وسط تفاؤل مشوب بالقلق: متغيرات في سياسة الإدارة البيضاوية الجديدة بخصوص الحرب في اليمن

تعد الحرب في اليمن أولوية في أجندة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن الذي تعهد منذ بداية حملته الانتخابية بإعادة إحياء المفاوضات الدبلوماسية

حول الملف اليمني المعقد . وفي أول خطاب له عن السياسة الخارجية كرئيس، أعلن الرئيس الأمريكي بايدن عن وضع حد لـ»الدعم» ولـ»مبيعات الأسلحة» للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، متعهدا بإنهاء الحرب في اليمن وهو ما اعتبره مراقبون خطوة هامة على صعيد المنطقة العربية .
وفي أول خطاب شامل له بعد فوزه على الرئيس السابق دونالد ترامب ، تطرق بايدن إلى نقطة أثارت جدلا في أمريكا وهي إعادة بناء التحالفات الأمريكية واستعادة الولايات المتحدة لدورها «القيادي في العالم» ، وذلك من خلال القطع مع عدد من الاستراتيجيات والعودة عن قرارات سابقة اتخذها الرئيس السابق المثير للجدل دونالد ترامب.
وبخصوص الحرب في اليمن دعا الرئيس الأمريكي إلى «إنهاء» الحرب في اليمن، معلناً عن وضع حد لـ«الدعم» ولـ»مبيعات الأسلحة» الأمريكية للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية. وأضاف بايدن: «نعمل على تكثيف دبلوماسيتنا لإنهاء الحرب في اليمن، وهي حرب تسببت في كارثة إنسانية واستراتيجية». وأشار إلى أن إدارته ستدعم مبادرة بقيادة الأمم المتحدة لفرض وقف إطلاق النار في اليمن واستئناف محادثات السلام.
وفي إشارة إلى مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية قال بايدن: «يجب أن تنتهي هذه الحرب، ولتأكيد التزامنا، فإننا سننهي كل الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في الحرب الدائرة في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة ذات الصلة». في المقابل تعهد بمواصلة الدعم الأمريكي للسعودية و»مساعدتها في الدفاع عن سيادتها وأراضيها»، دون أن يقدم تفاصيل أكثر.كما أكد بايدن خلال كلمته ما تم تسريبه من قيام وزير خارجيته بتعيين الدبلوماسي تيموثي ليندركينغ مبعوثاً خاصاً إلى اليمن.
ويمثل هذا القرار، وهو أحد الوعود الانتخابية لبايدن، خطوة في شكل إعادة نظر شاملة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ، سواء حول اليمن أو بخصوص الدور الإيراني في المنطقة والذي خلف صداما كبيرا بين الإدارة الأمريكية السابقة وحلفائها من جهة وطهران وأذرعها في المنطقة العربية من جهة أخرى .
هذا ومن بين القرارات التي بدأات بها إدارة بايدن بخصوص اليمن إعلان وزارة الخارجية الأمريكية عن إلغاء قرار تصنيف حركة أنصار الله أو ماتبرف بجماعة الحوثي باليمن «منظمة إرهابية أجنبية عالمية»، مع بقاء قادتها في لائحة العقوبات.يشار إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أدرجت يوم 30 ديسمبر 2020 الحوثيين على لائحة الإرهاب، واعتبرتها منظمة إرهابية.وقالت الخارجية الأمريكية، في بيانها ، إنه إلغاء التصنيف سيسري تطبيقه اعتبارا من 16 فيفري الجاري.
وأضاف البيان أن القرار «جاء مراعاة للوضع الإنساني المتردي في اليمن، بعد تحذيرات عالمية وأخرى لأعضاء الكونغرس، من أن التصنيفات ربما يكون لها تأثيرًا مدمرًا على وصول اليمنيين إلى السلع الأساسية».
اليمن والوضع في المنطقة العربية
ويبدو اليمن اليوم أمام فرصة تاريخية لصنع سلام حقيقي مادامت الإدارة الأمريكية الجديدة تضع الصراع في اليمن وتأثير الدول الإقليمية على مستجدات الوضع الإنساني والسياسي ضمن أولويات الإدارة البيضاوية الجديدة .يشار إلى أنّ التدخل العسكري السعودي في اليمن تم في مارس عام 2015 تحت مسمى «عاصفة الحزم» وذلك من أجل تقويض قدرات الحوثيين ووقف هجومهم على العاصمة اليمنية آنذاك . ورغم أن السعودية أعلنت في افريل من عام 2015 عن انتهاء «عاصفة الحزم» والبدء بعملية «إعادة الأمل» إلا أن التحالف لم يتمكن من وقف زحف الحوثيين في انتقادات أممية ودولية واسعة لما اعتبروه فشلا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يقود العملية في اليمن.
ورغم التفاؤل الذي رافق اهتمام الإدارة الأمريكية بالملف اليمني إلاّ أنّ الشكوك والمخاوف التي ترافقها تفوق نسبة التفاؤل خاصة وأنّ الإخلال وعدم الالتزام كانا السمة الملازمة لكلّ التوافقات التي تتمّ برعاية أممية ودولية المتعلقة بالملف اليمني.
ويشهد اليمن منذ سنوات صراعا وحربا داخليّة عنيفة زادها عنفا الدور الذي تلعبه عدة أطراف إقليمية في البلاد على غرار إيران المعروفة بدعمها لجماعة الحوثي أو «أنصار الله» والسعودية التي تقود عملية عسكريّة ينفذها التّحالف العربي منذ سنوات في اليمن والذي اتهم مرارا بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين ، كما يواجه التحالف العربي بقيادة الرياض اتهامات دولية صريحة من منظمات حقوقية وإنسانية بالفشل الذريع فيما يتعلق بالحرب اليمنية .
ويؤكّد متابعون أنّ اليمن يمثّل منذ عقود طويلة ساحة حرب بالوكالة بين دول الخليج على رأسها السّعودية من جهة وإيران من جهة أخرى . إذ تدعم طهران ميدانيا وماليا ولوجستيا جماعة الحوثي . ويزيد ذلك من حدّة المواجهة بين إيران والسعودية حول النفوذ في الشرق الأوسط علما وان العداء التاريخي بين الجانبين متجسد على الميدان في أكثر من بلاد أولها اليمن ثم العراق وسوريا وأيضا لبنان.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115