الى احياء حراكهم من جديدة خاصة بعد أزمة كورونا وما فرضته من حجر صحي شامل واجباري جعل شعلة الحراك تخبو خلال الشهور الماضية .
ويبدو ان تراجع نسبة الإصابات وتحسن الوضع الوبائي نسبيا في عموم الجزائر ، منح الفرصة للمتظاهرين للخروج مجددا الى الشارع واستكمال مسار ثورتهم التي انطلقت في 16 فيفري سنة 2019 .
نَفَس جديد للثورة
ومن أبرز المطالب المرفوعة «دولة مدنية» و«استقلالية القضاء» و«حرية التعبير والصحافة» و«الافراج عن معتقلي الرأي» وهي شعارات وردت في اللافتات التي رفعها المتظاهرون ومن بينهم كتاّب رأي وصحفيون سبق ان تم اعتقالهم على غرار الصحافي عبد الكريم زغيلاش والناشطان الشابان زليد كشيدة ومحمد تجادي ، إضافة الى مشاركة شخصيات سياسية معارضة لها وزنها في الساحة السياسية الجزائرية مثل محسن بعباس رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وزبيدة عسول محامية ضمن هيئة الدفاع عن معتقلي الحراك ورئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي.
يأتي ذلك فيما يواجه الرئيس الجزائري أزمة سياسية حادة، اذ تقع عليه مسؤولية الاستجابة لمطالب الحراك وفي الآن نفسه يواجه المنظومة السياسية القديمة التي حكمت الجزائر منذ عقود ولم تتغير مع تغير الرئيس . ووجد الرجل نفسه أمام تحديات صعبة بسبب الوضع الاقتصادي الخانق وتزايد نسبة البطالة واتساع الهوة بين الطبقات الغنية والمهمشة في بلد نفطي بامتياز لكن تنقصه العدالة الاجتماعية والمتوازنة في توزيع الثروة.
ويرى البعض ان قرار تبون اللجوء الى خيار الانتخابات المحلية والتشريعية المبكرة والتي من المقرر ان تجرى مبدئا بحلول نهاية العام - استجابة لمطالب الحراك - مناورة سياسية لتخفيف الضغط والعبء الشعبي عليه .
تحديات كبيرة
علاوة على ذلك، هناك معضلة أخرى تواجه الجزائريين وهي وضع قانون جديد للانتخابات يستجيب لتطلعات المتظاهرين ومطالبتهم بدولة مدنية ديمقراطية وبانتخابات حرة وشفافة .
ورغم مرور عامين على ذكرى الانتفاضة ، الا ان شرائح واسعة ليست راضية عن مناخ الحقوق والحريات، ويعتبر البعض ان قمع المعارضين ما زال متواصلا بطرق وأشكال متعددة . لذلك فان التوجه الى حلّ البرلمان قد يعطي نَفَسا جديدا للحراك ويقطع نهائيا مع المنظومة القديمة ، خاصة ان قادة الحراك يتهمون البرلمان الحالي بانه « برلمان بوتفليقة او برلمان النظام السابق .
يشار الى ان مجيء عبد المجيد تبون الى الحكم لم يرض عديد الفاعلين الذين اعتبروا انه امتداد للنظام القديم خاصة انه انتمى إلى حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم وتقلّد أرفع المناصب في الدولة ولو لمدة محدودة.
وفي خضم هذه المتغيرات ، تأتي الدعوة الى الانتخابات مبكرة لتكون بمثابة خطوة هامة على درب بناء « الجزائر الجديدة» التي يدعوا اليها الحراك. ويبدو ان حظوظ الحزب الذي حكم الجزائر لعقود طويلة «جبهة التحرير الوطني» رغم ما لديه من ارث وطني في محاربة الاحتلال، الا انها حظوظه بالنسبة للبعض قد تكون ضعيفة خاصة ان المتظاهرين يعتبرون انه لا يمكن للحراك ان يستكمل طريقه نحو التغيير الا بأحزاب جديدة تجسد مطالب المتظاهرين بالقطيعة مع المنظومة القديمة وطيّ صفحة الماضي.