عن منظّمات غير الحكومية ومؤسّسات مالية دولية.
والهدف من المؤتمر جمع أكثر من عشرة مليارات دولار 4,2 مليارات للاستجابة الإنسانية في سوريا و5,8 مليارات لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة في المنطقة.وتستضيف الدول المجاورة لسوريا 80 بالمائة من اللاجئين السوريين «في أكبر أزمة لاجئين في العالم»، وفق بيان صادر عن المجتمعين.
متغيرات ميدانية ودولية
في ظل التغيرات الميدانية المتسارعة التي تشهدها جبهات القتال هناك وأيضا على صعيد التسويات السياسية المشروطة بين مختلف الأطراف الفاعلة في الملف السوري. فبعد التغيرات التي طالت المشهد السياسي السوري وأيضا التطوّرات العسكرية، وأهمّها تراجع نفوذ تنظيم ‹›داعش» الإرهابي إذ يٌلقي المتابعون لشؤون المنطقة الضوء على مابعد ‹›داعش›› الإرهابي في سوريا والمنطقة وأيضا رهانات إعادة إعمار سوريا بعد 10 سنوات من حرب مُنهكة .
وعلى صعيد الجهود الدولية لإرساء آلية ناجعة لإعادة الإعمار في سوريا بين تحديات الوضع الراهن وتوقعات المشهد المقبل في سوريا مابعد الحرب ، يشهد هذا الملف تجاذبا سياسيا حادا كغيره من الملفات المتعلقة بالمعادلة في سوريا إذ تعرقل اشتراطات الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وإشتراطات روسيا من جهة أخرى جهود إعادة الإعمار .
وإلى جانب تأثيرات هذه الحرب المنهكة سياسيا تعيش سوريا واقعا اجتماعيا واقتصاديا ومعيشيا صعبا للغاية يضاف اليه الدمار الفظيع والمخيف الذي طال البنية التحتية في البلاد ومؤسّسات الدولة وأيضا كل مظاهر الحياة في اغلب المدن التي شهدت اقتتالا عنيفا بين الأطراف المتناحرة . ويزيد هذا الدمار الذي تعيشه سوريا من تكاليف اعادة اعمارها وهو ما ترفض حليفتا النظام السوري روسيا وإيران التكفل به بشكل ثنائي دون أي مساهمة من باقي الاطراف الدولية.
ويرى مراقبون ان المرحلة التي تلي نهاية الحرب في سوريا ، والّتي باتت قريبة وفق آراء مراقبين، ستكون أكثر حساسية وجدية من مرحلة الحرب في حدّ ذاتها، ولعلّ التصريح الأمريكي المشروط بخصوص مساهمة واشنطن في مرحلة الإعمار والدور الإيراني في سوريا دليل على التشابك الذي يسبق هذه المرحلة الحرجة في المنطقة وما يرافقها من تجاذبات داخلية وأخرى خارجية .
ولطالما كان الدور الذي تلعبه إيران في سوريا مقلقا لأمريكا وحلفائها إسرائيل ودول الخليج خشية تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة عبر بوابات سوريا العراق واليمن . ويؤكّد متابعون للشأن الدولي أن الحرب المندلعة بين واشنطن وطهران منذ انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الإيراني منذ أشهر جعل من الأرض السورية ميدانا للصراع الإيراني الأمريكي .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115