الذي اغتيل في ضربة شنّتها طائرة مسيّرة أمريكية قرب مطار بغداد...وقد تصاعد حجم التوتر في المنطقة بين طهران وواشنطن خاصة بعد تحذير الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إيران من حدوث أي هجوم يستهدف أمريكيين في العراق. خاصة وأن للرجل مكانة هامة داخليا وخارجيا وقد تقلدّ مناصب حساسة وكان له دور فاعل ومؤثر ومحوري في عديد الملفات الساخنة في المنطقة ، في سوريا وفي العراق واليمن و...
لقد حذّر قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، الجنرال فرانك ماكينزي، من أن بلاده «مستعدة للرد» في حال شنّت إيران هجوماً في الذكرى الأولى لاغتيال سليماني. في المقابل، حضّت إيران السلطات الأمريكية على عدم إثارة «توتر».
كما ان واشنطن خفضت أخيراً طاقمها الدبلوماسي في العاصمة العراقية.
ومنذ اغتيال سليماني يوم 3 جانفي 2020، كانت هناك خشية -حينها- من التصعيد المحتمل، لكن بعد عام من الاغتيال لم يقع رد إيراني فهل ستشهد المنطقة تصعيدا جديدا ؟
سيناريوهات متعددة
ويرى عديد المتابعين بأن للعسكريين استراتيجيات ومقاربات مختلفة عن السياسيين وان الرد العسكري الإيراني قد يتأجل لسنوات، إضافة إلى التصريحات السياسية التي لا تنتظر. فكثيرا ما تصاعدت التهديدات الكلامية المتبادلة بين طهران وواشنطن في عديد المناسبات دون ان تفتح الباب على مواجهات عسكرية مباشرة في الساحات التي يلعب فيها كل من الطرفين أدوارا متعددة.
وقد نفت الخارجية الإيرانية صحة اتهامات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للجمهورية الإسلامية بالتورط في الهجمات الصاروخية على السفارة الأمريكية في بغداد. وشددت الوزارة على أن هذه الاتهامات «مكررة، ولا أساس لها من الصحة، ومفبركة». وهناك مخاوف إيرانية من ان تقوم الإدارة البيضاوية بتصعيد متعمد للنزاع الإيراني قبيل مغادرة ترامب للحكم وذلك لحسابات داخلية تتعلق بتعطيل عمل الديمقراطيين وضع مزيد من الصعوبات أمامهم . فالمعلوم انه بالرغم من تغير الأساليب التي يعتمدها كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في ما يتعلق بسياسات أمريكا الخارجية ، الا ان الأهداف مشتركة وهي الحفاظ على تفوق إسرائيل العسكري والأمني والنووي في الشرق الأوسط وتحجيم أي دور لقوة أخرى وفي مقدمتها ايران .
وفي هذا السياق جاء تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة لينفي فيه ما اسماه بـ«مزاعم ترامب الأخيرة والاتهامات التي وجهتها القيادة المركزية للولايات المتحدة (سنتكوم) إلى إيران ليست إلا تصريحات واتهامات متكررة، لا أساس لها من الصحة ومفبركة»، حسب وكالة «إرنا» المحلية.
مواجهة مفتوحة
ويقول الكاتب والمحلل اللبناني المختص في الشؤون الإيرانية فيصل عبد الساتر لـ«المغرب» ان كتاب الحرب او الصراع المفتوح بين ايران والولايات المتحدة الامريكية يزداد تعقيدا مع مرور الزمن، فمنذ سنوات طويلة والمواجهة المفتوحة بين ايران والولايات المتحدة الامريكية تتخذ أشكالا متعددة، فمع كل إدارة تكون فيها المواجهة لها سمتها او هويتها او عنوانها، في حين ان الجانب الإيراني ثوابته معروفة وقواعد الصراع معروفة ومطالب الايرانيين كذلك». ويتابع محدثنا :«اما بالنسبة للإدارات الأمريكية المتعاقبة، ففي كل مرة كانت كل إدارة تطرح شروطا معينة على ايران او تقوم بأدوار معينة أو بخطوات مغايرة تجاه ايران، وبيت القصيد في كل ما يجري هو اشعار العدو الإسرائيلي بانه في مأمن عن الشعارات الايرانية وان ما تقوم به ايران من دعمها لحركات المقاومة لا يتأثر بشيء، وفي صلب هذا الموضوع البرنامج النووي الإيراني الذي شغل الإدارة الأمريكية على مدى عقود ولا سيما العدو الإسرائيلي الذي يعتبر نفسه مهددا من ايران بشكل أساسي. طبعا هذا الأمر جعل الإدارات الامريكية تتخذ العديد من الخطوات في سنوات مضت الى ان وصل الجميع الى اتفاق ما بين ايران وخمسة زائد واحد أي ما عرف بالاتفاق النووي». ويتابع :«هذا الاتفاق سرعان ما انقضت عليه الإدارة الامريكية بعد وصول الرئيس الحالي دونالد ترامب الى سدة البيت الأبيض فانسحب منه ووصفه بان الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية وقال انه على الإيرانيين ان يعودوا للتفاوض مجددا بشروط أمريكية وهذا ما رفضته ايران ورفضته الدول الموقعة من الدول الأخرى ولكن هذه الدول لم تلتزم بمخرجات الاتفاق النووي مع ايران ولم تقم بأية خطوة باتجاه ما عرف بانه تصلف امريكي تجاه ايران» .
