وفي الجنوب السوري . وقد استهدفت آخر الغارات فجر امس عدة مواقع قرب دمشق، وأسفرت عن مقتل تسعة اشخاص من جنسيات غير سورية وعربية وفق حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
يحدث ذلك فيما تبدو المنطقة مقبلة على استحقاقات كبيرة ومرحلة جديدة من الصراع المتعدد الأوجه . والمفارقة ان «إسرائيل» في هذه المرحلة الجديدة تتمدد بشكل أكبر، خاصة بعد موجات التطبيع الصهيونية التي شهدتها مع دول عدة في العالم العربي .
مرحلة جديدة
وكثّفت «اسرائيل» في الأشهر الأخيرة وتيرة استهدافها لمواقع عسكرية وأخرى للقوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها في مناطق عدة في سوريا. ونفذت غارات في 13 جانفي الحالي على مخازن أسلحة ومواقع عسكرية مما أسفر عن وقوع 57 قتيلاً على الأقل ، في حصيلة تُعدّ الأعلى منذ بدء الضربات الإسرائيلية. وذكر جيش الاحتلال في تقريره السنوي أنّه قصف خلال العام 2020 حوالي 50 هدفاً في سوريا دون أن يقدّم تفاصيل عنها. وتزعم اسرائيل انها تحاول التصدي لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.
ويرى عديد المراقبين بان ما يحصل اليوم في بلاد الأمويين هو جزء من مشروع تفتيت العالم العربي واضعافه وذلك حماية للأمن القومي الإسرائيلي ، فليس من مصلحة «إسرائيل» ان تكون هناك قوة أخرى متفوقة في المنطقة سواها . وفي خضم الانقسامات الدائرة ولعبة المحاور تعد طهران رأس الحربة ضد النفوذ الإسرائيلي وتوسعه .
ويبدو ان ما يؤرق مضاجع الإسرائيليين اليوم هو التموضع الإيراني في سوريا وتحديدا في جنوبه . فبعد أكثر من عشر سنوات على انطلاق الحرب الأهلية في هذا البلد ، ظلت دمشق صامدة في وجه كل العواصف العاتية داخليا وخارجيا وتمكنت من استرجاع أراضيها من داعش الإرهابي. وذلك بعد ان وظفت إسرائيل كل طاقاتها وعلاقاتها الخارجية ولوبياتها الصهيونية في العالم لإضعاف دمشق تمهيدا للتمدد أكثر فأكثر واضعاف الحاصنة الشعبية للمقاومة سواء في فلسطين او لبنان وذلك من خلال ارباك داعميها الأساسيين .
علاوة على ذلك فان الجمهورية الإيرانية وما تمتلكه من قوة عسكرية وأمنية ومن ثقل سياسي ودبلوماسي ممتد اقليميا، تمثّل كابوسا بالنسبة للإسرائيليين . فالملف الأساسي اليوم على طاولة قادة الاحتلال وفي اجتماعاتهم الحكومية هو بحث إمكانية عودة واشنطن للاتفاق النووي مع إيران وما يمكن ان يسبب ذلك من تداعيات على امن «إسرائيل».
وبحسب ما ذكرت القناة التلفزيونية الحادية عشرة للاحتلال فإن «نتنياهو يستعد لمقارعة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الملف الإيراني، ويرغب في إظهار موقف إسرائيلي موحد من هذه القضية على الرغم من الاختلافات مع غانتس بهذا الشأن». والمعلوم بان نتنياهو من أشد معارضي الاتفاق النووي الإيراني، وأكد مرارا أنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي.
بين الحرب والتسوية السياسية
وفي الحقيقة فان صمود سوريا بدعم إيراني روسي طيلة هذه السنوات فاجأ عديد القوى المؤثرة في الملف السوري . واليوم تنطلق جولة جديدة من مباحثات «مسار أستانا» وذلك في مدينة سوتشي الروسية بمشاركة الدول الضامنة للمسار أي روسيا وإيران وتركيا، بهدف مناقشة تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية والإنسانية في سوريا. وتؤشر هذه المحادثات الى قرب التسوية بعد كل التعقيدات الحاصلة .
ونقلت صحيفة «الوطن» السورية امس الاثنين عن مصادر سورية مطلعة القول إن المباحثات تتخذ هذه المرة زخماً مغايراً، على اعتبار أن مسائل طارئة عديدة ومؤثرة طرأت على المشهد الميداني السوري خلال المرحلة الماضية، خصوصاً مع وصول إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، وعودة الخروقات لمنطقة خفض التصعيد. وأكدت المصادر أن التنسيق مستمر بين سوريا وروسيا، وقائم في جميع القضايا ولا يقتصر على مسار «أستانا»، مبينة أن الجانب السوري يشدد دائماً على ضرورة إلزام الجانب التركي بتنفيذ التزاماته بما يخص مساري أستانا وسوتشي.
واليوم ينتظر السوريون طويلا الانخراط في المسار السياسي وبداية إعادة اعمار الدولة السورية ولمّ شمل السوريين في الشتات عبر حكومة وحدة وطنية وخارطة طريق واضحة المعالم وقابلة للتطبيق . لأن البقاء في أتون الصراعات العسكرية لا يضعف فقط الدولة السورية بل المنطقة ككل ويجعلها لقمة سائغة أمام أعدائها وفي مقدمتهم الاحتلال الصهيوني الذي سبق ان ابتلع الجولان المحتل، ولا يتوانى اليوم عن ابتلاع وقضم المزيد من الأراضي العربية مستغلا لحظة التحولات التي أربكت دول المنطقة وأضعفتها .
الغارات الصهيونية المتكررة على سوريا ...هل هي نذر حرب قادمة ؟
- بقلم روعة قاسم
- 10:43 16/02/2021
- 623 عدد المشاهدات
لا يكاد يمر أسبوع دون ان ينفذ العدو الاسرائيلي عدوانا جديدا على سوريا ، واللافت ان هذه الأهداف تتركز أساسا في دمشق ومحيطها