رسائل روسية مباشرة بشأن إدلب... هل تفهمها تركيا ؟

تتجه كل الأنظار اليوم في سوريا إلى المناطق الشمالية من محافظة إدلب المحاذية لجنوب غرب تركيا والتي تعد المعقل الأخير

للجماعات المسلحة في سورية، وتحاول تركيا المراوغة للدفاع عن هذه الجماعات المسيطرة على مدينة إدلب، حيث حاولت أنقرة أكثر من مرة تأخير معركة إدلب وسعت لمنعها بهدف الإبقاء على مشروعها ومخططها الاستعماري في قضْم وابتلاع أراضٍ جديدة في العُمق السوري، من هنا يستميت أردوغان في الدفاع عن التنظيمات الإرهابية في إدلب، ويحاول طمأنتها بأن قواته قادرة على منع الجيش السوري وحلفائه من اقتحام المدينة، الأمر الذي دفع وزير الخارجية السوري الى صفعه وتذكيره بأن «إدلب محافظة سورية».
في ظل التغيرات الميدانية التي تجري فيما يتعلق بتحرير إدلب، قصف الطيران الروسي المقر الرئيسي للفصيل الإرهابي المسمى «فيلق الشام» في روسيا، بذلك لاحت في الأفق رسائل مباشرة من روسيا لتركيا بهذه الضربة الموجعة، ويعد فيلق الشام أحد أهم تشكيلات ما يسمى بالجيش الوطني المدعوم من أنقرة.
وهذه الضربة هي أول ضربة من الروس تستهدف مقراً عسكرياً لفصيل تدعمه تركيا بعد الاتفاق الذي جرى من قبلهم، و يعتبر الفيلق أحد أكثر الفصائل قُرباً من تركيا، كما أنه كان مرافقاً للدوريات المشتركة الروسية التركية على الطريق الدولي حلب اللاذقية (M4)، التي جاءت كأحد أبرز بنود اتفاق سوتشي، الموقع بين الرئيس التركي أردوغان، ونظيره الروسي بوتين.
وفي هذا السياق أرادت روسيا من خلال ضربتها الجوية إيصال رسالة تهديد لأردوغان، بعد موقفة العدائي في أذربيجان، فبوتين يريد أن يقول لأردوغان لابد من خفض التصعيد في أذربيجان مقابل خفض التصعيد في إدلب، خاصة وأن روسيا كانت ضد موقف تركيا في ما يتعلق بأزمة أرمينيا وأذربيجان، كما تريد روسيا تقويض قدرة الفصائل المسلحة، التي تعمل منذ توقيع اتفاق سوتشي على تعزيز قدراتها، وتعويض الاستنزاف الذي تعرضت له روسيا، بسبب العديد من العمليات الإرهابية المستمرة التي تقوم بها هذه الجماعات.
وتركيا التي لم تتأخر يوماً عن دعم الإرهاب، أصبحت تجد نفسها اليوم أمام واقع مُغاير رسخه الدور الروسي في سورية والمنطقة بأكملها، فالتدخل العسكري الروسي في سورية قلب المعادلة في سورية، و استطاع الجيش السوري استعادة واسترداد المناطق القابعة تحت سيطرة داعش والقوى المتطرفة الأخرى، كل ذلك يؤكد على ان سورية اليوم ترسم ملامح العزة والكرامة رغم كل المؤامرات التي تحاك ضدها وأن خطاب النصر النهائي الذي سيعلنه القائد العام للجيش والقوات المسلحة بات قريباً، وأن معارك القوى المتطرفة وأخواتها باتت نهايتها قريبة في سوريا.
من مجمل هذه التطورات يمكن الاستنتاج بأن هناك رؤية إستراتيجية موجودة في كل الأوساط الروسية وعلى أعلى المستويات مفادها أن سوريا القوية يمكن ان تسهم في عودة الاستقرار مرة أخرى إلى منطقة الشرق الأوسط المضطربة، كما توجد رؤية إستراتيجية ثابتة وهي دعم سورية في كل الأوقات بغض النظر عن الموجودين في السلطة.
هل تفتح تركيا على نفسها باب جهنم ؟ وهو الثمن الذي ستدفعه نتيجة أخطائها في سوريا وسعيها الفاشل لإسقاطها، وإنطلاقاً من كل ذلك، لم يتبق أمام تركيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا أن تتراجع في سياساتها الداعمة للجماعات المسلحة، والإنخراط في التسويات والترتيبات الإقليمية والدولية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، كما يجب عليها إعادة النظر في الرهانات السياسية الخاطئة قبل فوات الأوان، خاصة بعد ان بدأت روسيا وسورية تشكلان محور القوة والتصدي لأي عدوان خارجي يهدد أمنيهما واستقراريهما.
إن الحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين بأن ساعة الرحيل التركي من سوريا ليست بعيدة لأن الجيش السوري يسير من انتصار إلى انتصار رغم المصاعب والمؤامرات، وأن سوريا لن تعود إلى الوراء مهما حاول الواهمون لأن أبناءها قادرون على تخطي هذا المرحلة بكل قوة وعزيمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115