في الأسبوع الماضي بين محتجين مناهضين للحكومة ومناصرين للمرجع الديني مقتدى الصدر، على علاقة بالوضع الإجتماعي المتردّي وسط مطالب بإصلاحات شعبية عميقة .ويرى مراقبون أنّ المشهد الراهن في العراق يزيد من التحديات المطروحة أمام حكومة مصطفى الكاظمي خاصة وأنها تستعد لإجراء انتخابات مبكرة المقررة في 6 جوان 2021.
وتسعى الحكومة العراقية «إلى أن تكون الانتخابات القادمة حرة ونزيهة وتحظى بثقة الشعبب « كما طلب العراق من الأمم المتحدة تقديم الدعم وإرسال مراقبين لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد. إلاّ أن المشهد الراهن والتوتر والاحتقان اللذين يخيمان على الشارع العراقي يهددان بإجهاض هذا المسار علما وأن مظاهرات سابقة واحتجاجات شعبية أخرى كانت سببا في عرقلة الانتخابات وتأجيلها مع العلم أن المحتجين أجبروا قبل أشهر حكومة عادل عبد المهدي على الاستقالة في نوفمبر 2019، وحلت محلها حكومة الكاظمي منذ 7 ماي الماضي.
وأوفد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي وعددا من كبار المسؤولين إلى الناصرية للتحاور مع المحتجين، لكن حالة ظلت الغليان مستمرة.وبعد صدامات الأسبوع الماضي فرضت السلطات إغلاقا في محاولة لوضع حد للتظاهرات في المدينة العراقية الجنوبية، وأقالت قائد شرطة محافظة ذي قار ومركزها الناصرية، وفتحت تحقيقا في الأحداث.وكانت الناصرية مركزا رئيسيا للحركة الاحتجاجية المناهضة للحكومة والتي انطلقت في أكتوبر 2019، وتعتبر أن السلطات فاسدة وغير كفؤة ومرتهنة لإيران.
وقضى نحو 600 شخص في العراق في أعمال عنف على صلة بالاحتجاجات، دون محاسبة فعلية للمسؤولين. وتزامنت أعمال العنف التي سجّلت في الأسبوع الماضي مع الذكرى السنوية الأولى للأحداث الدامية التي سجّلت خلال انتفاضة العام 2019 والتي قضى فيها أكثر من ثلاثين شخصا على جسر الزيتون في الناصرية في 28 نوفمبر.
من جانبه، حثّ الصدر العراقيين في بيان له على «الاستعداد» للانتخابات التي وصفها بأنها «باب واسع قد انفتح» لفرض إصلاحات ضدّ الفساد.وأضاف «حققنا لكم تنصيب الكاظمي وتغيير قانون الانتخابات»، في إشارة إلى أن شعبيته ساهمت في تولي الكاظمي رئاسة الوزراء.
ملفات متراكمة
ويعد ملف الفساد في العراق من بين أهم الملفات والتحديات المطروحة أمام الحكومة الجديدة بقيادة مصطفى الكاظمي ،خصوصا في ظل تجدد موجة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالقطع مع منظومة الفساد والطائفية والمحسوبية.ورغم التحدي الذي تواجهه حكومة الكاظمي على الصعيد الصحي مع انتشار فيروس «كورونا»،يولي العراقيون أهمية بالغة لفيروس الفساد الذي ينخر البلاد منذ عقود طويلة مما يزيد من ثقل المسؤولية الملقاة على عاتق الحكومة الجديدة.
ويأتي تجدد الاحتجاجات الشعبية مرة أخرى ليبرز إصرار الشارع العراقي على محاربة الفساد وإجراء إصلاحات هيكلية عميقة بعد أن نخر الفساد أغلب دواليب الدولة، وبالتزامن مع تنامي المطامع والمؤامرات الخارجية لإرباك التحول الداخلي وكسب نقاط ضغط في الإقليم.
وفي خطوة اعتبرها مراقبون بداية للإصلاح يراهن رئيس الحكومة على تاريخ الـ6 من جوان 2021 وهو تاريخ إجراءات الإنتخابات، كحلّ جذري وعميق لإعادة البلاد إلى المسار الصحيح والخروج بالعراق من عنق الزجاجة بعد سنوات من الضبابية ومحاربة الإرهاب ومحاولات إعادة البناء والإعمار.
ويمثل ملف الفساد وملف كورونا والأدوار الخارجية في العراق أهم بنود الأزمة السياسة الحادة التي تمر بها بغداد منذ عام 2003 ، زادها تعاقب الحكومات وفشلها في إدارة البلاد ومالاقته من رفض شعبي وسياسي حاد. ويراهن البعض على الحكومة الحالية أساسا لفتح ملفات الفساد والإطاحة برؤوسه المنتشرة في أغلب إدارات الدولة .وتجد الحكومة نفسها أمام واقع اقتصادي وسياسي واجتماعي صعب وتحديات أصعب داخليا وإقليميا خاصة وأن تقارير عالمية وعراقية تؤكد أنّ الحكومة ستلجأ إلى اتخاذ تدابير اقتصادية صعبة في ظل احتجاجات شعبية متجددة قد تزيد من الضغوطات المفروضة على الحكومة الحالية .
آلاف المحتجين في العراق مع ارتفاع حصيلة قتلى التظاهرات: مساع حكومية لامتصاص غضب الشارع وحماية انتخابات 6 جوان المُقبل
- بقلم وفاء العرفاوي
- 10:43 02/12/2020
- 637 عدد المشاهدات
تشهد مدينة الناصرية في جنوب العراق هذه الأيام مظاهرات عارمة واحتقانا شعبيّا حادا بعد مقتل متظاهر خلال صدامات جرت