على وقع إعلان فتح الحدود والأجواء بين قطر والسعودية: مجلس التعاون يعقد قمة «المصالحة الخليجية»

عقد أمس مجلس التعاون الخليجي قمة استثنائية وُصفت بـ«التاريخية» في السعودية وذلك على وقع أجواء المصالحة الخليجية بين قطر والمملكة العربية السعودية

بعد أكثر من ثلاث سنوات من القطيعة، لتكون بذلك منطقة العلا السعودية التي احتضنت القمة الخليجية الـ41، شاهدة على هذا الحدث الهام الذي سيلقي بظلاله على المشهد السياسي والعلاقات الخليجية والملفات شديدة التعقيد في المنطقة ككل. وكانت مصر والبحرين والامارات والرياض قد قطعت علاقاتها مع قطر في جوان 2017 متهمة إياها بالتقرب من إيران ودعم مجموعات إسلامية متطرفة، الأمر الذي نفته الدوحة.

ويعد هذا الحدث الهام نجاحا للدبلوماسية الكويتية التي وقفت منذ بداية الأزمة موقف الوسيط بين الجارتين وقامت بمحاولات دؤوبة لإصلاح هذا الشرخ الكبير في العلاقات الخليجية . وقد اعتبر الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت أن «القمة تأتي لدعم عملنا الخليجي المشترك وتحقيق ما تصبو إليه شعوب المنطقة». ويتوقع عديد المراقبين ان تحذو مصر والبحرين حذو الرياض في إعادة بناء الثقة مع قطر . وبالفعل وقّع امس وزير الخارجية المصري سامح شكري على «بيان العلا» الخاص بالمصالحة العربية.وأكدت وزارة الخارجية المصرية في بيانها بان هذا التوقيع يأتي في إطار الحرص المصري الدائم على التضامُن بين دول الرباعي العربي وتوجههم نحو تكاتُف الصف وإزالة أية شوائب بين الدول العربية الشقيقة، ومن أجل تعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات الجسام التي تشهدها المنطقة.

فيما شدد بن سلمان في كلمته على أنه ينبغي تعزيز التكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي. كما أشار في كلمته السريعة إلى ما وصفه خطر البرنامج النووي الإيراني الذي قال عنه إنه يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي. وكشف ولي العهد السعودي أن الملك سلمان أوعز بإطلاق اسمي السلطان قابوس والشيخ صباح على القمة.
ويبدو أن الأنظار مسلطة على الإمارات وعلى الموقف الذي ستتخذه فيما يتعلق بهذه الخطوة الهامة التي تضعها في وضع حرج لكونها الأكثر تحفظا من بين الدول الأربع فيما يتعلق بالمصالحة .

ولعل المشهد الأهم كان استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في مدينة العلا حيث شهد مدرج مطار العلا السعودية، عناقا حارا استمر بضع ثوان بين ولي العهد السعودي وأمير قطر فور وصول الأخير الى المملكة، وللمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات.
والمعلوم ان الولايات المتحدة وإدارة ترامب كثفّت من ضغوطاتها في الآونة الأخيرة على دول الخليج من أجل انهاء صفحة القطيعة مع قطر استعدادا للملفات والتحديات الأصعب . لذلك كان لافتاً حضور جاريد كوشنير كبير مستشاري وصهر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب.

ترحيب إقليمي ودولي
وأولى ردود الفعل انطلقت من انقرة حليفة قطر والتي أعلنت عن ترحيبها بالانفراج الحاصل وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان إنّ أنقرة «ترحّب» بقرار إعادة فتح الحدود القطرية-السعودية وتعتبره «خطوة هامة نحو إيجاد حلّ للنزاع» وتأمل «بإيجاد حلّ كامل ودائم للنزاع على أسس الاحترام المتبادل لسيادة البلدين ورفع عقوبات أخرى مفروضة على الشعب القطري بأسرع وقت ممكن».

كما رحب الاتحاد الأوروبي، بالإعلان عن إعادة فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين قطر والسعودية. ووصف المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيتر ستانو، في مؤتمر صحفي عقده في بروكسل، امس الثلاثاء، الخطوة القطرية السعودية بـ «الإيجابية.» وأضاف المسؤول الأوروبي أن الخلافات القائمة منذ أكثر من 3 سنوات، بين دول مجلس التعاون الخليجي، أضرت بالوحدة داخل المجلس.

وأوضح أن الخلافات المذكورة، ولّدت انعكاسات امتدت إلى خارج مجلس التعاون الخليجي.
وشدد على استعداد الاتحاد الأوروبي، مواصلة الشراكة مع مجلس التعاون الخليجي.

كما رحبت باكستان بعودة العلاقات بين قطر والسعودية، عقب الإعلان عن إعادة فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين البلدين. وأشاد بيان صادر عن الخارجية الباكستانية، بجهود أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، ودول أعضاء مجلس التعاون الخليجي.

تداعيات وتأثيرات كبيرة
ويتوقع عديد المراقبين بان تكون لهذه المصالحة التاريخية تداعيات كبيرة على مختلف المجالات السياسية، في ما بتعلق بالخصوص بالملفات الساخنة خاصة تلك التي تشهد نزاعا بين الدول الخليجية المتخاصمة وخلافا في وجهات النظر والرؤى الدبلوماسية .
اما اقتصاديا فمن المتوقع ان تقطف قطر وشركة الطيران العالمية التابعة لها ثمار حل النزاع خاصة في خضم هذا الظرف العصيب الذي يواجه فيه العالم وباء كورونا بكل تداعياته الاقتصادية السيئة. وتوقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني بأن تؤدي إن اعادة العلاقات بين قطر وجيرانها الى زيادة تدفقات السياحة وزيادة الاهتمام من المشترين في المنطقة مما قد يدعم سوق العقارات المتعثرة. خاصة وأن الدوحة تستعد لاحتضان نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 وسيكون ذلك حدثا بالغ الأهمية لذلك فان هذه المصالحة ستسهم في وقف اية عراقيل يمكن ان تؤثر على فعاليات انعقاد هذا الحدث العالمي . وفور الإعلان عن خبر المصالحة، ارتفعت الأسهم افي التعاملات المبكرة امس في قطر والسعودية، وسط توقعات بأن تعيد فتح التجارة بين البلدين الحركية الاقتصادية الى سابق عهدها ونشاطها .
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هل ستشهد المنطقة انفراجا في عديد الملفات التي يتداخل فيها الدور الخليجي مثل الملف الليبي .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115