شد وجذب بين تركيا وأمريكا حول منظومة الصواريخ اس 400: هل تلجأ أنقرة إلى خيار التفاوض في عهد جو بايدن ؟

يبدو أن أغلب الملفات العالقة على الصعيد الدولي تنتظر حسما أو تغيرا خلال الفترة القادمة مع قرب تنصيب الرئيس الأمريكي

المنتخب جو بايدن، ومن بين الملفات العلاقات بين أنقرة وواشنطن والتي شهدت خلال فترة حكم ترامب حالة من التوتر الشديد على علاقة بعدة ملفات آخرها ملف تزود تركيا بمنظومة صواريخ « اس 400» المتطَورة روسية الصنع.
وبعد إعلان أنقرة قبل شهرين عن إتمامها الصفقة مع الجانب الروسي، أثارت الخطَوة غضب الجانب الأمريكي وسط مخاوف من تزايد نفوذ وقوة تركيا في منطقة الشرق الأوسط وتأثيرات ذلك على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
ورغم دعوات واشنطن لأنقرة بالتراجع عن الصفقة والتهديدات بفرض عقوبات اقتصادية حادة وهو ما تمّ فعلا، إلا أن حكومة اردوغان تمسكت باقتنائها للمنظومة المتطورة. ورغم ذلك يرى مراقبون أن لهجة تركيا بدأت تلين مع قرب تنصيب الرئيس الجديد جو بايدن.. اذ قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أمس إن تراجع بلاده عن شراء أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية إس-400 «في غاية الصعوبة»، لكنه عبر عن أمله في حل الخلاف مع الولايات المتحدة بشأن هذه المسألة بالحوار.
وأكد أكار أن تركيا تجري محادثات مع روسيا للحصول على شحنة ثانية من أنظمة إس-400.
وفرضت الولايات المتحدة الشهر الماضي عقوبات استهدفت هيئة الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها إسماعيل دمير وثلاثة موظفين آخرين بعد شراء الهيئة منظومة إس-400. والبلدان عضوان في حلف شمال الأطلسي.
وقال أكار للصحفيين في أنقرة «التراجع عن النقطة التي وصلنا إليها وضع في غاية الصعوبة. ندعو (الولايات المتحدة) إلى النأي عن لغة التهديد مثل العقوبات».
وتابع «نريد حل المشاكل عبر الحوار. إذا أراد الجانب الأمريكي حلا فيمكن التوصل إليه من خلال العمل على المستوى الفني».
تفاوض متوقع
وتعتبر دعوة تركيا أمريكا إلى فتح باب الحوار خطوة نحو مرحلة جديدة من التفاوض ستستعمل فيها حكومة اردوغان عدة ورقات ضغط للحصول على نقاط قوة منها الملف السوري والعراقي وأيضا ازمة شرق المتوسط والصدام مع اليونان حول ملف الهجرة غير الشرعية.
وتقول تركيا الدولة العضو في حلف الناتو أن العقوبات الأمريكية ستزيد من توتر العلاقة مع الجانب الأمريكي مما أجبرها على ما يبدو على اللجوء للتهدئة والتوجه نحو خيار التفاوض.
هذا وفرضت الولايات المتحدة الأمريكية قبل أيام عقوبات على تركيا، بسبب نشر أنقرة لنظام دفاع صاروخي روسي الصنع، حصلت عليه في العام الماضي ،
علما وأن صفقة الأسلحة المتعلقة بصواريخ «اس 400»كانت منذ البداية محور جدل كبير بين الجانبين بعد أن اعتبرته واشنطن ودول حلف الناتو تهديدا صريحا لها. وتأتي العقوبات الأوروبية بعد تهديدات سابقة شنتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد تركيا على خلفية أنظمة «إس 400» لصواريخ الأرض-جو الروسية والتي قالت أنها لا تتوافق مع التكنولوجيا الخاصة بحلف شمال الأطلسي الذي يضم كلا من واشنطن وأنقرة وعددا من الدول الأوروبية الأخرى.
وتستهدف العقوبات التي أدانتها الحكومة التركية، قطاع مشتريات الأسلحة في تركيا. وتطال العقوبات رئيس مديرية الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير وثلاثة موظفين آخرين. وتشمل حظر تراخيص التصدير الأمريكية، وتجميد جميع الأصول الخاضعة للهيئات القضائية الأمريكية. وتأتي الخطوة بعد أشهر على إقصاء حكومة أردوغان من الانتفاع ببرنامج «طائرات اف 35›› الأمريكية بعد تزودها بنظام الصواريخ الروسي.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في بيان: «أوضحت الولايات المتحدة لتركيا على أعلى المستويات وفي مناسبات عديدة أن شراء نظام (صواريخ) إس-400 سيهدد أمن التكنولوجيا والأفراد في الجيش الأمريكي، وسيوفر أموالاً طائلة لقطاع الدفاع الروسي، وتواجدا روسيا بالقوات المسلحة والصناعة الدفاعية التركية».وتابع قائلاً: «ومع ذلك، قررت تركيا المضي قدما في شراء واختبار (أنظمة) إس-400، على الرغم من توفر أنظمة بديلة في الناتو قابلة للتشغيل المتبادل، لتلبية متطلباتها الدفاعية». وحثّ بومبيو تركيا على «حل مشكلة (أنظمة) إس-400 فوراً، بالتنسيق مع الولايات المتحدة». من جهتها دعت وزارة الخارجية التركية الولايات المتحدة إلى «إعادة النظر في هذا القرار الجائر»، مضيفة أن تركيا «على استعداد لمعالجة القضية عبر الحوار والدبلوماسية، بما يتفق مع روح التحالف».
وحذرت الخارجية التركية من أن العقوبات الأمريكية «ستؤثر حتماً بشكل سلبي» على العلاقات بين الطرفين، وأن تركيا «ستردّ بالطريقة وفي الوقت المناسبين».
وزادت حدة التوتر والاتهامات المتبادلة بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا بعد أن أعلنت أن وزارة الدفاع الأمريكية وقف تدريب الطيارين الأتراك على مقاتلات «إف-35» . ويرى مراقبون أن تأجج الوضع بين الطرفين سيزيد بعد تسلم أنقرة لأنظمة صواريخ «اس 400» وهو ما تعارضه إدارة البيت الأبيض.
وتأتي العقوبات بعد تهديد واشنطن لأنقرة أيضا بإلغاء عقود الباطن الممنوحة لشركات تركية لصناعة قطع لطائرات إف-35 وفرض عقوبات اقتصادية عليها بموجب قانون «كاتسا» الذي يتيح فرض عقوبات اقتصادية على أي كيان أو بلد يوقع عقود تسلح مع شركات روسية.
يشار إلى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية سبق أن أعطت تركيا مهلة للتراجع عن التزود بنظام صواريخ اس 400، إلاّ أن الجانب التركي تمسك منذ البداية برفض التراجع عن شراء السلاح الروسي متمسّكة بإتمام صفقة السلاح المثيرة للجدل والتي تواجه أنقرة بموجبها حملة ضغوطات أمريكية أوروبية متزايدة .
وتخشى الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف ‘’الناتو’’ من حصول تركيا على مثل هذه المنظومة المتطورة من الأسلحة وما سينتج عن ذلك من تزايد في موازين قواها مقارنة بدول الشرق الأوسط.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115