الصراع الداخلي في اليمن والسياسات الإقليمية والدولية: التطورات العسكرية قد تنسف جهود التسوية السياسية

لاقى إقرار جماعة الحوثي في اليمن باستهداف مواقع ومنشآت حيوية في المملكة العربية السعودية إدانات عربية ودولية واسعة النطاق ،

في وقت ينتظر فيه المجتمع الدولي دخول الحرب في اليمن مرحلة جديدة أقرب الى التسوية السياسية خاصة بعد إعلان الرياض عن مبادرة لحل الأزمة اليمينة، تتضمن وقف إطلاق للنار أحادي الجانب.
وقد تؤدي التطورات العسكرية الأخيرة لنسف الجهود الأممية الرامية لتغليب لغة الحوار والمفاوضات فيما يتعلق بالملف اليمني المأزوم . إذ استهدف الحوثيون مواقع ومنشآت حيوية بالسعودية، وهو ما اعتبرته منظمات دولية «تحديًا سافرًا للمجتمع الدولي واستخفافًا بالقوانين الدولية». ولئن رافقت المبادرة السعودية مواقف إيجابيّة إقليميا أو دوليا إلا أنّ الشكوك كانت سمة حاضرة ضمن المواقف خاصة بعد رفض الجانب الحوثي الجلوس على طاولة التفاوض. كما يرى مراقبون أن التوتر والتصعيد العسكري الأخير سيحمل لا محالة تأثيرات سلبية على جهود تهدئة الأجواء ومحاولات حلحلة الأزمة المستمرة منذ سنوات طويلة.
محاولات حلحلة الأزمة
هذا وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها إن مبعوث الولايات المتحدة الخاص لليمن تيم ليندركينغ سيتوجه إلى الشرق الأوسط للضغط من أجل قبول خطة لوقف إطلاق النار في اليمن وإجراء محادثات بشأن تسوية حربه الأهلية وإنهاء الأزمة الإنسانية الناجمة عنها. وتأتي الزيارة في وقت يحاول فيه المجتمع الدولي وضع استراتيجية واضحة المعالم في اليمن بعد سنوات على الحرب التي أثرت سلبا على الوضع الإجتماعي والإقتصادي في اليمن وجعلت منه بلدا أقرب للمجاعة والكوارث الإنسانية والإجتماعية وغيرها من الآفات.
ومن المتوقع أن تتضمن زيارة ليندركينغ لقاءات مع قيادات حركة الحوثي المتحالفة مع إيران، إذ سبق أن قال الدبلوماسي المخضرم هذا الشهر أنه سيعود «من فوره» إلى المنطقة عندما يكونون مستعدين للحديث.وذكرت الخارجية الأمريكية أنه سيلتقي بكبار الزعماء الإقليميين بالتنسيق مع نظيره الدولي مارتن جريفيث، وأن المحادثات ستركز على الجهود الرامية إلى «دعم وقف دائم لإطلاق النار والتوصل إلى اتفاق سلام».وجاء الإعلان بعد أن قال تحالف تقوده السعودية لقتال الحوثيين إنه دمر عدة طائرات مسيرة ملغومة أطلقتها الجماعة على أهداف في المملكة، ومنها جامعتان.
ويبدو اليمن اليوم أمام فرصة تاريخية لصنع سلام حقيقي في وقت تشهد فيه المنطقة العربية سباقا لحلحة الملفات الأكثر تعقيدا على غرار الملفين الليبي والسوري. هذا ويشار إلى أنّ التدخل العسكري السعودي في اليمن بدأ في مارس عام 2015 تحت مسمى «عاصفة الحزم» وذلك من أجل تقويض قدرات الحوثيين ووقف هجومهم على العاصمة اليمنية آنذاك. ورغم أن السعودية أعلنت في افريل من عام 2015 عن انتهاء «عاصفة الحزم» والبدء بعملية «إعادة الأمل» إلا أن التحالف لم يتمكن من وقف زحف الحوثيين في انتقادات أممية ودولية واسعة لما اعتبروه فشلا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يقود العملية في اليمن.
ورغم التفاؤل الذي رافق اهتمام الإدارة الأمريكية الجديدة بالملف اليمني إلاّ أنّ الشكوك والمخاوف التي ترافقها تفوق نسبة التفاؤل خاصة وأنّ الإخلال وعدم الالتزام كانا السمة الملازمة لكلّ التوافقات التي تتمّ برعاية أممية ودولية المتعلقة بالملف اليمني.ويشهد اليمن منذ سنوات صراعا وحربا داخليّة عنيفة زادها عنفا الدور الذي تلعبه عدة أطراف إقليمية في البلاد على غرار إيران المعروفة بدعمها لجماعة الحوثي أو «أنصار الله» والسعودية التي تقود عملية عسكريّة ينفذها التّحالف العربي منذ سنوات في اليمن والذي اتهم مرارا بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين ، كما يواجه التحالف العربي بقيادة الرياض اتهامات دولية صريحة من منظمات حقوقية وإنسانية بالفشل الذريع فيما يتعلق بالحرب اليمنية .
ويؤكّد متابعون أنّ اليمن يمثّل منذ عقود طويلة ساحة حرب بالوكالة بين دول الخليج على رأسها السّعودية من جهة وإيران من جهة أخرى . إذ تدعم طهران ميدانيا وماليا ولوجستيا جماعة الحوثي . ويزيد ذلك من حدّة المواجهة بين إيران والسعودية حول النفوذ في الشرق الأوسط علما وان العداء التاريخي بين الجانبين متجسد على الميدان في أكثر من بلاد أولها اليمن ثم العراق وسوريا ولبنان.
مواقف منددة
وكشفت السعودية أمس، عن اندلاع حريق في منشأة للبترول، جراء استهدافها بمقذوف في منطقة جازان (جنوب)، دون وقوع إصابات، فيما أعلنت لاحقا عن اعتراض وتدمير 8 طائرات مسيرة مفخخة أطلقها الحوثيون باتجاه المملكة.وأعربت مصر عن «بالغ إدانتها واستهجانها لاستمرار مليشيا الحوثي في استهداف المناطق المدنية والمنشآت الحيوية بالسعودية».
بدورها، اعتبرت البحرين أن «استمرار المليشيا الحوثية الإرهابية في إطلاق طائرات مسيرة مفخخة تجاه السعودية، انتهاك صارخ للأعراف والقوانين الدولية». فيما أكدت الإمارات أن «استمرار هذه الاعتداءات الإرهابية لمليشيا الحوثي على السعودية، يعكس تحديها السافر للمجتمع الدولي واستخفافها بالقوانين والأعراف الدولية».بينما أعرب الأردن عن إدانته واستنكاره الشديدين «لاستمرار ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، في استهداف المناطق المدنية والحيوية في السعودية، من خلال طائرات بدون طيار مفخخة».بدورها، أدانت ‎جيبوتي بشدة «الاعتداءات المتكررة التي تعرضت لها السعودية، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم وجاد لوضع حد لهذه الاعتداءات ومن يقف خلفها ويساندها.من جانبها، نددت منظمة التعاون الإسلامي بشدة، في بيان، بـ»التصعيد العدائي لمليشيا الحوثي الإرهابية بالطائرات المسيرة المفخخة، ومحاولة استهداف الأعيان والمنشآت المدنية في المنطقة الجنوبية للسعودية».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115