الباحث العراقي في الشؤون الدولية نصيف الخصاف لـ«المغرب»: «الإنتخابات الأمريكية تعكس هذه المرّة صراعا ثقافيا داخليا حادا»

• «لن يحصل تغيير كبير في سياسة أمريكا إزاء قضايا الشّرق الأوسط بغض النظر عن الرئيس»
قال الكاتب العراقي نصيف الخصاف لـ«المغرب» أنّ الانتخابات الحالية في أمريكا هذه المرة أبرزت صراعا

بين من يريدون لأمريكا أن تكون ذات توجهات عرقية بيضاء ومن يريدون للولايات المتحدة أن تكون متعددة القوميات والأعراق والمذاهب . واعتبر أنّ بعض دول الخليج قلقة من فرضية وصول بايدن إلى البيت الأبيض لاعتقادها انه سيغير من نهج تعامله مع إيران .
• لو تقدمون لنا قراءتكم للإنتخابات الأمريكية التي يستعصي إلى حد الآن حسمها؟
تختلف الإنتخابات الأمريكية هذه المرة عما سبقتها لأسباب عديدة من بينها أنها انتخابات تعكس «هذه المرة» صراعا ثقافيا داخليا حادا، صراعا بين من يريدون لأمريكا أن تكون ذات توجهات عرقية بيضاء تميل لمن هم من أصل أوربي كمواطنين أصليين وهذا التوجه يمثله ترامب وأتباعه، وبين من يريدون للولايات المتحدة أن تكون متعددة القوميات والأعراق والمذاهب وهؤلاء لا يمثلهم بايدن كمرشح يمثل هذا التوجه بقدر ما كان ناخبوه لا يحبذون بقاء ترامب في البيت الأبيض.
• كيف ترون خطاب ترامب وتشكيكه في النتائج التي تبرز إلى حد الآن تقدم بايدن عليه؟
خطاب ترامب وسلوكه أقرب إلى خطاب الشارع بل الى الشارع المتعصب وليس خطابا نخبويا يعكس وجه دولة تريد لنفسها تبوء زعامة العالم الغربي وتطلعاته ، والحقيقة أن بايدن رغم انه ليس الخيار الديمقراطي الأفضل أمريكيا فقد كان يمكن أن يكون بيني ساندرز أفضل بكثير لكن ساهمت في هذا الاختيار مراكز أبحاث بالية تابعة للحزب الديمقراطي أكثر مما ساهمت قاعدة الحزب في هذا الإختيار.
• من هو الأفضل للعالم العربي بين ترامب وبايدن؟
لا يحدد السياسة الأمريكية الرئيس فقط فهناك أكثر من مؤسسة تبلور الموقف الأمريكي إزاء كل موضوع يخص العلاقات الخارجية، لذلك لن يكون هناك تغيير كبير في سياسة الولايات المتحدة إزاء قضايا الشرق الأوسط.
ويتميز ترامب بسياسة غير مبالية تجاه العرب بل استطيع أن اسميها سياسة إملاءات وسياسة أقرب إلى سياسة السيد والأتباع.فهو لم يعر اهتماما لموقف العرب إزاء اعترافه بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل» لأنّ العرب لا يشكلون بالنسبة له مشكلة والدليل ذلك اتفاقات السلام مع بعض الدول العربية التي لم تشكل بالماضي تهديدا لإسرائيل لكنه يريد أن يقول أنا اعترفت بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل» وها هم يعترفون بها.
• لماذا يؤيد البعض في الشارع العربي فرضية فوز ترامب بفترة ثانية ؟
غير العرب اتجاه بوصلة عدائهم من إسرائيل التي تحتل أراضي خمس دول عربية إلى إيران التي مكنها كما كانت ولازالت تمثل عمقا للعالم العربي في صراعه مع «إسرائيل» لكن الإعلام الغربي نجح في خلق عدو جديد يشغل به العرب ويبيع أسلحته لهم بدعوى ما يشكله هذا العدو من تهديد لوجودهم.
