صراع خفي بين إيران وفرنسا... ما الذي يجري خلف الكواليس؟

ما يحدث اليوم في المنطقة يشكل صورة واضحة وحقيقية للعبة دولية وإقليمية، إذ تعاد صياغة السيناريو من جديد تجاه طهران. بتزعم بعض

دول الغرب زعزعة استقرار المنطقة وقد سبق أن مهدوا البنية التحتية لغزو العراق وتدمير سوريا وهم ذاتهم الذين يمهدون لإضعاف إيران وتدمير ركائز قوتها، وهو ما يدعو للتساؤل لمصلحة من كل هذا العداء لإيران ؟
في الوقت الذي تنوي فيه الولايات المتحدة الأمريكية اختبار آفاق حل دبلوماسي مع إيران بشأن ملفها النووي، تسعى فرنسا أن تكون متيقظة حيال التحديات المقبلة، مدركة بأنها لن تضعف في سياستها الحازمة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية متطورة، وضرورة إبقاء العقوبات على إيران. وأمام هذا الواقعِ تعيش فرنسا أزمة عميقة في خياراتها في التعاطي مع الملف النووي الإيراني يعززه خوفها من أن تَمضي إيران في مسيرة تطورها العسكري والاقتصادي حتى النهاية.
في هذا السياق انتقد وزير الخارجية الفرنسي لودريان، إيران، متهماً إياها بالسعي إلى بناء قدراتها في مجال التسلح النووي، وأنه من الضروري أن تعود طهران وواشنطن إلى الاتفاق النووي الموقع في 2015، كما حذرت قوى أوروبية ،إيران، من بدء العمل على إنتاج وقود يعتمد على معدن اليورانيوم من أجل مفاعل أبحاث، وقالت إن ذلك يتعارض مع الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وقالت كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا في بيان مشترك «نحث إيران بقوة على إنهاء هذا النشاط والعودة إلى الامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة دون تأخير، إذا كانت جادة في الحفاظ على هذا الاتفاق».
على خط مواز، نفى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مزاعم فرنسية عن أن طهران تقوم ببناء قدراتها لإنتاج أسلحة نووية، واصفاً تلك التصريحات بأنها كلام تافه وسخيف، وقال في تغريدة على تويتر «كف عن الحديث التافه السخيف حول إيران».
في ذات السياق تتفاوض الولايات المتّحدة مع إيران بحذر شديد، وفي حال نجح الحوار الإيراني -الأميركي، سيكون ذلك مفتاحاً لحلحلة الملفات الشائكة، ولكن الملفت للنظر أن إسرائيل هي الطرف الوحيد المستاء من هذا المشروع الجديد لكونه يشكل خطراً على مصالحها في المنطقة، لذلك تخشى من أي تقارب أميركي-إيراني وتتهم طهران بمحاولة كسب الوقت والتخلص من العقوبات الدولية المشددة مع مواصلة جهودها لاكتساب أسلحة نووية، وهذا قد يعني بداية انتهاء العصر الذهبي لـ«إسرائيل» كطفل مدلل للولايات المتحدة، أو على الأقل كنقطة محورية للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، لهذا عملت «إسرائيل» على خلط الأوراق من جديد وتشكيل جبهة مع دول أخرى لإحباط أي مشروع مصالحة بين إيران وأميركا.
فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين أن المفاوض الإيراني لن يساوم على حقوق الشعب ولن يسمح للغرب بتجاوز الخطوط الحمراء، ومن حق إيران امتلاك الطاقة النووية لرفع احتياجات البلاد، والتحقيقات العلمية النووية، والاستفادة من الأجيال الجديدة لأجهزة الطرد المركزي، لذلك كانت الجولة الأخيرة من المفاوضات بين إيران والقوى الكبرى حول الملف النووي الإيراني أساسية ومفيدة، مما يستدعي مضاعفة الاتصالات بين الطرفين، للنهوض بالاقتصاد الإيراني الذي يعاني بشدة من العقوبات الدولية.
وأختم بالقول، إن إسرائيل تسعى دائما لإبقاء العلاقة بين إيران والغرب في حالة توتر دائم، لكونها تدرك جيداً أن أي توجه نحو إيجاد تسوية بين الغرب وإيران بشأن الملف النووي سيحرمها من استخدام التهديد النووي الإيراني كذريعة لصرف الأنظار عن القضية الفلسطينية واستمرارها في المراوغة بشأن عملية السلام مع الفلسطينيين، والالتفاف عليها من خلال تفكيكها إلى أجزاء ومعالجة كل جزء على إنفراد حتى تذوب من تلقاء نفسها وتفقد زخمها وبعدها السياسي، فضلاً عن استغلال الوقت من أجل شطب مزيد من الحقوق الفلسطينية واستمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية، مستغلة التداعيات العربية وموقف الإدارة الأمريكية المناصر لها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115