مع بدء جلسات الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة: الفلسطينيون يلملمون شتاتهم من أجل المعركة الأصعب

احتضنت القاهرة امس أولى جلسات الحوار الوطني الفلسطيني بمشاركة 14 فصيلا على رأسها حركتا فتح وحماس وذلك في إطار استكمال مسار المصالحة الفلسطينية

ومحاولة طيّ صفحة الخلافات التي ألقت بثقلها طويلا على المشهد الفلسطيني . وبحسب المعلن فان النقاشات تتمحور حول ترتيبات تنظيم الانتخابات تشريعية والرئاسية فلسطينية والتي ستجرى لأول مرة منذ 15 عاما، كذلك التوصل الى اتفاق حول المسائل القانونية والأمنية والفنية واللوجستية المرتبطة بالانتخابات. ويرأس وفد فتح جبريل الرجوب في حين يرأس وفد حماس صالح العاروري.

وتشكل هذه المباحثات بادرة هامة لإعادة اللحمة المفقودة الى النسيج المجتمعي والسياسي الفلسطيني في وقت يواجه فيه الفلسطينيون -حكومة وشعبا- أكبر خطر في تاريخهم المعاصر بعد وعد بلفور وسايكس بيكو، الا وهو «مشروع صفقة القرن» ووعد ترامب المشؤوم .

فتسابق الدول العربية وهرولتها الى التطبيع المجاني مع الصهاينة استجابة لخطة ترامب للسلام ، مثّل ضربة قوية للحقوق الفلسطينية ولنضال هذا الشعب الذي كافح على مدى عقود لاسترداد حقوقه بشتى السبل وقدّم الدماء الزكية من أجل هذا الهدف الأسمى والحق المقدس. وشكّل الانقسام الفلسطيني الشرخ الكبير الذي عرقل وحدة الفلسطينيين، لذلك فان الاجتماع مجددا على طاولة واحدة هو من الأهمية بمكان لإعادة رصّ الصفوف وتنظيم الأولويات بخطاب جديد يضفي بعض الهدوء على الأجواء الفلسطينية المشحونة بالتجاذبات السياسية، ويهيئ الأرضية الملائمة للفلسطينيين لمواجهة الصعاب والتحديات الجمة التي تواجههم، والتصدي للسهام التي تَرمى عليهم من الأشقاء قبل الأعداء والخصوم .

صحيح انه ليس من السهل اليوم إيجاد حل جذري لمعضلة الانقسام السياسي الحاصل بين سلطتين في الضفة الغربية وقطاع غزة في جلسة واحدة ولكن ما يحصل في القاهرة يفتح الأبواب الموصدة منذ سنوات ، وهذا في حد ذاته إنجاز هام. ويعتبر البعض ان توقيع الرئيس الفلسطيني في منتصف جانفي الماضي مرسوما لإجراء الانتخابات، خطوة هامة لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني انطلاقا من شرعية الصندوق الانتخابي لا غير.

فالفلسطينيون اليوم في معركتهم لاسترداد أرضهم المسلوبة في وضعية أصعب بعد رفع بعض الدول العربية لغطائها عنهم وهرولتها لإقامة علاقات طبيعية مع الاحتلال الإسرائيلي الذي لا زال يقتل ويغتصب ويمارس كل أشكال الجرائم يوميا بحق الفلسطينيين دون خوف او وجل . ورغم ذلك فقد برهن الشعب الفلسطيني انه لا يعرف اليأس وواصل معركته الدبلوماسية في المحافل الدولية وراهن على المنظمات الحقوقية العالمية لاسترداد حقوقه. وآخر ما حققته السلطة كان القرار الصادر من المحكمة الجنائية الدولية قبل يومين، والذي يقضي بولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة أي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية . ويحمل هذا القرار تداعيات هامة قد تمهد الطريق لفتح تحقيق في جرائم الاحتلال الصهيوني في تلك المناطق ، وهو ما يثير مخاوف الاحتلال الذي سارع الى تعيين ضباط رفيعي المستوى للدفاع عن جنودهم أمام «الجنائية» الدولية.

ويأمل الفلسطينيون في أن يتم اصدار مذكرات اعتقال أو ملاحقة قادة جنود الاحتلال على جرائم الحرب المرتبكة من قبل الصهاينة في الأراضي الفلسطينية ، وقد يكون قرار المحكمة الجنائية أول الغيث الذي انتظره الفلسطينيون طويلا في نضالهم الصعب لاسترداد حقوقهم ولإنصافهم تاريخيا وقانونيا وسياسيا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115