ويعتبر الشارع العربي أو بعضه ضحية إعلام غير مسؤول أو غير مبال إزاء قضاياه المصيرية ومنها قضية فلسطين وهو لذلك يحبذ بقاء ترامب في السلطة لما انتهجه من سياسة حادة إزاء إيران و نجاحه في عزلها سياسيا واقتصاديا عن العالم ومحاولة فرض طريقة تعامله معها على العالم. هذا هو السبب الرئيس لتفضيله على غيره من المرشحين.
• لماذا يؤيد شق آخر فوز بايدن ؟
يريد بايدن أن تكون السياسة الأمريكية أكثر عقلانية واقل تطرفا وأقل حدة مع الجميع ولا اعتقد أن من بين العرب من هم قلقون فعلا من مجيء بايدن إلى البيت الأبيض بإستثناء بعض دول الخليج التي تعتقد انه سيغير من نهج تعامله مع إيران ولن يكون تعامله بذات النهج الذي اختطه ترامب معها وهذا احتمال وارد ولكنه لن يحدث بين ليلة وضحاها.
• هل تتوقعون تغيرا في السياسة الخارجية لواشنطن تجاه الشرق الأوسط إذا ما حقق بايدن الفوز ؟
ستكون التغيرات في السياسة الخارجية الأمريكية في حال فاز بايدن بطيئة وليست سريعة وحادة، وأعتقد انها لن تتغير كثيرا لمدة عام على الأقل لكنها ستشهد تغيرا بطيئا تجاه كل قضايا الشرق الأوسط.
سيحاول بايدن مثلاً وضع حد للتوجهات والسياسات التركية ومحاولات تدخلها في بعض دول الشرق الأوسط مثل ليبيا وسوريا والعراق وحتى أرمينيا واذربيجان،كما انه سيحاول الدخول في مفاوضات لتسوية الملف السوري مع روسيا او قد يصعد المواجهة هناك من أجل وضع تفاوضي أفضل.
لن تشهد قضية فلسطين تغييرا كبيرا لكنه لن يكون مؤيدا لـ«إسرائيل» في كل ما تريد كما كان ترامب وقد نشهد انفراجا بطيئا في العلاقة مع إيران ولكن ذلك لن يكون بالعودة السريعة للاتفاق النووي وهذا لا أعتقد أنه سيحدث. سيستفيد مما وصل إليه ضغط ترامب مع إيران لتوسيع الإتفاق ربما بنسخة سرية تحد من نفوذها وتدخلاتها في المنطقة وليس بالضرورة أن يشمل برنامجها الصاروخي كما كان يريد ترامب. هذه ستكون أهم التغيرات المحتملة في السياسة الأمريكية تجاه قضايا الشرق الأوسط.
• تعامل ترامب مع النتائج المنشورة إلى الآن ،عبر التشكيك واتهامات التزوير، هل ستعزز نزعة الانقسام في المجتمع الأمريكي بغض النظر عن النتيجة؟
بدأت نزعة الإنقسام منذ تولي ترامب للسلطة وتعززت بعد حادثة مقتل المواطن الأسود فلويد على يد الشرطة وخروج تظاهرات ضد التمييز العنصري في تعامل الشرطة مع المواطنين حسب لون بشرتهم. لكنها قد تشهد تصاعدا بسبب تمسك ترامب بالسلطة ومحاولته الطعن بنزاهة الانتخابات كمبرر للبقاء في السلطة رغم أن ذلك غير ممكن عمليا لكن بعض أتباعه ومؤيديه تجمعوا حول بعض مراكز التصويت وهم يحملون أسلحة مما يشي باحتمالية اندلاع اشتباكات بعد إعلان فوز بايدن.
وهذا النوع من الإضطرابات يمكن أن يستمر عدة أيام أو ربما لأسابيع ولكن سيتم احتواؤها بالنهاية ، الخطورة تكمن في التشكيك بالنظام الإنتخابي ونزاهة الإنتخابات وإذا استطاعت حملة ترامب إثبات ذلك فستنزلق الأمور إلى مستويات أخطر واشد من العنف الذي يشبه ما يحدث في بلدان حديثة العهد بالديمقراطية مثل العراق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115