أين يتواجد تنظيم «بوكو حرام» ويسيطر على مدن هامة هناك.
الغرب استنفر الخطر الوشيك من هذا التحالف عبر المطالبة بتحجيم دور التنظيمات الإرهابية في إفريقيا ولعل آخر المؤتمرات الدولية التي بحثت سبل ذلك كانت القمة التي انعقدت في نيجيريا السبت المنقضي بحضور جيران أبوجا ودول غربية أخرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، والتي أجمعت على ضرورة إرساء الاستقرار في ليبيا لمحاربة «داعش» و»بوكو حرام» وتحسين الأمن في المنطقة برمتها. واشنطن التي سجلت حضورها خلال القمة الأخيرة بنيجيريا أعلنت أن تقاريرها الاستخباراتية تؤكد تنامي التّعاون بين ‘داعش» و»بوكو حرام» الإرهابيين،حيث تعمل الجماعة النيجيريّة على إرسال مقاتلين إلى ليبيا لتعزيز صفوف مايُسمّى «تنظيم الدولة الإسلامية» بليبيا. كما دفع تمدد تنظيم «داعش» والتهديد الذي يشكله في ليبيا وزارة الدفاع الأمريكية مؤخرا إلى زيادة عدد أفراد قواتها الخاصة الموجودة في شرق وغرب ليبيا ، وأسندت إليها مهمة التحالف مع شركاء محليين لتنفيذ عمليات نوعية ضد التنظيم الإرهابي هناك ، وبتحالف تنظيم «داعش» ليبيا مع جماعة «بوكو حرام» زاد قلق المجموعة الدولية من تداعيات هذا التقارب بين التنظيمات المتطرفة ومايمكن ان ينجر عن ذلك من مخاطر إرهابية جديدة.
«داعش» و«بوكو حرام»
يشار إلى أن جماعة «بوكو حرام» النيجيرية المنشأ بدأت تمرّدا ضدّ السّلطات منذ ما يفوق الـ7 سنوات وتعرف أيضا بـ»جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد» والمعروفة باسم بوكو حرام بمعنى ان التعاليم الغربية حرام، هي جماعة إسلامية سلفية جهادية مسلحة تتبنى العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا وقائدها الحالي ابوبكر شيكاو (تتضارب الأنباء حول مقتله)، أعلنت سنة 2015 مبايعتها زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي وتحوّل اسمها من «بوكو حرام» إلى «ولاية غرب إفريقيا».
في المقابل أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي وجوده رسميا في ليبيا في جانفي 2015 ويضم الآن مايفوق الـ6000 مقاتل من جنسيات مختلفة بالاضافة إلى عتاد عسكري لوجستي وأسلحة متطورة ، حيث نجح التنظيم في استغلال الفوضى الأمنية والسياسية المخيمة على بلاد عمر المختار منذ سقوط حكم الرئيس السابق معمر القذافي في 17 فيفري 2011 ليتمدّد شرق البلاد وغربها ، وأعلن التنظيم الإرهابي في 12 مارس 2015 قبوله بيعة «بوكو حرام» الّتي أعلنت بيعتها بداية الشهر من نفس السنة.
ورغم انّ البيعة تمت سنة 2015 ، إلا أن التّقارب بين التنظيمين ظهر إلى العلن في الأشهر الأخيرة وفق تقارير غربيّة في الغرض أكدت فاعليّة التواصل بين الجانبين، وسط أنباء عن وجود تعاون مادي ولوجستي بين «داعش» و»بوكو حرام». ونتيجة التطوّرات الأخيرة طفت على السّطح مجدّدا دعوات لرفع الحظر عن السلاح الليبي خاصة بعد استلام حكومة الوحدة الليبيّة مهامها في العاصمة طرابلس ، وهي مطالبات أبدى حيالها الغرب مرونة غير مسبوقة نتيجة عدّة أسباب لعلّ أهمّها تفاقم خطر التنظيمات الإرهابيّة هناك لاسيما «داعش» و»بوكو حرام». ويعد تسليح الجيش أحد معضلات ليبيا الكبرى التي فُرض عليها حظر على بيع الأسلحة من قبل مجلس الأمن الدّولي منذ العام 2011، وهو ما حال دون تمكّن الجيش من الدّخول بقوّة في الحرب ضدّ الإرهاب ، ممّا جعل المجتمع الدولي يبدي مرونة إزاء رفع الحظر.
الأبعاد والتداعيات
وعن أبعاد وتداعيات هذا التقارب والتحالف بين تنظيمي «بوكو حرام» و»داعش» قال الباحث المالي المختصّ في القضايا الإفريقية حمدي جوارا لـ»المغرب» أنّ «الأبعاد واضحة إذ يسعى تنظيم «داعش» إلى تجنيد الأجانب من اجل تصفية حساباته مع خصومه على طريقة منظمة مثل «بوكو حرام» ،التي تعتبر من اخطر التنظيمات الإرهابية في إفريقيا والتي تتلذذ قياداتها في إسالة الدماء وخطف الرهائن وقتل الأبرياء ، وربما تريد «داعش» والحركات الإرهابية إيصال رسالة مفادها ان أهداف التنظيمين متقاربة أن لم تكن مشتركة ، المهم الآن هو كيفية التعامل مع هذه الجماعات خصوصا وأنها تتقن جيدا التعامل مع الإعلام وجعل نفسها موضوع اهتمام سياسي وإعلامي كبيرين». وتابع جوارا أنّ القارة الإفريقية تعيش حربا واقعة ، معتبرا أن الوضع السياسي الحالي ينبئ بمرحلة جديدة من التأزم نتيجة الخلافات المستمرة خصوصا بين الفرقاء الليبيين. وأشار محدّثنا إلى أنّ الغرب بدأ يستشعر الخطر القادم من وراء الإرهاب، متابعا أنّ التطوّرات الأخيرة في القارة الإفريقيّة جعلت من مكافحة الإرهاب الأولوية الأساسيّة في القمّة الدولية الأخيرة بنيجيريا. واعتبر جوارا انه منذ انتخاب الرئيس الجديد لنيجيريا قام بحملة إصلاحية داخل المؤسسة العسكرية أتت أكلها ، مضيفا أنّ الظاهرة «البوكوحرامية» في نيجيريا في طريقها إلى الاضمحلال والانكماش.
وعن الإستراتيجية الناجعة للحدّ من تغوّل نفوذ التنظيمات الإرهابية في القارة السمراء أجاب محدّثنا أن الإستراتيجية واضحة وتستوجب التركيز على التعامل الأمني والعسكري المحنك والمحترف مع الأزمات .
وقال الباحث المالي أن الحرب ضد الإرهاب تستدعي أيضا تظافر الجهود المحلية والدولية لضمان نجاحها عبر مساعدات اقتصادية ومادية وحتى لوجستية من قبل الدول الكبرى للمساهمة والدفع في اتجاه القضاء على الإرهاب وفق تعبيره.