فشل مجلس الأمن مرة أخرى في الاتفاق على بيان مشترك بشأن سوريا واحياء مسار المباحثات السياسية وذلك خلال جولة جديدة للجنة الدستورية. والمعلوم ان هذه اللجنة مكونة من 150 عضوا بواقع 50 ممثلا لكل من المعارضة، والنظام، ومنظمات المجتمع المدني، فيما تتكون هيئة مصغرة للجنة من 45 عضوا، بواقع 15 عضوا لكل طرف. ومهامها الرئيسية المنوطة بها هي إعادة صياغة الدستور السوري.
وقد اكد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، إن اللجنة الدستورية السورية لا يمكنها المضي قدما مالم تكن هناك «دبلوماسية دولية بناءة» في الأزمة السورية. ووصف بيدرسون الجولة الخامسة لاجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف بأنها «فرصة ضائعة» و «خيبة أمل». وأوضح أن مجلس الأمن واللجنة الدستورية يبحثان سبل تغيير أسلوب العمل الحالي. فيما حملت 5 دول أوروبية بمجلس الأمن الدولي، النظام السوري مسؤولية «عدم إحراز تقدم جوهري في مفاوضات اللجنة الدستورية السورية الجارية منذ اكثر من عام ونصف العام». وذلك في بيان مشترك أصدره، مساء الثلاثاء، السفراء الدائمون لدى الأمم المتحدة لكل من إستونيا وفرنسا وأيرلندا وبلجيكا وألمانيا.
ويحمل كل طرف الطرف الآخر مسؤولية فشل العملية السياسية وتعثرها في سوريا منذ انطلاقها حتى اليوم .
ومع تسلم الرئيس الأمريكي بايدن للرئاسة في الولايات المتحدة ، بدأت الأنظار تتطلع الى الاستراتيجيات والخطوات الجديدة التي سيتبناها في الملف السوري وفي عدة قضايا في المنطقة . ولعل السؤال الأهم هو هل سيلملم بايدن رماد الحروب العبثية التي خلفّها سلفه ترامب وهل سيتمكن من احداث مرونة أكثر في التعاطي الأمريكي مع الملف السوري خاصة وان استراتيجية ترامب لم تجلب لسوريا والمنطقة الا الحروب والويلات.
استراتيجية أمريكية مزدوجة
وقال المحلل السوري خيام الزعبي لـ«المغرب» أن سوريا عانت طويلا من التخبط السياسي والفشل الإستراتيجي الأمريكي، حيث دفعت ثمنه على مدار العشر سنوات الماضية، من ثرواتها ودماء أبنائها. ويضيف :«لقد مارست أمريكا مع سوريا سياسة مبهمة، وتعمدت استخدام الازدواجية وخلط الأوراق السياسية. وتابع بالقول :«مرة نرى واشنطن تدعو لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، وفي الوقت نفسه يستمر الدعم وتتدفق المعونات لداعش، ومرة أخرى نجدها داعم للعملية السياسية لخروج البلاد من الأزمة وتعقيداتها، ومرة تعطل هذه العملية، وتعتبر شرق الفرات النموذج للرغبة الامريكية في الاستمرار بالحرب». واعتبر محدثنا بأن السياسية الأمريكية في سوريا تترك علامات استفهام كبيرة ومحيرة لدى معظم السوريين».
وأضاف محدثنا بان الرئيس الأمريكي بايدن يناور اليوم للعب على تناقضات المواقف الإقليمية والدولية، بعد أن تيقن أن الفشل في سوريا هو سيد الموقف وانه إذا لم يتم تدارك الأمر فان أحلامه بالسيطرة على المنطقة وتأمين مستقبل «إسرائيل» في خطر، وأن الجهد الذي بُذل طوال السنوات الماضية سيذهب إدراج الرياح وسيتغير وجه المنطقة ومسار الصراع، لذلك كان لا بد من استثمار الإرهاب من جديد».
معضلة الارهاب
وبخصوص استراتيجية واشنطن في محاربة داعش الإرهابي ومدى جديتها يجيب بالقول: «لم تشهد الساحة السورية أية تغييرات جدية باستثناء تحركات أمريكية لاستقدام المزيد من التعزيزات العسكرية إلى شمال شرقي سوريا، وإقامة قواعد عسكرية جديدة، وهي سياسية ممتدة منذ عهد ترامب، فضلاً عن عودة نشاط تنظيم «داعش» الإرهابي في عمق الصحراء السورية العراقية مع اقتراب استحقاقين مهمين: انتخابات رئاسية في سوريا وبرلمانية في العراق». ، ويشير الزعبي الى أن هذه العودة تستهدف في جانب منها عرقلة الاستحقاقين.
اما في ما يتعلق بالدور الروسي التركي يجيب محدثنا: «تستمر التفاهمات الروسية التركية في فرض نفسها على ضبط الأوضاع عموما، سواء في إدلب شمال غربي سوريا أو في مناطق شرقي الفرات». وأضاف: «من الطبيعي أن تفشل أمريكا في سوريا، بعد أن ضخت ترسانتها المليئة بالأسلحة الفتاكة، بالإضافة الى ملايين الدولارات في هذه الحرب على الشعب السوري بداعي إسقاط الدولة السورية، بالنتيجة سقطت واشنطن في الامتحان السوري، وكل ما أنجزته تدمير للبنية التحتية و قتل الآلاف من الأطفال و النساء، في حين لا زال الجيش السوري يدك الجماعات الارهابية بنيران الصواريخ و يرفض رفع الرايات والاستسلام، وانطلاقاً من ذلك فشلت أمريكا في تحقيق أحلامها بالمنطقة، الأمر الذي تسبب في الإضرار بمصالحها لكونها اتبعت سياسة خارجية خاطئة، فضلًاً عن زيادة نفوذ موسكو وطهران في المنطقة ووقوفهما ضد أهداف أمريكا وأدواتها والتي لم تتمكن من إيجاد موطئ قدم لها في المفاوضات الجارية المتعلقة بتسوية الأزمة السورية» .
وأعرب الزعبي عن أمله بان تكون الحرب الجديدة على الإرهاب مقدّمة لتصحيح مسارات خاطئة في السياسة الأمريكية، لكي تستفيد شعوب المنطقة من هذه الفرصة لإعادة وحدة نسيجها الوطني لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأشار الى ان هناك احتقانا شعبيا سوريا كبيرا وانه لا يستبعد اندلاع إنتفاضة قادمة ضد الوجود والتدخل الأمريكي بشؤون المنطقة نتيجة الإحتقان الشعبي، والتخبط الأمريكي في التعامل مع شعوب المنطقة بتحريض دول إقليمية وتخطيط صهيوني.
الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في الأزمة السورية: هل سينجح بايدن في إحياء العملية السياسية ؟
- بقلم روعة قاسم
- 11:34 11/02/2021
- 828 عدد المشاهدات