و التي اندلعت شراراتها عام 1987 وتواصلت حتى عام 1994، لتصبح محطة هامة من مراحل النضال الفلسطيني .
كانت الحجارة آنذاك السلاح الوحيد الذي يملكه الفلسطينيون العزل أطفالا وشبانا وكهولا في رحلة بحثهم المستميت عن وطن مستقل ومحرر من الاحتلال. وكان حادث دهس سائق شاحنة إسرائيلي لمجموعة من العمّال الفلسطينيين على حاجز بيت حانون «إيرز»، شمالي قطاع غزة، في 8 ديسمبر 1987، الشرارة التي تسببت في اندلاع ثورة فلسطينية جديدة عنوانها الأهم هو استعادة الحقوق المسلوبة حتى آخر رمق . فقد امتدت المواجهات إلى مختلف مناطق قطاع غزة، والضفة الغربية. واستشهد خلالها 1162 فلسطينيا، بينهم حوالي 241 طفلا، فيما أصيب نحو 90 ألفا آخرين.
6 سنوات وحجارة الفلسطينيين لا تهدأ ولا تتوقف عن مواصلة بعث رسائل للعالم بأن إرادة هذا الشعب لا تقهر مهما بلغت الانتهاكات والاعتداءات والمؤامرات التي تحاك ضده . وكانت أهم نتيجة من نتائج هذه الانتفاضة توقيع اتفاقية أوسلو بين «إسرائيل» ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993. اعترفت خلاله :«إسرائيل» والدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، بالشعب الفلسطيني، وتأسيس حكم ذاتي في الضفة الغربية وقطاع غزة، تحت مسمى «السلطة الوطنية الفلسطينية».
وكان هذا الاتفاق الذي أثار ردود أفعال متباينة في الداخل الفلسطيني بين مؤيد ومعارض. واليوم بعد سنوات من توقيعه لايزال الجدل متواصلا ومحتدما بشأن تقييم دلالاته ونتائجه فيما يتعلق بمستقبل هذا الصراع .
في الحقيقة ذاكرة الفلسطينيين تعجّ بالانتفاضات والثورات وبالمجازر الصهيونية بحقهم وبالدماء المسالة في كل جزء من أجزاء هذا الوطن المحتل. وتحت ظل كل زيتونة مقدسة ، هناك روح أزهقت من أجل فلسطين وترابها وتاريخها وأصالتها ومقدساتها .
اليوم بعد 33 عاما يستذكر الفلسطينيون أحداث وتفاصيل انتفاضة الحجارة وهم يواجهون مخططات جديدة تقضم المزيد من أراضيهم وتسلبهم جزءا آخر من تاريخهم . ولكن رغم كل المؤامرات من سايكس بيكو الى صفقة القرن الى موجة التطبيع المتسارعة في المنطقة ، يبدو ان هناك تاريخا جديدا يكتب في المنطقة ككل وفي ملف الصراع الفلسطيني «الإسرائيلي».
وفي خضم كل هذه التحولات والمتغيرات الخطيرة التي حدثت في عهد ترامب من الاعتراف بالقدس عاصمة «لإسرائيل» الى نقل سفارة واشنطن اليها ، تطرح تساؤلات عديدة عما تحمله الإدارة البيضاوية الجديدة للفلسطينيين من مشاريع ترتبط بمستقبلهم وبمآل قضيتهم العادلة .