الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في زيارة دولة إلى باريس: ماكرون بين دعم الشراكة الاستراتيجية وحماية حقوق الإنسان

اختتم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارته إلى باريس والتي بداها يوم الأحد 6 ديسمبر ودامت ثلاثة أيام التقى فيها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتباحثا

في الشؤون الحارقة في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط. وتدخل الزيارة في نطاق دعم «الشراكة الاستراتيجية» بين الطرفين.

وتأتي هذه الزيارة بعد حملة اعتقالات في مصر شملت مناضلين في مجال حقوق الإنسان وبعد تصريحات رسمية من جامع الأزهر ضد المساس من صورة الرسول محمد على خلفية تصريحات الرئيس الفرنسي الداعمة لحق المصورين في الكاريكاتير. وإثر «غضب» وزارة الخارجية الفرنسية المعلن بسبب إيقاف ثلاثة أعضاء من المنظمة غير الحكومية «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» خلال اجتماعهم بسفراء أوروبيين يوم 17 نوفمبر الماضي، قررت نيابة أمن الدولة في مصر يوم الخميس 3 ديسمبر إخلاء سبيلهم بعد عدة ضغوط دولية على السلطات المصرية. وقالت وسائل إعلام مصرية إن النيابة أخلت سبيل مدير المبادرة جاسر عبد الرازق وكريم عنارة ومحمد بشير، بعد تقديمهم ما يفيد تقنين الوضع القانوني للمبادرة. وأخلت النيابة سبيلهم «ما لم يكونوا مطلوبين على ذمة قضايا أخرى». واعتبرت مصادر دبلوماسية أن هذه خطوة «حسن نية» من قبل القاهرة قبل موعد زيارة الدولة التي التقى فيها السيسي بكبار المسؤولين الفرنسيين وبرئيسي البرلمان ومجلس الشيوخ وعمدة باريس. وأعلنت مصادر في قصر الإيليزي أن الرئيس ماكرون سوف يتعرض إلى «حالات خاصة» لانتهاكات حقوق الإنسان مع الرئيس المصري.

شراكة استراتيجية حسب باريس
تحادث الرئيسان في مسائل مشتركة تتعلق أساسا بالأزمة الليبية وبالتصدي للتوسع التركي في البحر الأبيض المتوسط وبملفات الصراع الفلسطيني «الإسرائيلي» وإيران ولبنان و تداعيات الانتخابات الأمريكية الجديدة. وكان الملف الليبي أهم المواضيع المطروحة بعد أن وقعت حكومة فايز السراج في ليبيا، المدعومة من الميليشيات الإسلامية التابعة لحركة الإخوان المسلمين، اتفاقا عسكريا مع الحكومة الإيطالية التي تنافس باريس في فرض نفوذها على مستعمرتها القديمة.
وأكد الرئيس الفرنسي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس المصري على أهمية «الشراكة الاستراتيجية» مع مصر كقطب استقرار في المنطقة في إطار «إرساء فضاء حضاري دون حكم بالإعدام أو خطاب كراهية عندما تنطق الحريات». وقال للصحافة ردا على حملة من المجتمع المدني الفرنسي: «اغتنم الفرصة للتطرق-كما يقوم به الأصدقاء في كنف الثقة وبصراحة تامة- لمسألة حقوق الإنسان.» مضيفا «سوف أكون على عهدي مدافعا على تفتح ديمقراطي واجتماعي ومجتمع مدني حيوي ونشيط». لكنه فسر أن موقفه لن ينبع من مقايضة التعاون العسكري والاقتصادي باحترام حقوق الإنسان قائلا بالخصوص: «اعتماد سياسة حوار يكون له أكثر منفعة من سياسة المقاطعة».
وكانت باريس قد قدمت دعما عسكريا دفاعيا لمصر تمثل في بيعها لها طائرات حربية من نوع «رافال» وزوارق بحرية وحاملة طائرات مروحية. ومن المفروض أن يتواصل التعاون العسكري في إطار التصدي للتحركات التركية في منطقة البحر الأبيض المتوسط وفي ليبيا بالخصوص. وهي استراتيجية تتقاسمها باريس والقاهرة في المنطقة حيث تدعم العاصمتان المشير خليفة حفتر في محاولته التصدي للمليشيات الإسلامية.

المطالب المصرية
من ناحيته بحث الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره الفرنسي إعادة العلاقات الثنائية إلى سائر نشاطها بعد تعطل ناتج على أزمة الصور الكاريكاتورية وبالخصوص خصوص احياء مشاريع الإعمار وفي مقدمتها ميترو القاهرة التي تتولى بناءه شركة فرنسية ومشاريع التنقيب على الآثار. ويعطي الرئيس المصري لهذا الملف أهمية قصوى من أجل اعمار المتحف الضخم الجديد الذي كلف مصر أكثر من مليار دولار والذي يعتبره عبد الفتاح السيسي لبنة هامة في سياسته الداخلية الرامية لجلب السياح و فرض مصر كقطب حضاري على المستوى العالمي.
وحسب بعض الأوساط الدبلوماسية والحقوقية يرغب الرئيس المصري من إيمانويل ماكرون الذي أشهر عدوانه للإسلام السياسي دعما ضد الإرهاب بتزويده بمعدات للمراقبة و التنصت تساعد أجهزة المخابرات المصرية على تعقب الجماعات الإسلامية التي تهاجم يوميا قوات الأمن و الجيش. وهو بذلك يريد أن يلعب دور الحارس الإقليمي الذي يحمي أوروبا من تفشي الجماعات الإرهابية و من موجات الهجرة غير النظامية القادمة من إفريقيا.
و كانت مجموعة من الجمعيات الحقوقية قد أرسلت نداء للرئيس الفرنسي قبل الزيارة داعية إياه إلى الضغط تجاه فرض احترام حقوق الإنسان من قبل النظام المصري واشتراط الدعم العسكري باحترام حقوق الإنسان.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115