هذا الأمر دعا الإيرانيين -بدورهم- الى إعادة التثبت في ثوابتهم وتوجيه رسائل تحذيرية الى الإدارات الامريكية والى كل من يعنيهم الأمر من الدول الموقعة على الاتفاق بان ايران في حل من أمرها من بعض الاتفاقيات وبالفعل بدأت تخفض من التزاماتها بهذا اتجاه. وفي هذه الفترة كانت ايران تقدم كل ما هو جديد في مستوى صناعاتها الصاروخية الدقيقة وفي ما يعرف بالصواريخ الباليستية. هذا الأمر جعل الإدارة الأمريكية في حالة خنق شديد على الإيرانيين باعتبار ان منظومة الصواريخ الباليستية -حسب مفهوم الادارة الامريكية- وتحديدا بمنطق الرئيس ترامب يجب ان تكون جزءا من هذا الاتفاق إضافة الى استعراض او نقاش ما تسميه الإدارة الأمريكية بالنفوذ الإيراني في المنطقة او دول الجوار ويعني اليمن العراق سوريا ولبنان وانه على الايرانيين ان يتراجعوا عن دعم جماعاتهم او «الميليشيات» حسب مفهوم الإدارة الامريكية».
كل هذه الأمور رفضتها ايران بدورها واعتبرت ان لاعلاقة لها للاتفاق النووي بهذه الامور وايران ترفض على التفاوض على أي ملف آخر خارج الملف النووي. مما يعني ان المواجهة مستمرة بين الإدارة الامريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية . ويبدو ان محاولات بعض الدول أيضا كسب ود او المضي مع ما تريده الإدارة الامريكية في الانحياز الى المطالب الامريكية من بعض الدول لاقته ايران برفض شديد وقالت ان على هذه الدول خاصة الدول الموقعة ان تلتزم بمندرجات الاتفاق التي انسحبت منه الادارة الامريكية وهو ملزم لبقية الدول حتى هذه اللحظة .
بايدن والتغيرات المتوقعة
اما فيما يتعلق بأية تغيرات قد تحصل في عهد بايدن يجيب محدثنا بالقول:«لا اعتقد ان ايران بصدد التراجع عن أي من مواقفها وهي متمسكة بالحق في الملف النووي ومندرجاته وعلى الآخرين ان يلتزموا بذلك . واذا كان جو بادين يلمح الى انه يريد ان يدخل بعض البنود الإضافية فهذا أمر اجابت عليه الإدارة الإيرانية بانه غير مقبول ولن تقبل ايران بهذه المقايضات وسترى ما المطلوب إنجازه في المرحلة المقبلة بعد ان يتسلم بادين الإدارة لترى سلوكه مع ايران وتبني على الشيء مقتضاه».
اما في ما يتعلق بطبيعة الرد على اغتيال القائد سليماني يرى محدثنا انه بمثابة وعد قطعته الإدارة الإيرانية على شعبها وان طبيعة الرد وتوقيته لازالا مفتوحين واكد ان ايران سوف تمضي بهذا الخيار لا محالة ولا تراجع وهي ستنتقم لدماء سليماني خاصة ان الذكرى السنوية لاغتياله قد اقتربت.
مع اقتراب الذكرى السنوية الأول لاغتيال سليماني: احتدام التوتر الإيراني الأمريكي وترقب لسيناريوهات الرد المحتملة
- بقلم روعة قاسم
- 09:54 25/12/2020
- 734 عدد المشاهدات
تعيش ايران على وقع الذكرى الأولى لاغتيال قائد «فيلق القدس» التابع لـ «للحرس الثوري» الإيراني الجنرال قاسم سليماني