العراق وتنصيب الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن: آمال مرتفعة بتغيّر السياسات والخروج من قلب الصراع بين واشنطن وطهران

تنتظر أغلب الدول ومن بينها العراق تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن للنظر في سياسته تجاه ملفات المنطقة الحاسمة

في ظل الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تعيشها بغداد التي أصبحت ساحة للصراع والتجاذبات الإقليمية والدولية بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وإيران من جهة أخرى . هذا الصراع الأمريكي الإيراني المتجدد ألقى بظلاله على المشهد السياسي والأمني والإقتصادي في العراق وجعل بلاد الرافدين تعيش مشهدا ضبابيا منذ سنوات طويلة ، ومع اقتراب تنصيب بايدن وتزامن ذلك مع قرب إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في البلاد ، يُعوّل العراقيون على مرحلة أكثر وضوحا في ظل القيادة الأمريكية الجديدة .
ولعلّ أبرز ملفات العراق التي تنتظر الحسم في الآونة المقبلة مسألة النفوذ الإيراني المتزايد باعتبار أنّ البلاد باتت أرضا للصّراع بين واشنطن من جهة وإيران وحلفاءها من جهة أخرى مما أثر سلبا على واقع العراق وسياساته الداخلية والخارجية . وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد عبّر منذ الإعلان عن فوز بايدن عن تطلعه إلى «العمل لتحقيق أهدافنا المشتركة وتعزيز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأكملها».وفيما هنأ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الرئيس الأمريكي المنتخب ونائبته، عبّر عن تطلعه في بيان مقتضب إلى «تقوية الروابط الإستراتيجية بين بلدينا نحو مستقبل مبني على الاحترام المتبادل وقيم التعاون المشترك والوثيق لتجاوز التحديات ودعم السلم والأمن، وتحقيق الاستقرار والازدهار».
مشهد داخلي مرتبك
وبخصوص المشهد العراقي اليوم ومدى تغير العلاقات الأمريكية العراقية في عهد بايدن قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي نصيف الخصاف لـ«المغرب» أن المشهد الأمني في العراق في تحسن نسبي ولكنه متعلق بالمشهد السياسي ومدى قدرة القوى السياسية الحالية على الاستجابة لضرورة تغيير الأداء السياسي والإداري في البلد وفق تعبيره.
وتابع ‘’ فلم تعد الآليات الإدارية والسياسية التي اعتمدت على المحاصصة العرقية-الطائفية بعد 2003 ولغاية الانتخابات الماضية صالحة للعمل الآن ، كما أن محاولات بعض القوى السياسية في العزف على الوتر الطائفي والعرقي وإثارة العواطف ودغدغة المشاعر القومية والطائفية لن تجدي نفعا بعد ما أفرزته ‘’انتفاضة تشرين’’ من وعي مجتمعي ،وفضح دجل بعض أحزاب الإسلام السياسي وزيف خطابها المغلف بالدين والمستند على تاريخ بعض الزعامات الدينية السابقة كأساس لإيجاد جمهور وأتباع لم يكونوا ينظرون إلى الطروحات الفكرية والبرامج التنموية التي يطرحها كل حزب بقدر ما كانوا ينظرون إلى السمعة التي اكتسبتها بعض الشخصيات الدينية في زمن البعث لمعارضتها «النسبية» لسياسته ونهجه في الحكم’’.
وتابع ‘’ستبقى تلك الأحزاب أسيرة طروحاتها التي عفا عليها الزمن لذلك فإنها آيلة إلى زوال لأنها تعيش فكريا وسياسيا خارج مسار التاريخ ومنفصلة تماما عن المرحلة التاريخية التي يمر بها العراق ، لذلك فإن المشهد في العراق مفتوح على احتمالين فقط، الأول هو إصرار القوى السياسية على نهجها وعلى البقاء في الحكم من خلال تزوير الإنتخابات وغيرها من الأساليب التي اعتمدت خلال السنوات السابقة وبالتالي اندلاع إنتفاضة جديدة قد تتسم بالعنف هذه المرة لإزالة هذه الطبقة عنوة ، أو ظهور قوى سياسية جديدة تعي خطورة المرحلة ووجوب التغيير’’ على حد قوله .
تغير بطيء في السياسات
أما بخصوص العلاقات مع الولايات المتحدة فقال محدثنا أن سياسة واشنطن ‘’لن تتغير بتغيير الرئيس الأمريكي ، إلاّ أن السياسة الأمريكية برمتها في المنطقة خاصة على صعيد الصراع مع إيران ستتغير ولكن بوتيرة بطيئة جدا لا كما يتصور البعض بعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي بمجرد وصول بايدن إلى البيت الأبيض، لأن إدارة بايدن وإن كان خطابها الإنتخابي يتضمن إمكانية العودة للاتفاق النووي وإلا أنها ستحاول الإستفادة من الضغط الذي مارسته إدارة ترامب ضد إيران لتحقيق مكاسب إضافية بمعنى استحالة العودة إلى الإتفاق النووي مع إيران دون تحقيق مكاسب جديدة للإدارة الجديدة، ومن المحتمل أن يتضمن الإتفاق الجديد جزءا سريا يتعلق بالحد من النفوذ الإيراني في المنطقة وخاصة العراق ولبنان وسوريا».
وتابع الكاتب العراقي «وليس من المحتمل حصول تغيير كبير على علاقة الولايات المتحدة الأمريكية مع الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية كما يروج البعض إلى أن لغة المصالح أعلى صخبا من لغة حقوق الإنسان وغيرها من الأمور التي يعتقد البعض بأنها تحظى بالأولوية على لغة المصالح، أما عن مدى جاهزية العراق لإجراء الإنتخابات فلا اعتقد أن إجراء انتخابات مبكرة بالصعوبة التي يصورها إعلام أحزاب السلطة لأنها عملية يفترض أن تكون سهلة ولا تتطلب سقوط 800 شهيد و22 ألف جريح لإجرائها ، ففي بريطانيا أجرى حزب رئيس الوزراء جونسون انتخابات مبكرة خلال شهر بمجرد دعوة حزب المعارضة لإنتخابات مبكرة ‘’.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115