رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية. وسوف تنظم مراسم أداء اليمين الدستورية في أجواء غير عادية إذ تبقى أحداث اجتياح الكونغرس من قبل أنصار متطرفين للرئيس المنهزم دونالد ترامب كابوسا لمنظمي الحفل الذي ينعقد تقليديا في بهو الكابيتول خارج المبنى الرئيسي. وكانت بعض الجهات المنظمة قد اقترحت إجراءه داخل المبنى لكن جو بايدن رفض ذلك وتمسك بالتقاليد المعتمدة.
وقد أجبر ذلك المنظمين على إعادة صياغة برنامج مراسم حلف اليمين التي تم تعطيلها بسبب اجتياح الكابيتول. وتقرر نهائيا تخفيف عدد المشاركين وإلزام الجميع بتراتيب التباعد الجسدي وحمل الأقنعة وهو القرار الأول الذي أعلنه الرئيس جو بايدن والذي يريد إلزام الجميع به مدة 100 يوم من أجل مقاومة فيروس كورونا بصورة فعالة. وسوف يحلف اليمين جو بايدن الرئيس السادس والأربعون للولايات المتحدة ونائبته كامالا هاريس في حفل غير مسبوق في تاريخ البلاد.
استعدادات استثنائية
وفي حين تواصل العدالة ملاحقة صانعي الهجوم والبحث في أسبابه ودوافع منفذيه وارتباطاتهم بجهات سياسية بما في ذلك المنتسبين للشق المناصر لدونالد ترامب فإن فرقة تنظيم الحفل جندت على الأقل 20000 جندي وأكثر من 5000 شرطي لضمان سلمية العملية. ويفوق عدد الجنود المشاركين في حفل واشنطن بثلاثة اضعاف عدد الذين يرابطون في ساحات الحرب في أفغانستان والعراق وسوريا والصومال. وأخذت السلطات البلدية قرار منع التجول في المناطق المجاورة للكونغرس والبيت الأبيض من 17 إلى 21 جانفي مع تقسيم الفضاء البلدي للعاصمة إلى منطقتين حمراء وخضراء. وتم زرع حواجز في الطرقات المؤدية للمنطقة الإدارية واخلاء مدخل الكونغرس وتوسيع رقعة البهو ومنع الانتصاب فيه.
وظهر مبنى الكونغرس -هو في عطلة إدارية- على شاشات التلفزيون الأمريكية بمثابة «المنطقة المحتلة» من قبل الجنود المتطوعين الذين احتلوا كل فضاءاته وناموا على الأرض وكأنهم في حالة حرب. وقدم متطوعون من الجيش الاحتياطي ومن أجهزة الشرطة من مختلف ولايات البلاد لحماية البيت الديمقراطي وضمان انتقال السلطة دستوريا. والتحق بهم عدد من حراس السجون الفيديراليين المختصين في مقاومة المجموعات المنتفضة إلى جانب أعداد كبيرو من أعوان الشرطة الفدرالية «أف بي أي». وسوف يطلب من كل الحاضرين الالتزام بالتباعد الجسدي في خطوة رمزية تشير إلى تغيير في التعامل في الفضاء العام خلافا لما كانت عليه الأمور في ولاية دونالد ترامب.
«مسيرة المليون شهيد»
ولا زالت أجهزة المخابرات الداخلية والخارجية في حالة استنفار قصوى بعد أن أعلنت إدارة «أف بي أي» أن الحركات المتطرفة المناصرة لدونالد ترامب، وترفض انتخاب جو بايدن وتعتبره «اختطافا للانتخابات»، وتعتزم يوم 20 جانفي تنظيم مظاهرات مليونية مسلحة أمام مراكز الكونغرس في 50 ولاية يشارك فيها أعضاء مسلحون من كل الفرق اليمينية المتطرفة والتابعة لحركة النازية الجديدة وتلك التي أخذت اسم «كو أنون» والتي لها ممثلون في مجلس النواب. وأعلنت جهات أمنية عن تخوفها من «مسيرة المليون شهيد» التي تعتزم نفس المليشيات تنظيمها خارج نطاق القانون في واشنطن بنفس المناسبة تخليدا لذكرى أشلي بابيت، الجندية السابقة التي قتلت وهي تدخل من أحد شبابيك الكونغرس والتي تعتبرها المليشيات «شهيدة».
مخاوف أخرى أعلنت عنها شرطة «أف بي أي» تتعلق بإمكانية تسلل أحد المناصرين لدونالد ترامب في صفوف الجنود المجندين لحماية الحفل. وتجري التحقيقات في كل الأسماء من أجل التحقق من نظافة سجلاتها وعزل كل من له شبهة ما مسجلة في دفاتر الجيش. وكانت فرق البحث العدلي قد عثرت على مشاهد «تعامل» بين أعوان شرطة الكونغرس والمليشيات التي اقتحمت المبنى. وتم عزل خمسة منهم وهم رهن التحقيق وفتح تحقيق آخر مع 19 شرطيا مشتبه في ضلوعهم في العملية. وقدم عدد من النواب الديمقراطيين لائحة شكوى ضد نواب جمهوريين تابعين لدونالد ترامب كانوا قد أدخلوا يوم 5 جانفي، أي يوما قبل اجتياح الكونغرس، أشخاصا للمبنى وجابوا مناطق غير مرخص فيها للأجانب على الكونغرس. وهو ما أعطى الانطباع أن المخاطر متعددة الأوجه وأن احتمال تكرار ما حصل يوم 5 جانفي أو محاولة الاعتداء على القيادة الجديدة ليست مستحيلة في بلد شهد اغتيال 4 رؤساء ومحاولة اغتيال أربعة آخرين منذ تأسيس الدولة.
طي صفحة الكابوس
وتحاول كل الأطراف الأمنية والسياسية بمن فيها أعضاء بارزون من الحزب الجمهوري وفي مقدمتهم الرئيس الأسبق جورج بوش الذي سوف يحضر المراسم صحبة الرئيسين الديمقراطيين باراك أوباما وبيل كلينتون طي صفحة دونالد ترامب من أجل الخروج من الكابوس الذي يخيم على الحياة السياسية في الولايات المتحدة. وقد أكد دونالد ترامب مجددا عدم حضوره موكب نقل السلطة - ولو أنه المعني الأول بها- واقتصر على مطالبة المليشيات بعدم التظاهر والتزام السلم الاجتماعية.
في هذه الظروف الصعبة والمعقدة التي تشهد اللجوء لقوات الجيش والشرطة لفرض النظام الديمقراطي، دخلت الولايات المتحدة الأمريكية منطقة التقلب السياسي التي دشنها دونالد ترامب مدة أربع سنوات من حكم غير تقليدي بالنسبة للمؤسسة السياسية في واشنطن والتي تظهر انشقاقا عميقا في صفوف الشعب الأمريكي الذي لم يخرج بعد من تبعات الحرب الأهلية التي تأسست على أعقابها الدولة و كذلك من مخلفات الفكر العنصري و المتطرف لجزء هام من الأمريكيين في جنوب البلاد. يوم 20 جانفي سوف يكون بداية عهد جديد-قديم تتراكم فيه الرهانات في وجه الثنائي الحاكم الجديد جو بايدن وكامالا هاريس.
استعدادات حربية لضمان انتقال ديمقراطي للسلطة في واشنطن: مشاركة ثلاثة أضعاف الجنود الأمريكيين في أفغانستان والعراق وسوريا والصومال
- بقلم زين العابدين بن حمدة
- 09:35 21/01/2021
- 695 عدد المشاهدات
شهدت واشنطن في الأيام الماضية تحركات غير عادية لضمان انتقال سلمي للسلطة في واشنطن بعد إقرار مجلس الشيوخ انتخاب جو بايدن