البادية السورية... «داعش» الإرهابي يتعافى سراً

بعد إجراء مراجعة سريعة لمجريات الأحداث في سوريا، نجد أن هناك مساعي كبيرة لتحقيق الأمن والاستقرار فيها، وفي نفس الوقت هناك نوايا خبيثة

ومساع مضادة من بعض الدول التي تبذل قصارى جهدها من أجل عرقلة هذه المساعي لإنهاك سوريا وتدمير مقدراتها وزعزعة استقرارها، لتحقيق أهدافها وأطماعها الاستعمارية وفق المنطق الغربي.
اليوم ، لم يعد هناك مجال للشك في أن الطرف الأساسي الذي يقف حجر عثرة ومعرقلا رئيسيا للسلام في المنطقة هي «أمريكا» تحت إشراف ومتابعة الإستخبارات الغربية، خصوصاً وأن العالم يعلم جيداً بمدى تورطها في المسائل المتعلقة بالتدخلات السافرة في شؤون المنطقة، والذي نراه واضحاً هنا هو أن إستراتيجية واشنطن ومصالحها تقتضي عدم القضاء على تنظيم داعش وأخواته وذلك لتحقيق أهدافها في المنطقة.
على خط مواز، يقوم الاحتلال الأمريكي بنقل دفعات من معتقلي «داعش» من سجني غويران والصناعة في مدينة الحسكة، باتجاه قواعدها في العراق تحت إدارة وإشراف أمريكي، مع إطلاق سراحهم بعد تسليحهم لشن هجمات على مواقع الجيش السوري والحلفاء في البادية السورية والمعابر الحدودية مع العراق، وبذلك يعود من جديد استمرار ذريعة بقاء القوات الأمريكية في سوريا بحجة محاربة التنظيم.
إن استهداف الحافلات العسكرية والمدنية والقاعدة الروسية في الرقة هو إشعار بعودة داعش، ومقدمات لظهوره من جديد، وهي رسالة أميركية واضحة مفادها أنها غير راضية عن الوجود السوري- الروسي –الإيراني شرقاً، في سياق ذلك يستغل داعش البادية السورية، مستفيداً من العامل الجغرافي والتضاريس وامتداد الصحراء (80 ألف كيلومتر)، بصفتها تربط بين سبع محافظات وتصلها ببعضها، وهي دير الزور وحماة والرقة وحمص وحلب وريف دمشق والسويداء،.بالإضافة إلى اعتماده على الخلايا النائمة التي يؤمن له تشكيلاً جديداً لصفوفه القتالية، فضلاً عن استخدام «داعش» لحرب العصابات، وهي الضربات الموزعة والمتفرقة ضد الجيش السوري وحلفائه هناك.
تزامناً مع تنفيذ الجيش السوري لهجوم هو الأكبر على الجماعات المسلحة والقوى المتطرفة الأخرى، وتقدمه في أكثر من جبهة بينها ادلب وحماه ودير الزور ويبدو أن هذا التقدم لم يرضِ أمريكا، الأمر الذي دفعها لتكثيف جهودها من أجل إحباط العمليات العسكرية في هذه المدن ووقف تقدم قوات الجيش السوري، حيث وصلت هذه المحاولات الأمريكية إلى حد استهداف هذه القوات في عدد من المناطق، فضلاً عن قيام طائرات أمريكية بإلقاء مساعدات لعناصر داعش وأخواته في بعض المواقع والمناطق السورية.
مما لا شك فيه، أن بعض الرهان الآن على تنظيم «داعش» الإرهابي هو لعب في الوقت الضائع، ولم تعد تخبّطاته وسلوكياته لتجدي نفعاً، ولا لتحقق هدفاً، فصمود هذا التنظيم لن يستمر طويلاً، كما أن سقوطه لم يأخذ كثيرا من الوقت، لأن سورية أوشكت أن تطوي صفحة داعش وإرهابه، لذلك هو يترنح ويرقص رقصة الموت بعد أن بلغ به اليأس من الاستمرار في مواجهة الجيش السوري، فقد أصبح يدرك أن نهايته وشيكة لا محالةً بعد التقدم الكبير للجيش في مختلف الجبهات، وهو الانتصار الذي تحاول واشنطن وتركيا وتل أبيب وحلفاؤها عرقلته دون جدوى.
إجمالاً.... إن القتل والترويع لن يغير من حلم السوريين وتطلعاتهم إلى وطن مستقر آمن خال من التطرف، فالشعب السوري قادر على مواجهة مخططات الإرهاب والمؤامرات المشبوهة وإفشالها بوحدته الوطنية وبإرادته وجيشه العربي الذي لن تستطيع أي قوة أو إرهاب أن تكسرها. وأن مكاسب الجيش السوري التي تحققت في مختلف المناطق هي مؤشر واضح بأن داعش الإرهابي قد بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة في سوريا جراء شدة الضربات الموجعة التي تلقاها هذا التنظيم في مختلف المناطق. ستزول داعش والإرهاب من سوريا لكونها آداة مأجورة للضغط والترهيب لتحقيق مكاسب سياسية، انتهى مفعولها بعد تثبيت أساس وحدة سورية عن طريق الحوارات واللقاءات الوطنية بين أبناء شعبها، كما أثبتت دمشق للعالم أجمع بأنها الأقدر على لجم أمريكا ومن يلتف معها خلف الكواليس.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115