في انتخابات الرئاسة الأمريكية على منافسه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب . ولعلّ من بين أهم الملفّات التي تنتظر الحسم أو تغيّر سياسة البيت الأبيض تجاهها الملف النووي الإيراني والعلاقات المتوترة بين طهران وواشنطن على امتداد سنوات حكم ترامب وسط آمال إيرانية بتغير النهج الأمريكي في عهد الرئيس المقبل جو بايدن.
ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكيّة تعيش في هذه الآونة حالة من الشدّ والجذب بسبب تشكيك ترامب في فوز منافسه بايدن ، إلاّ أنّ مصادقة ‘’واين’’ أكبر مقاطعة بولاية ميشيغان أمس ، على إبطال قرار سابق اتخذته بالامتناع عن المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت في الثالث من نوفمبر يمثل إعلانا رسميا لفوز الجمهوري جو بايدن ويقطع آمال ترامب نهائيا في عهدة ثانية رغم اتهامات التزوير التي طالت النتائج من قبل حملة ترامب.
وكانت حملة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب قد تقدّمت بطلب من أجل وقف فرز الأصوات في ولاية ميشيغان التي يصل عدد مندوبيها بالمجمع الانتخابي إلى 16، وقالت إنّ الجمهوريين تم منعهم من عد الأصوات في بعض مناطق الولاية وفق «سي ان ان». ولئن يرى البعض أنّ سياسة العقوبات التي شددتها ّإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، لن يكون التخلي عنها سهلا خاصة في ظل الضغوطات التي سيستمرّ الجمهوريون في فرضها على الرئيس المنتخب، يرى البعض الآخر أنّ توقيع الولايات المتحدة مجددا على اتفاق نووي مع القوى العالمية سيكون ضمن أولويات إيران والدول الغربية المعنية بذلك وستتقابله تحديات جديدة قد تفشل عودته أو قد تفرض شروطا أخرى للعودة إليه. يشار إلى أنّ طهران تخلت عن جميع القيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم بعد أشهر من انسحاب ترامب من الاتفاق، في حين حاول شركاء دوليون آخرون كالصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة وألمانيا، إنقاذه دون جدوى.
ملف إيران في عهد ترامب
وشهد الشرق الأوسط توترا وانفجارا غير مسبوقين خلال العهدة الرئاسية لدونالد ترامب، أبرزها الصدام بين طهران وأذرعها من جهة وواشنطن وحلفاءها في المنطقة العربية من جهة أخرى وقد وصل الأمر إلى حد طرح الخيار العسكري على الطاولة.
ويرى مراقبون أن سياسة الرئيس الأمريكي تجاه طهران زادت من حدّة الخلاف بين الطرفين خاصة وأن ساكن البيت الأبيض حشد خلال فترة حكمه حلفاءه من الخليجيين ضد طهران في سعي منه لعزل طهران عبر العقوبات الإقتصادية المشددة ضدها.
ودعا ترامب في بداية توليه الحكم عام 2016 «كل الأمم» إلى «عزل الديكتاتورية الفاسدة» في طهران وهو ما اعتبره متابعون ضوءا أخضر آنذاك من أمريكا لباقي الدول للحذو حذو سياستها العدائية ضد إيران لمنعها من حيازة السلاح النووي وتحجيم نفوذها في دول الشرق الأوسط أيضا.
ومنذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحكم، شهدت منطقة الشرق الأوسط متغيرات ارتبطت أغلبها بدور دول الإقليم في الملفات الساخنة لعل أبرزها الدور الإيراني في المعادلة السورية والملف العراقي على حد سواء . إذ لاشك أنّ السياسة الصدامية التي انتهجتها الادارة البيضاوية الجديدة تجاه ايران كانت مؤشرا على بدء مرحلة جديدة من العداء بين البلدين اللذين لم يمر وقت طويل على تجاوز التوتر بينهما بسبب ملف طهران النووي.
وبدأت المواجهة الحقيقية بين الطرفين بعد الإجراءات التي أقرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران منذ توليه الحكم بدءا بحظر دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة الأمريكية والدعوة إلى تحجيم الدور الذي تلعبه إيران في كل من العراق وسوريا واليمن، وآخرها انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي المثير للجدل والذي يضم ايران والقوى الغربية وأيضا استهداف الجنرال بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في غارة جوية أمريكية استهدفته في العراق.
هذا ويرى مراقبون أنّ الإدارة الأمريكية بدأت منذ تولي ترامب الحكم عام 2016 حربها ضد ايران عبر ضرب نفوذها المتزايد في مناطق الصراع وخاصة سوريا والعراق واليمن . وبما أن هذا النفوذ يثير خشية دول الخليج وإسرائيل وأمريكا على حدّ سواء فإن التحالف بين أمريكا ودول الخليج كان في أوجه خلال فترة حكم ترامب، خاصة وأن قرار الإنسحاب من الاتفاق النووي خلط الأوراق السياسية والعسكرية مجددا وأعاد تشكيل المحاور في لعبة الأمم الكبرى التي تجري في المنطقة بعد انخراط ترامب في سياسة «الوقوف في صف من يدفع أكثر» تنفيذا لتعهداته التي أعلنها خلال حملته الانتخابية آنذاك بأن بلاده لن تنخرط في حرب لحماية أي كان دون مصلحة.
خطوات من ترامب قد تعيق بايدن
ويطرح وصول بايدن إلى البيت الأبيض الكثير من التساؤلات حول مآلات الأزمة مع ايران وعن مدى ما تشهده العلاقات بين البلدين من متغيرات ملموسة. في هذا السياق قال محمد محسن أبو النور رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية «أفايب» لـ«المغرب» أن «دونالد ترامب سيحاول توريط الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن في مشاكل كبيرة مع إيران قبل مغادرته للبيت الأبيض بشكل يجعله غير قادر على تجاوزها بسهولة، وسيستغرق وقتا كبيرا إلى أن يجلس من جديد وعلى طاولة المفاوضات مع إيران».
وأضاف محدّثنا أنّ ترامب: «سيعمل على ذلك وبدأ بشنّ «هجمات سيبرانية» ضد طهران تعيق خطوات بايدن، وقد يحاول أيضا عرقلة المنتدى التجاري الأوروبي الغربي الإيراني الذي سوف ينعقد في منتصف ديسمبر المقبل ،كل هذه الخطوات قد تمكن ترامب من إعاقة حركة بايدن نحو إعادة بناء العلاقات مع إيران في الأشهر الأولى من ولايته الأولى».
وتابع أبو النور «يريد ترامب أان يعرض بايدن إلى أقصى درجة من درجات الحرج السياسي تجاه سياسته المرتقبة إزاء إيران، فتشديد العقوبات قد يكون خطوة ذكية لأن إيران لديها شرطان للعودة للتفاوض مع أمريكا وهما: إزالة الإجراءات التي خرجت عبرها على أربعة خطوات من الاتفاق النووي وعودة أمريكا إلى الاتفاق النووي، عودة أمريكا إلى صلب الإتفاق ممكنة في عهد بايدن لكن رفع كل العقوبات بهذه الوتيرة وهذه السرعة قد يعني أن بايدن تخلى عن تعهدات الديمقراطيين التاريخية المتعلقة بالعقوبات على صلة بوضع حقوق الإنسان ووضع السجناء في إيران وبالتالي أعتقد أن ترامب قد يصيب عصفورين بحجر واحد وهو تعسير المهمة على بايدن وخامنئي الذي سيكون مجبرا بدوره على التنازل عن بعض الشروط».