اتفاقيات «أبراهام.. من التطبيع إلى التتبيع

رغم تفاؤل الكثيرين بتسلم بادين مهامه على رأس البيت الأبيض وطيّ صفحة ما يمكن ان يسمى بالمرحلة الترامبية بكل مساوئها وعنفها وارهاصاتها ،

الا ان سقف هذا التفاؤل ينخفض عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية وبهذا الحق التاريخي المقدس الذي لا يسقط بالتقادم . وكما كان متوقعا فان إدارة بايدن ستسير على خطى ترامب في ما يتعلق باتفاقيات التطبيع «أبراهام» التي التحقت بركبها عديد الدول والأنظمة العربية . فقد جاء تصريح مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، والذي أكد فيه بأن الإدارة الأمريكية الجديدة ستعمل مع إسرائيل للبناء على اتفاقيات التطبيع الإقليمية، وذلك خلال أول اتصال هاتفي مع نظيره الإسرائيلي مائير بن شبات، ليكشف عن حجم الصعوبات القديمة المتجددة التي تواجه الفلسطينيين شعبا وحكومة . فما واجهته القضية الفلسطينية خلال ما يمكن ان نسميه بعام الكورونا والتطبيع والذي يعتبر أسوا تحد يمرّ به الفلسطينيون بعد سنوات الصراع والحروب العربية الإسرائيلية التي شهدتها المنطقة خلال العقود الماضية.
وفي الحقيقة كانت هناك تطلعات عربية لان يكون بايدن أقل حماسا بمسار التطبيع الصهيوني من سلفه ترامب الذي اتخذ من هذا النهج أولوية لادارته، ولكن تصريحات الساسة الأمريكيين جاءت لتؤكد بان هناك حقيقة واحدة في ما يتعلق بهذا الملف وهو ان الولايات المتحدة ستبقى أهم حليف لـ«إسرائيل» في المنطقة وأهم مدافع عن أمنها القومي ومصالحها . والجانب الوحيد الذي وعد به بلينكين الفلسطينيين هو الالتزام بحل الدولتين .
توقع الكثيرون بان تنخفض الحماسة لمسار التطبيع مع رحيل عراب «صفقة القرن»المشؤومة دونالد ترامب ، ولكن رحيله يبدو انه لن يغير الكثير في المعادلات الإقليمية وفي اهتمامات عديد الأنظمة في المنطقة، فزيارة وزير المخابرات الإسرائيلي، إيلي كوهين، مساء الإثنين، وهي الأولى من نوعها إلى السودان، تؤكد بان هناك مرحلة جديدة عنوانها لا فقط التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي بل التبعية له أيضا. والأخطر ان من بين المواضيع التي طُرحت على بساط البحث «إمكانية ضم إسرائيل إلى مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن». وبالتزامن تمّ الإعلان على «تبادل فتح سفارات في أقرب وقت» بين الخرطوم وتل ابيب .
لعل الجانب الوحيد الذي يمكن التعويل عليه في خضم كل هذه التغيرات الإقليمية والعالمية هو حراك القوى الوطنية في تلك الدول المطبعة والتي أعلنت رفضها القاطع لمسار التطبيع.
والنقطة الأخرى الهامة هي تمسك عديد الدول العربية برفض التطبيع الرسمي قبل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف حسب ما أعلنت عنه السعودية صراحة على لسان وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان وكذلك تمسك المملكة بـ«مبادرة السلام العربية». وهو موقف رحبت به السلطة الفلسطينية التي تعوّل على المعركة الدبلوماسية داخل أروقة الأمم المتحدة من أجل الرد على كل انتهاكات الاحتلال بدءا بالمستوطنات مروا بكل الجرائم والانتهاكات المخالفة للقانون الدولي والشرعية الدولية ...وسيكون ذلك أكبر رد على مسار التطبيع وقيوده .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115