بولي العهد محمد بن سلمان مفاجئا. فقد جاءت في خضم مسار التطبيع الذي بدأت بانتهاجه بشكل علني ورسمي لأول مرة عديد دول المنطقة مثل الامارات العربية المتحدة والبحرين والسودان .
وحسب ما أفادت به وسائل الاعلام فإن رئيس وكالة الاستخبارات يوسي كوهين رافق نتانياهو في زيارته إلى موقع مدينة (نيوم) المستقبلية في شمال غرب المملكة والتي تعتبر أقرب نقطة إلى دولة الاحتلال «الاسرائيلي» وأنه التقى فيها مع الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو. واستغرقت الزيارة السرية، التي أجراها نتنياهو وكوهين مدة 5 ساعات، وفق الإعلام «الإسرائيلي».
يطرح هذا اللقاء تساؤلات عديدة حول نية الرياض الالتحاق بركب التطبيع رغم انها سبق ان شددت على تمسكها بموقف جامعة الدول العربية الممتد لعقود والذي جعل حل النزاع «الإسرائيلي» الفلسطيني شرطا أساسيا لإحلال السلام مع الدولة العبرية. فكل المؤشرات تؤكد بان موجة توقيع الاتفاقيات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية مع تل ابيب التي بدأت خلال الشهرين الماضيين لن تتوقف قريبا، رغم أنها كانت مرتبطة بالأساس بصفقة القرن ورغم ان الرئيس الأمريكي ترامب يستعد لتسليم السلطة لجو بادين رسميا في 20 جانفي المقبل.
وأثارت الزيارة ردود أفعال واسعة فقد وصفتها حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، امس بـ«الخطيرة». وقال سامي أبو زهري، القيادي في حركة «حماس»، على حسابه بموقع تويتر: «المعلومات حول زيارة نتنياهو للسعودية خطيرة، إن صحّت». ودعا السعودية إلى «توضيح ما حدث، لما يمثّله من إهانة للأمة وإهدار للحقوق الفلسطينية». اما قيس عبد الكريم، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، قال ان إن «استجابة السعودية للتطبيع مع إسرائيل يقود لتصدع في الموقف العربي» . وأضاف: «نحن نؤكد أن المحاولات جارية لجر السعودية لمواقع التطبيع مع إٍسرائيل، وهي محاولات ضارة».
وتابع: «الاستجابة لهذه المحاولات يمكن أن تقود إلى تصدع كبير في الموقف العربي، ويُحدث تأثيرا سلبيا أكبر مما كان عليه من خطوتي البحرين والإمارات». ودعا عبد الكريم، السعودية لرفض التطبيع مع «إسرائيل»، والالتزام بما أعلنته تجاه ذلك.
يشار الى ان اللقاء بين نتيناهو وبن سلمان تمّ بحضور وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الذي يزور المنطقة في آخر محطة له قبل مغادرته لمنصبه. ويبدو ان ملف اكمال صفقة القرن وخطة ترامب للسلام هي أحد أهم اهداف الزيارة . فالرياض رغم انها لم تعلن رسميا عن تطبيع العلاقات الا انها فتحت مجالها الجوي للرحلات الجوية بين الدول الثلاث. وكانت في السابق تحظر تحليق رحلات عابرة من وإلى «إسرائيل» فوق أراضيها استنادا إلى عدم اعترافها بـ«إسرائيل» كدولة وعدم إقامتها علاقات دبلوماسية معها.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف سيكون مصير «صفقة القرن»؟ مع تعيين وزير خارجية امريكي جديد خاصة ان المعطيات تؤشر الى احتمال تولي الدبلوماسي أنطوني بلينكن هذا المنصب . وكان المسؤول الثاني في وزارة الخارجيّة الأميركيّة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما عندما كان بايدن يشغل في ذلك الوقت منصب نائب الرئيس.
فملف تطبيع العلاقات ومستقبل القضية الفلسطينية سيكون من أولويات البحث على طاولة وزير الخارجية الأمريكية الجديد .
وتزامن لقاء نتيناهو مع بن سلمان مع وصول اول وفد إسرائيلي الى السودان امس بعد اتفاق البلدين في 23 أكتوبر على اتخاذ خطوات نحو إقامة علاقات طبيعية. ويضع مسار التطبيع الذي تنتهج بعض الدول المنطقة على فوهة بركان ويزيد من الصعوبات التي تواجه الفلسطينيين في معركتهم الكونية لنيل حقوقهم كاملة واسترداد حقهم في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .